مقتل قاسم سليماني بداية مشروع كبير

محمود برو
باعتقادي أن مقتل كلاً من قاسم سليماني و أبو مهدي المهندس هو بداية ٌ لمرحلة جديدة. من خلال متابعتي للسياسة الأمريكية (بالذات الخارجية منها)، أرى بأنها تقوم بتشكيل كيانات أو أشخاص و تحدد لها واجبات لتقوم بها مئة في المئة و تبرمجها لخدمة أمريكا و مصلحتها. أمريكا في عهد أوباما، في عام ٢٠١٥، أبرمت الاتفاق النووي مع إيران لتضع بذلك حداً لتخصيب اليورانيوم. في المقابل تغض أمريكا الطرف عن تحركات إيران في المنطقة و بالذات في الدول مثل لبنان، اليمن، العراق و سوريا. حتى الآن كانت المصلحة مشتركة فيما بينها.
من جهة أخرى، التفاهم السري بين إيران و إسرائيل مازالت مستمرة. هذا ما نسمعه جهاراً و علناً على لسان حسن نصرالله و الذي هو أحد أذرع نظام الملالي في لبنان و المنطقة. و هذه إحدى المهام الموكلة لحماية أمن إسرائيل.
بعد أن أدركت أمريكا بأن رجلاً ك قاسم سليماني قد وصل إلى مرتبة عالية في النظام الإيراني و بات المنظم و الموجه للقوى الشيعية في المنطقة، و بأنه لم يعد مطيعاً كما ينبغي، بدأت تخطط لتصفيته. تماماً كما فعلت مع أسامة بن لادن في عام 1969 ومابعد, عندما قامت أمريكا بتدريبه و دعمه على أعلى المستويات لاستخدامه ضد السوڤييت في أفغانستان. في النهاية و في عام ٢٠١١ قامت بإنهائه بعد أن أنهى هو مهمته. و هناك مثال واضح ما زال في أذهاننا، ما حصل لِ صدّام حسين في البداية دعمته أمريكا ضد الكرد، وفي العام ٢٠٠٣ تم اعتقاله و تمت محاكمته و فيما بعد إعدامه. في هذه الأثناء كانت أمريكا الداعم الأساسي 
للكرد في العراق.
هكذا هي السياسة الأمريكية تحاول دائماً تحقيق التوازن بين القوى المتصارعة في المنطقة، تارةً تساند حلفائها و تارةً أخرى تتركهم في مواجهة مصيرهم بعد أن تكون قد حققت ما تصبو إليه. بهذه السياسة لا تسمح ببروز قوى أو دول قوية في المنطقة أو حتى في أوروبا. على سبيل المثال كان ترامب من أوائل الذين أيّدوا خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، و هو الذي وقف ضد اقتراح ماكرون حول تشكيل جيش خاص بالإتحاد الأوروبي. و مازلنا نحن الكرد نتذكر بسوداوية ما حدث إبان استفتاء كردستان الجنوبية من تسليم كركوك للشيعة، و الآن انعكست الآية.
بتصُّوري هذه المرة قد دخل مشروع شرق الأوسط الجديد قد دخل حيّز التنفيذ. و أنا على يقين بأن مكتسبات الكرد ستكون كبيرة، و خاصة في أجزائها الشرقية و الغربية و الجنوبية. لأن الدور الإيراني سيتقلّص بشكل ملحوظ في المنطقة و خاصة في العراق، سوريا و لبنان و الدول التي لإيران أذرعٌ فيها. و الدور الذي يلعبه الحشد الشعبي سيتلاشى شيئًا فشيئاً، ولن يكون أمامه إلا خيار الإنسحاب من كركوك و شنگال تحت الضغط الأمريكي. كما سيكون الضغط الأمريكي على الدول الصديقة لإيران كبيرًا حتى تدير ظهرها لإيران و تنضم للحلف الأمريكي.
كما أن الدعم الأمريكي للمعارضة الإيرانية سيزداد و من بينهم الكرد، كما سيكون الكرد في روزآفا لهم نصيباً من هذا الدعم لقطع الطريق أمام أية علاقة مستقبلية بين الإدارة الذاتية و النظام السوري. و هكذا فإن هذا الخيار الذي اتخذته السياسة الأمريكية في المنطقة في بداية هذا العام ٢٠٢٠ سيكون على المدى الطويل.
في هذه اللعبة السياسية أنا متيقّن بأن في كردستان الغربية (روژآڤا) سيكون لهم النصيب الأكبر، و ليس بأقل منهم في كردستان الشرقية (روژهلات)، أما في كردستان الجنوبية ( باشور) ستكون الفرصة متاحة لإعلان دولة كردية قوية. لأن أمريكا و الدول الأوروبية لن تجد بديلاً أوفى من الكرد، و لأن الكرد من الشعوب المنفتحة على القيم و الأفكار المدنية و أسس الدول الحديثة و بإمكانهم قطع الطريق أمام الإرهاب و الفكر الديني المتطرف.
فريدريكستاد 05.01.2020

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…