بقلم المحامي عماد شيخ حسن
بمنطقٍ سلسٍ و بسيطٍ جداً سوف أسعى لأن أطرح تحت العنوان أعلاه رؤيتي حيال جانبٍ مصيريٍ من واقعنا ، راجياً منكم بأن نتساعد سويةً في تصحيحها إن شابتها (أي رؤيتي) ثمة عيوبٍ أو تشويه ، أو أن نتساعد قدر المستطاع في إيجاد الأفق و الحلول إزاءها .
تتمثل تلك الرؤية في أننا لن ندفع الشر و المعاناة عن أنفسنا و لن ننعم في المقابل بالحقوق و الاستقرار و مثيلاتها يوماً طالما بقينا نحمّل و نلقي وزر ما نحن فيه كاملاً على غيرنا ، و طالما لم ينطلق كلّ منا من نفسه و ذاته أولاً و يراجع حساباته و يضعها في ميزان الربح و الخسارة و ما جناه من محصّلة فكره و قناعاته ، و البحث سنداً لذلك عن الأسباب و سبل العلاج .
فبهذا فقط نستطيع حسب اعتقادي بأن نبني الأساس السليم للتغلب على مشاكلنا أو مواجهتها و الحدّ من آثارها علينا على أقل تقدير .
و هذا المنطلق و الاعتقاد يدفعني للقول بوجوب أن يضع كلّ منّا و بتجرّدٍ تام من العواطف آيديولوجته التي يؤمن بها و الحزب أو الهيكل التنظيمي الذي ينحاز اليه و يراه الأقرب الى التعبير عنه و تمثيله و من ثمّ يضع ذاك الحزب أو الهيكل في ميزان التقييم و المراجعة وما حقّقه له و جناه منه حدّ اللحظة .
و هذا بدوره يقودنا و حسب ملاحظتي بأن كياناتنا و هياكلنا الحزبية بفكرها و حالها هذا و بصورتها التقليدية هذه أوصلوني الى قناعة مفادها بأنها لم و لن تجلب لنا و علينا إلا الكوارث و المصائب نتيجة جملة هائلة من الأسباب لا نستطيع احصاءها و الخوض فيها و سنكتفي بالوقوف و بإختصار على ابرزها من الأسباب التي ستكفي لأن تعيننا على التسليم بأن لا خير يرجى فيها و منها .
فالتنظيم في المجتمعات قرّائنا الأكارم كمبدأ هو بلا أدنى شك أساس و محور و سبيل بناء المجتمعات و نهضتها و لكن حينما يكون أساس نشأة التنظيم و الغاية المعلنة منه في واد و الحقيقة و المخفي و المكتوم و المدّبر منه و وراءه خلافه تماماً و في وادٍ آخر فذلك هو الوبال الأعظم .
و هذه هي حقيقةً حقيقة أغلب تنظيمات مجتمعنا الكوردي أو ربما جميعها و بكل أسف .
هذه التنظيمات و الأحزاب التي آنت برأيي أن نتمتع بالجرأة و الصراحة الكافيتين في البوح بشأنها و إعلان مواقفنا منها و تقييمها لا بل فضحها و وضعها منزلة الإدانة و المحاسبة .
تلك الإدانة و المحاسبة التي لا أظنّ من أنها باتت بعد الآن تملك أمامها أدنى فرصة للتنصل منها أو الدفاع عن نفسها و إيجاد قيد أنملة من الأعذار و المبررات حيالها .
الصحوة تفرض علينا بأن نعلن بأن هياكلنا و تنظيماتنا و أحزابنا الكوردية أو أغلبها ولدت و قامت و نشأت من الأساس بأيدٍ معادية لا تستهدف نكران حقوقنا فحسب بل تستهدف وجودنا ككل ، أي أنّ أمّ التنظيم و صانعه بالأصل جهةٌ استعمارية و كل الحقائق و تفاصيل الحال و الممارسات التي لا مجال لذكرها لا تبرهن يقينا إلا ذلك ، و كل تلك التنظيمات موزعةٌ بمنهجيةٍ متقنة بين الجهات المستعمرة للكورد لتنفيذ اجنداتها في القضاء عليهم .
و لكي لا يتهمنا من لا يزال في سباته و اسيراً للخديعة الكبرى بأننا نطلق الأحكام جزافا و دون أدلة و أسس رغم سطوعها سطوع الشمس في وضح النهار ، دعونا نطرح المسألة من بابٍ أو زاوية أخرى و نقول :
دعك من كل ذلك و للننظر الى الموضوع نظرةً بسيطة جداً و بمعيارٍ تجاريً صرف أو بضاعة مثالاً و السؤال ؟؟؟
أليس من الطبيعي و البديهي لصاحب كشكٍ صغير أو بسطةٍ حتى ، إجراء كشفٍ لحسابه بين الحين و الآخر ليقف على حجم الارباح و الخسائر و على أساسها يحاول التغيير و ادراك الاسباب و ما الى ذلك و بالنتيجة إما يقرر الاستمرار إن أفلح في علاجها و وجد سبيل الكسب و إما يترك قبل أن تثقله الديون و المصائب .
فما بالنا هنا بحزبٍ أو أحزابٍ تتصدر عشرات العقود مشهد تمثيل شعبٍ بأكمله و تسخّره بشراً و موارداً و لا تقود هذا الشعب إلا من كارثةٍ الى وبالٍ الى هاوية و دون أبسط إنجازٍ يذكر في المقابل و دون أن تراجع ذاتها أدنى مراجعة أو أن تقرّ و تعترف و لو لمرة واحدة و لو تمويها حماقة واحدة من حماقاتها أو حتى ذلة لسان وقع فيها أحد من قياداتها .
خلاصةً …لا يعني ما ورد ذكره أعلاه بأنني أهين من يرجون أو يتأملون خيراً في حزب أو تنظيم ما من احزابنا و تنظيماتنا ، لا معاذ الله ، كما لا أشكك في وطنيتهم و إخلاصهم إطلاقاً ، بل كل ما أرجوه هو أن نمنح أنفسنا بعض الوقت للمراجعة و التقييم و التفكير وفق نظرية المؤامرة و الوسواس و الشك تجاه من نعتبره مثلاً اعلى لنا ، و حتما سنصل الى الكثير من الحقائق و سنكتشفها .
و بالنسبة لي و بمنتهى الشفافية أقول :
بأن المشهد قادني ليقينٍ موجزه ….أنّ هناك ثلّة خائنة أو اسيرة المادة و المصالح تابعة للمستعمر سمّها ما شئت هي المسيطرة على ارادة و ادارة تنظيماتنا السياسية و توجيهها و قيادتها و آن لنا نصحو على تلك الحقيقة مهما كانت مريرة .
دمتم في رعاية الله و حفظه
المانيا في ٢/١/٢٠٢٠