أي مستقبل لحزب أحمد داود أوغلو: المستقبل ؟

 إبراهيم محمود
سيكون هناك من يفرح كثيراً، بسماع صوت الأكاديمي، أولاً، والسياسي والدبلوماسي التركي ثانياً: أحمد داود أوغلو ” 60 عاماً ” وقد أعلن عن إنشاء حزب جديد سمّاه حزب المستقبل    Gelecek Partiنكاية  
بأردوغان : كرداً وغير كرد. إنما على الكرد تحديداً، ألا يفرحوا، إذ إن تاريخ تركيا الحديث يعلِمنا ومنذ عام 1924 ” ما يُسمى بولادة الجمهورية التركية ” أنه تاريخ قمع متنام للكرد قبل سواهم، وما يجري في روجآفا، امتداد لتلك السياسة الأتاتوركية وحتى العثمانية، مع زيادة في جرعة القمع المكثَّف. وما أفصح عنه أوغلو وهو يتحدث عن مشروعه السياسي المستقبلي، جاهرَ بحبه لتركيا والأتراك، وتعهد بحمايتهم، والسير على نهج أتاتورك، وحماية العلويين. وليس من إشارة يُرتاح إليها بالنسبة للكرد. طبعاً. فالسلالة الأتاتوركية، لكي تثبت جدارتها السياسية لا بد من إعلان الكرد في حكم المغيَّبين “.
أوغلو الباحث الأكاديمي والسياسي المعروف، متقن لغات عديدة ” ومنها العربية إلى جانب الانكليزية وغيرهما “، والمركّز كثيراً على العمل الجامعي، يقتفي آثار سابقيه، في إلحاق العلْم بما هو إيديولوجي، وليس حباً في التنوير الجامعي النسب ” وهو ما انشغل بتشريحه اسماعيل بيشكجي وفضْحه في مختلف كتبه، ومنها سبعة أجزاء، تكاد تغطي ثلاثة أرباع القرن، في إطار: المنهج لعلمي وكيفية اصطناعه في تركيا “، وبمجرد تشديده على إخلاصه لمبادئ أتاتورك ” التعويذة التركية التي تضمن سلامة لمن يراهن على أصغر منصب سياسي “، حتى يفقد العلم كلَّ ما يعرَف به من تناغم مع الواقع وحقيقة مكوناته.
طبعاً، في مقدور أي كان، أن يتحدث عن صاحب نظرية ” العمق الاستراتيجي ” الكتاب الضخم والمثير للجدل، لأوغلو، وهو يرسم السياسة الخارجية لتركيا المستقبل، لتبقى في واجهة دول العالم بالتأكيد، وعن خلافاته التي تعمقت في الآونة الأخيرة مع صديقه الحميم سابقاً في حزب العدالة والتنمية ” أردوغان “، وهو يظهِر المسار الضيق والكارثي لسياسته، والصورة التركية التي ساءت مقداراً واعتباراً حتى في الداخل، والصراعات التي اشتعلت بينهما في الآونة الأخيرة…الخ، سوى أن ذلك لا يجب نسيان أن أوغلو لن يكون حامل ربع ظل من بذل جهداً لافتاً في هذا المضمار قبل ثلاثة عقود من الزمن ” توركوت أوزال “، كما هي مانشيتاته المشكلة العمود الفقري لحزبه ” المستقبل “. فدم الكردي حرام، أو مجرثم، والكردي لازال طي الحظر في المنشأة الأوغلوية الكمالية، كما يظهر.
ويدرك أوغلو جيداً، أنه لن يستطيع الإقلاع كما يتصور، لتحسين نسبي في الصورة التركية، وأن مدخله الأوحد والمركب:
الإبقاء على المتراس الأتاتوركي، وتغييب الكردي، ليتمكن من التنفس والتحرك كأي سياسي تركي مألوف، وهو على بيّنة، أنه لا يملك قوة أردوغان وهي بقاعدتها الشعبية والمرتبطة بالعنف المفعل، لهذا تكون مهمته صعبة.
ولا أظن أن من المفيد البحث فيما يمكن أن يجري غداً في هذا المضمار، ما يمكن توقعه من أوغلو بصدد الديمقراطية، بطابعها التركي المعروف، إنما مع جعْل الاستثناء للقاعدة: الكرد خارجاً، أو ما سيقوم به أردوغان ضد أوغلو:ه، فذلك لن ينفعه في شيء، في ضوء الإحداثيات السياسية، بمقدار ما ينفعه ذلك في أمر واحد: كيف يعرف نفسه، كيف يقيم علاقة سوية مع كرديه الآخر ” من بني جلدته ” على الأقل متصرفاً مثل عرّاب العمق الاستراتيجي المتصدع تركياً، أي أوغلو، وهو يطمئن أتراكه، وكل من يعيش في تركيا باعتباره تركياً، وإن مارس عزفاً عابراً على وتر خصوصيات القوميات في تركيا، وما في ذلك من مخاتلة ومكر، حيث لم يُسمّ الكرد، وهم القومية الكبرى بعد التركية، بل الأكبر، لحظة النظر في حقيقة نسب كل منهما، وكان عليه تسميتها في الواجهة، ولأكثر من مرة، وهذا لم يحصل.
نعم، على الكردي: السياسي، ومعه الباحث في هذا المسار، أن يكون مثل أوغلو، وهو يطمئن ” أتراكه ” وهو ينوّه على إخلاصه لمبادىء أتاتورك. فهل لدى سياسينا الكردي، وكاتبنا الكردي المشغول بما هو كردي عام، وواقعاً، مثل هذا التأكيد قولاً وفعلاً ؟ أن نتعلم من أعدائنا، طريق واحد، لا مفر منه، لنعرف أنفسنا، وليس أن نتعلم من شقاقاتنا، لنمضي من خلالها إلى التعامل مع من هم أعداء الكرد!
إما- أو !

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

رياض علي* نظرا للظروف التاريخية التي تمر بها سوريا في الوقت الحالي، وانتهاء حالة الظلم والاستبداد والقهر التي عاشها السوريون طوال العقود الماضية، وبهدف الحد من الانتهاكات التي ارتكبت باسم القانون وبأقلام بعض المحاكم، وبهدف وضع نهاية لتلك الانتهاكات، يتوجب على الإدارة التي ستتصدر المشهد وبغض النظر عن التسمية، أن تتخذ العديد من الإجراءات المستعجلة، اليوم وليس غداً، خاصة وان…

ادريس عمر كما هو معروف أن الدبلوماسية هي فن إدارة العلاقات بين الدول أو الأطراف المختلفة من خلال الحوار والتفاوض لتحقيق المصالح المشتركة وحل النزاعات بشكل سلمي. المطلوب من الكورد دبلوماسيا في سوريا الجديدة بعد سقوط طاغية دمشق بشار الأسد هو العمل على تأمين حقوقهم القومية بذكاء سياسي واستراتيجية دبلوماسية مدروسة، تأخذ بعين الاعتبار الوضع الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى التوازنات…

نشرت بعض صفحات التواصل الاجتماعي وبعض المراسلين ، معلومات مغلوطة، بشأن موقف المجلس الوطني الكردي حول الحوار الكردي الكردي ، فإننا نؤكد الآتي : ١- ما ورد في المناشير المذكورة لا يمت للواقع بأي صلة ولا يعكس موقف المجلس الوطني الكردي . ٢- المجلس الوطني الكردي يعتبر بناء موقف كردي موحد خياراً استراتيجياً، ويعمل المجلس على تحقيق ذلك بما ينسجم…

إبراهيم اليوسف ليس خافياً أن سوريا ظلت تعيش، بسبب سياسات النظام، على صفيح ساخن من الاحتقان، ما ظل يهدد بانفجار اجتماعي واسع. هذا الاحتقان لم يولد مصادفة؛ بل كان نتيجة تراكمات طويلة من الظلم، القمع، وتهميش شرائح واسعة من المجتمع، إلى أن اشتعل أوار الثورة السورية التي عُوِّل عليها في إعادة سوريا إلى مسار التأسيس ما قبل جريمة الاستحواذ العنصري،…