شتَّان بين الثُّرَيَّـا (أهل الإصْلاح) والثَّـرَى (أهل الهَلاك).؟

خليل مصطفى 
 قال الله تعالى: ( إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شيئاً ولكنَّ النَّاسَ أنفُسَهُمْ يظْلِمُونَ. يونس/آية 44). كلمة النَّاس لفظ يُفيد العمُوم قد يَرِدُ عامَّاً يُرَادُ به العمُوم وقد يَرِدُ عامَّاً يُرَادُ به الخصُوص. لأنَّ للنَّاس (بني آدم) ثلاثةُ أنواع: مُسلِمٌ (مُؤمِنٌ) وكافِرٌ (مُشرِكٌ) ومُنافِقٌ (مُسلم بلسانه وكافر بقلبه).  أوَّلاًــ النَّاسُ في الماضي (عهد الرَّسُول ﷺ وصحابته والتَّابعين):  نبيُّ الله ورسولهُ محمد ﷺ أشرف الخلق كان (في حياته) رءوفاً رحيماً شفوقاً مع عامَّة النَّاس (بني آدم). فلذا مالت قٌلٌوبُ المُؤمنين إلى النَّبيِّ الشَّفيعِ في يوم المحشر.
 وعليه قال (المُؤرِّخون):
 1ــ في السنة الـ 2 لبعثة النَّبي ﷺ وفد إلى مكَّة 12 رجُلاً مِنْ يثرب، بايعوا النَّبي على الإسلام (عند العقبة). فبعث معهُم الصَّحابي مُصعب بن عُمير (سفيراً ومُعلِّماً) يُقرِئَهُم القُرآن ويُبصِّرَهُم بعلوم الدِّين. ثُمَّ في السِّنة التالية جاء إليه (في مكَّة) 70 رجُلاً وامْرأَتان، وبعد مُبايعتهُ (عند العقبة) دعُوهُ إلى الانتقال إليهم (في يثرب).
 2ــ بتوجيه نبيُّ الله ورسولهُ محمد ﷺ بدأ المُسلِمُون يُغادرون مكَّة (سِرَّاً) إلى يثرب، ثُمَّ تبعهُم ﷺ إليها وسمَّاها المدينة، فبنى المسجد وآخى بين المُسلِمين المُهاجرين والأنصار (أهل المدينة)، وأقام الدَّولة الإسلامية وجعل المدينة أوَّل عاصمة لها.
 3ــ نبيُّ الله ورسولهُ محمد ﷺ وضع دستوراً للمدينة (كونه حاكم الدَّولة الإسلامية) وقَّع عليه يهودُ المدينة، وأبرم ﷺ معاهدات مع القبائل المُشركة (القاطنة حول المدينة)، وبقي قسمٌ من أهل المدينة على شركهم (دُون أن يُجْبِر أحداً على الإسلام). بل أنهُم دخلوا الإسلام طوعاً في السنة الـ 5 للهجرة.
 4ــ النَّاس من أهلُ الطَّائف (المُشركين) جهَّزوا جيشاً من رجالهم واصطحبُوا نساءهُم وأولادهُم وأموالهُم لقتال رسُول الله محمد ﷺ والمُسلِمين (في حنين)، فهزمهُم ﷺ وغنِمَ أموالهُم وسبى نساءهُم وأولادهُم. وحين جاؤوا إلى الرَّسُول ﷺ مُستشفعين أطلق النساء والأولاد وكساهُم وبرَّهُم، والنَّبي ﷺ بذلكَ أنهى كُلَّ حقد، فدخل النَّاس في دين الله (الإسلام) أفواجاً.
 5ــ نبيُّ الله ورسولهُ محمد ﷺ خلال 10 سنوات من مواجهاته مع المُشركين (في 27 غزوة غزاها و 27 سرية بعثها)، قُتِلَ 440 رجُلاً مِنَ النَّاس (بني آدم/ المُسلِمين والمُشركين).
 ثانياًــ النَّاسُ في الحاضِر (المُسلِمُون المُعاصِرون) يقول (المُؤمن العاقل):
 1ــ قال سيدنا علي (عليه السَّلام): (النَّاسُ كالشَّـجَرِ شَرابُهُ واحِدٌ وثَمَرُهُ مُخْتَلِفٌ.). وأضاف قائلاً: (ارْضَ للنَّاسِ بِمَا تَرْضَاهُ لِنَفْسِكَ تكُنْ مُسْلِمَاً.). وعليه فإنَّ النَّاسُ (بني آدم) أحرارٌ… ولكن لا يجوزُ لأحدٍ (منهُم) أن يضْرِبَ كِتاب الله (ما ورد في القرآن) بعضَهُ بِبَعض (يأخُذُ ما يشاء ويتْرُكُ ما يشاء).؟
 2ــ شتَّان بين النَّاس (المُسلِمين) في عهد النَّبي ﷺ وصحابته والتَّابعين وبين النَّاس (المُسلِمين) في عهد الدَّواعش ومُرتزِقةُ أردوغان.؟
 3ــ شتَّان بين أهل الإصلاح (النَّبي ﷺ وصحابته والتَّابعين) وبين أهل الهلاك (دواعش ومرتزقة أردوغان)، الفَـارِقُ بينهُمَا كالفَـارِقِ بيْنَ الثُّرَيَّـا والثَّرَى.؟   
الأربعاء 4/12/2019 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين حول جواب ” اللاجواب ” من حزب الاتحاد الديمقراطي – ب ي د – كنت نشرت في الحلقة الثامنة نص كل من رسالتي حراك ” بزاف ” التي يدعو فيها – الاتحاد الديموقراطي – للموافقة على مشروع عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع بالقامشلي ، ومايستدعيه من شروط النجاح مثل – اللجنة التحضيرية – وتمثيل الوطنيين المستقلين ،…

مروان سليمان كان الهدف من المظاهرات في بداية ما كانت تعرف بالثورة السورية الوصول إلى الحرية و التخلص من النظام الإستبدادي و لم يتخلف الشعب الكردي عن الخروج مع باقي السوريين في المطالبة بتلك الحقوق لا بل لم يتوقفوا عن المطالبة ببناء دولة ديمقراطية يتمتع فيها المواطنون بالحرية و العدالة و المساواة و يحفظ حقوقهم و بعد الإنتقال…

بوتان زيباري سوريا… ذلك الجرح المفتوح في قلب التاريخ والجغرافيا، لوحة تتشابك فيها الألوان القاتمة بفعل حرب أرهقت الأرواح قبل الأبنية. كانت البداية صوتًا هادرًا من حناجر عطشى للحرية، حلمًا بسيطًا بدولة تُحترم فيها الكرامة الإنسانية. لكن سرعان ما تحوّل الحلم إلى كابوس معقّد، اختلطت فيه الأصوات النقية بزعيق الأسلحة، وامتزجت الثورة النبيلة بالفوضى المتوحشة. تسلّلت قوى الظلام من…

خالد إبراهيم تشهد سوريا تحولات جذرية في سياستها الداخلية والإقليمية، حيث يبدو أن الحل السياسي يتجه نحو نظام لامركزي يراعي تنوع المكونات والطوائف ويستجيب للضغوط الإقليمية والدولية. هذا الاتجاه لا يعكس فقط الواقع العسكري والسياسي على الأرض، بل يعبر أيضًا عن رغبة القوى الدولية في تحقيق توازن مستدام يمنع انهيار الدولة، مع ضمان مصالحها الاستراتيجية. اللامركزية: الحل الممكن للأزمة السورية…