لعنات الإنسانيّة

نارين عمر
دموع العالم تهطل بسخاء على أطفال وأمهات العالم في حادثة أو حدث ما، وتنطلق المجموعات البشريّة انطلاقة ملؤها الرّأفة والشّفقة عليهم والتّضامن معهم ومساندتهم، وتخسر المطابع آلاف أوراق الاستنكار والاستهجان، وتتقاذف اللعنات من شاشات الفضائيات والقنوات المرئية والمسموعة الأخرى وهذا أمر جيّد وإيجابيّ بالنسبة للأحداث والحوادث المعلنة ولكنّ الأمر السّلبيّ والمدان هو أنّهم يستثنوننا من كلّ ذلك إذا تقاذفت علينا شظايا هذه الحوادث والنّوائب وكأنّنا عالم قائم بذاته مضاد لهذا العالم أو مستثنى من الحياة الهانئة الهادئة، أو كأنّنا نحن من خلقنا ونخلق مسبّبات ودوافع شرور العالم ونكبات الوجود، بل ويسارعون إلى تراشق قبلات التّهاني والمباركات فيما بينهم وكأنّهم ضمنوا فردوس الدّنيا لمن يؤمن بهذه الفردوس فقط وجنان الآخرة لمن يحلم بالعالمين الدّنيوي والاخروي معاً.
أطفالنا، أمهاتنا، آباؤنا شبّاننا وشاباتنا محرومون من الفرح والابتسامات كحرمان العبد من الحرّية في غابر الأزمان، وإن طالبوا بها يُحاصَرون باتهامات لم تحبل بها أرحام قواميس اللغات حتى الآن في الوقت الذي نتوجّه فيه إلى هذا العالم الجامد ونحن نردّد باحتراق:
 كلّ لعنات الكائنات لا تكفيكم أيّها المجرّدون من الإنسانيّة.
أعيدوا إلينا مسبّبات وجودنا لتنقذوا الوجود من لعنات الإنسانية الحقة.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود شهدت منطقة الشرق الأوسط تحولات سياسية كبرى خلال العقود الأخيرة، وكان من أبرزها انهيار حزب البعث في كل من العراق وسوريا، وهو الحزب الذي حكم البلدين لعقود طويلة بقبضة حديدية وحروب كارثية اكتوت بها شعوب البلدين وشعوب المنطقة وخاصة كل من لبنان وإيران والكويت، ناهيك عن الضحايا الذين فاقت اعدادهم الملايين بين قتيل وجريح ومعتقل ومهجر، أدت تلك…

بوتان زيباري في عالمٍ يموج بين أمواج الآمال والظلمات، يقف العرب السُنة اليوم على مفترق طرق تاريخيّ يحمل في طياته مفهومات المسؤولية وجوهر الهوية. إذ تتساءل النفوس: هل ستكون سوريا جنة المواطنة المتساوية أم ميداناً لحروب أهلية لا تنتهي؟ ففي قلب هذا التساؤل تنبعث أنوار براغماتية تعلن رفض الوهم الخادع لإقامة دولة إسلامية، وفي آنٍ واحد تفتح باب السلام…

فرحان كلش بلاد مضطربة، الكراهية تعم جهاتها الأربع، وخلل في المركز وعلاقته بالأطراف، فمن سينقذ الرئيس من السلطة الفخ؟ أحمد الشرع يسير على حقل ألغام، كل لغم شكل وتفجيره بيد جهة مختلفة. في الإنتماء الآيديولوجي قريب من الأتراك، في منحى القدرة على دفع الأموال والبدء بمشروع بناء سورية في جيوب السعوديين، التمهيد العسكري لنجاح وثبته على السلطة في دمشق اسرائيلي…

أزاد فتحي خليل* منذ بداية الأزمة السورية في عام 2011، شهد المجتمع الكوردي تحديات كبيرة واختبارات دائمة في ظل تلك الظروف المضطربة. لم يكن الصراع بعيدًا عن الكورد، بل كان لهم نصيب كبير من التداعيات الناتجة عن النزاع الذي استمر لعقد من الزمن. إلا أنه، في خضم هذه التحديات، برزت أيضًا بعض الفرص التي قد تعزز من مستقبلهم.