عفرين الواقع الراهن والمأمول

كانيوار علي
بعيدا عن الغوص في دهاليز السياسة وتعقيدات الصراع السوري، سنتناول بشكل محدد وملموس الأوضاع غير الطبيعية بل الكارثية السائدة في منطقة عفرين وما ينجم عنها من مخاوف وبواعث القلق المشروعين لدى السكان الأصليين وخاصة الكرد.
وتعبيرا وبصدق عن لسان حال مواطني المنطقة فإن تجاوز الأوضاع الاستثنائية السائدة والمعاناة الشديدة في مختلف مناحي الحياة يتطلب قبل أي شيء تخلي السلطات التركية عن السياسات الإلغائية والتوجهات العدائية سواء المعلنة منها وغير المعلنة تجاه الكرد كمجموعة بشرية واستهداف هويتهم القومية وتراثهم وثقافتهم، والإحلال بدلا عن ذلك نمط من التعامل والعلاقات مبنية فعليا على أساس الثقة والاحترام والقبول والمنافع المشتركة. وذلك من خلال ما يلي: 
1 – تحقيق الأمن والأمان: لقد بات الأمان وضمان السلامة الشخصية للمواطنين ورسوخ النظام العام وسيادة القانون الهاجس الأساسي لسكان منطقة عفرين، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الرأي العام يُحمل السلطات التركية المسؤولية الأولى عن هشاشة الوضع الأمني والتجاوزات والانتهاكات، كونها المتحكم بزمام الأمور، ومن أجل تصحيح الصورة والمسار لا بد من اتخاذ جملة من التدابير في هذا المجال وهي: 
أ – إخراج عناصر الفصائل المسلحة ومقراتها من المناطق والتجمعات الآهلة والاعتماد في تحقيق الأمن وضمان النظام العام على الأجهزة المختصة. 
ب – الاعتماد في قوام الشرطة المحلية على أبناء المنطقة وعدم إقصائهم. 
ج – وضع ضوابط واتخاذ إجراءات صارمة لمنع تدخل قادة وعناصر الفصائل المسلحة في حياة السكان المدنيين وكافة شؤونهم الزراعية والتجارية والإدارية ….. الخ.
د – ترسيخ سيادة القانون وملاحقة مرتكبي الجرائم (قتل – اختطاف – الاعتقال العشوائي غير المبرر – الضرب والتعذيب …. إلخ) وكشفهم وإنزال أشد العقوبات بهم وإحقاق الحق وإنصاف ضحايا تلك الأعمال وتعويضهم. 
ه – تجريد كافة المدنيين من السلاح إسوة بالكرد وتقنين ترخيص السلاح.
و – منع وتجريم الاعتقال العشوائي التعسفي والكف عن سياسة العقاب الجماعي بحجج وذرائع ما أنزل الله بها من سلطان والتي طالت وتطال كافة الفئات العمرية ومن الجنسين.  
2 – وقف كافة الإجراءات والممارسات والسياسات التي تندرج في سياق عملية إحداث التغيير الديموغرافي في المنطقة وطمس هويتها الثقافية والعمل على تصحيح المسار من خلال الإجراءات التالية: 
أ – تمكين كافة مواطني المنطقة من استلام دورهم السكنية وممتلكاتهم وحرية استثمارها والتصرف بها ضمن حدود الأنظمة والقوانين ودون عراقيل وضمان وحماية حقوق الملكية الخاصة ورفض التجاوزات عليها تحت أية ذرائع أو حجج.
ب – إلغاء كافة الإجراءات المتخذة والهادفة إلى طمس الهوية الثقافية للمنطقة (التعريب – التتريك …) 
ج – وقف ومنع أعمال الحفر والتخريب للأماكن والمواقع الأثرية والمقدسات ومحاسبة مرتكبيها. 
د – إزالة العراقيل والمخاوف أمام عودة مواطني المنطقة المهجرين قسرا إلى ديارهم. 
ه – إيلاء التعليم الاهتمام الكافي وتدريس مادة اللغة الكردية بشكل إلزامي في مدارس المنطقة للطلبة الكرد وغير الكرد
و – عدم فرض الأنماط التربوية المتشددة والتي تتعارض مع ثقافة الانفتاح والتحرر والتسامح السائدة لدى سكان المنطقة
  3 – اتخاذ الإجراءات المطلوبة لحماية ممتلكات المواطنين (المنقولة وغير المنقولة) وخاصة المواسم الزراعية ومنع تعرضها للسرقات وأعمال السلب والنهب والاستيلاء والمصادرة والقطع والإتلاف سواء من قبل الفصائل المسلحة أو النازحين وتعويض المتضررين ولابد من الإشارة إلى أن الانتهاكات في هذا المجال في تفاقم والوضع من سيئ إلى أسوأ وكأن هناك توجها مقصودا لحل مشاكل النازحين على حساب السكان الكرد المحليين وإفقارهم (الكرد) ودفعهم نحو الهجرة والنزوح عن موطنهم الأصلي. 
4 – العمل من قبل السلطات التركية لإيجاد الحلول المؤقتة المطلوبة للمشاكل المتعلقة بحياة النازحين ودون الإضرار بحقوق مواطني المنطقة الأصليين، كون السلطات التركية بمثابة الحاكم الفعلي حاليا والمسؤولة عن الأوضاع الناشئة والقادرة على حلها، ولا بد من الإشارة إلى أهمية التركيز على ضرورة المتابعة الحثيثة ومكافحة ظاهرة الإدمان على المخدرات المتفشية بشكل خطير ومعالجة الأمراض الاجتماعية الأخرى.
5 – دعم المجالس المحلية ماديا ومعنويا مع ضمان نوع من الحصانة لأعضائها وموظفيها وإكساب قراراتها قوة النفاذ وبما لا يتعارض مع الأنظمة والقوانين المرعية وبما يلبي المصلحة العامة للمواطنين، ومنع الفصائل وأجهزتها الأمنية من التدخل في شؤونها والتجاوز على صلاحياتها. 
6 – إيلاء الاهتمام الكافي بالمجال الصحي والخدمات وصيانة المرافق العامة (الكهرباء – المياه – الاتصالات – الطرق …..).   
7 – اتخاذ ما يلزم من تدابير وإجراءات بهدف تفعيل النشاط الاقتصادي مع ضمان حرية التجارة سواء مع الداخل السوري أو مع تركيا وشراء منتجات المنطقة وبشكل خاص مادة زيت الزيتون بأسعار مجزية بعيدا عن الاستحكام وفرض أسعار بخسة 
8 – اتخاذ موقف مسؤول واعتماد إجراءات رادعة تجاه التعديات في المجال البيئي بدل التغاضي السلبي وبشكل خاص حيال القطع الجائر للأشجار الغابية وبعض كروم أشجار الزيتون بدافع الإتجار بالحطب. 
إن عمليات القطع الجارية على قدم وساق ودون تدخل من قبل السلطات ينذر بكارثة بيئية وبزوال غابات المنطقة قريبا.
عفرين في 15 / 11 / 2019 م.  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…