الأنوف المهاجرة!

ابراهيم زورو
يبدو أن مصطلح وحدة الأراضي العربية أصبحت كفناً للوجود العربي! ما المقصود من هذا المصطلح؟ أو ما هو الشيء المخفي من وراءه ياترى! حيث يطرح مثل الموت في كل البلدان التي تسمى بالعربية! من لبنان إلى سوريا، الأردن، العراق، ليبيا، مصر، المغرب، وأخيراً في معقل الوجود العربي حيث اليمن والسعودية! أيلام يدل ذلك؟ وما يدعم موقفنا من حيث هو الموت هو أن العرب يتنازلون عن أرضهم للعدو المفترض بمجرد سماع صوته (كما يتركون معاطفهم في البيوت) العربي سيسهر على هذه الأرض طالما بحوزته، ومتى ما اغتصبت منه نساها، 
مقارنة هذا الكلام مع بقية شعوب الأرض فنرى بأن كل شعوب العالم تموت من أجل أرضها التي أشيدت عليها دولتها وتدافع عنها حتى بأظافرها، فمازال اليونانيون يطالبون بقبرص ولم يتنازلوا عنها أبداً رغم أن تركيا احتلتها واستفادت من الحرب الباردة بين العالمين آنذاك! والعالم الغربي لم ينس أبداً مسألة تحويل كنيسة صوفيا الى مسجد في استنبول؟ وتركيا تطالب بحدود الامبراطورية العثمانية منذ مئة عام!. والأمثلة على ذلك كثيرة لا تعد ولا تحصى.
ومن جهة أخرى نرى بأن العرب يتنازلون عن أراضيهم بكل سهولة ويسر لدول الجوار ربما لنتيجة ضعفهم أو لتسلط الأنظمة العربية على رقاب شعوبها بكلا الحالتين هناك تنازل عن أراضيهم لأسباب غير وجيهة وغير قابلة للتصديق، من أكبر الاعجاز، تنازل صدام حسين عن ارض عراقية للأيران مقابل أن تلتزم إيران بوقف دعمها للثورة الكوردية! وهنا إيران لم تكن تصدق هذا الكرم العربي وما كانت تفكر بذلك أصلاً، ربما كانت ترغب بالمال أو بالحصول على بعض المكاسب الأخرى مقابل تنازلها عن شط العرب؟ فكان الأجدى به أن يتنازل عن الأراضي الكوردية في أحسن الأحوال، وأسوء الاحتمال أن يعترف بالحكم الذاتي للكورد ضمن عراق موحد؟ والأنكى من ذلك القضية الكوردية لم تمت كما هي حالها اليوم أما شط العرب العراقية ذهبت في محل خبر كان! والأعجب من ذلك نرى أن المنتفضين في عراق اليوم يشيدون بمآثر صدام حسين؟ الأمر يدعو للعجب حقاً فأي عاقل يستطيع أن يتخيل كل ذلك؟ وكأن هذا الشعب نسي أن صدام كان رئيساً دموياً دكتاتورياً نتناً جر العراق إلى الهاوية، أو يمكن أنهم يعيدون الروح إلى المثل العربي القائل: (الكلب يحب قتاله). مع جل احترامي لهؤلاء الذين يفهمون ما أريد أن أصل إليه في هذا السياق!. ورغم ذلك أن مصطلح وحدة الأراضي العربية شعار يرفع في كل الدول العربية، وإذا قارننا العرب مع الكورد أن الأخير منذ مئتي سنة وهم يقدمون القرابين في سبيل أرضهم؟ ونرى اليوم الكورد رغم كل اخطائهم، عيوبهم، نواقصهم وفقرهم يدافعون عن أرضهم ضد ثاني أكبر قوة في الناتو وهم يموتون كما تموت فراشات وهي تصطدم بالحجر أو الشجر؟ وبالمقابل أن المعارضة السورية بكل تجلياتها تقف مع المحتل التركي وتنسى مسألة شعار وحدة الأراضي العربية؟ يذكرني هذا القول ونحن في حزب العمل الشيوعي بعربه وكورده كدنا ندفع الثمن غالياً لأن الحزب حينه أعلن شعار حق تقرير المصير للشعب الكوردي في سوريا؟ وأن هذا الشعار أدى بنا إلى اعواد المشانق! أين هم اليوم أصحاب أعواد المشانق فليشنق المحتل التركي أسوة ببني قومه؟ أي تناقض بين السوري والسوري؟ باسم الدين يتنازلون عن أرضهم مقابل قضية خاسرة كما هي حالة صدام مع إيران؟ للأسف الذاكرة العربية وقتية وسرعان ما تنسى الأمس وحوادثه فما بالك بالتاريخ القديم. نأتي إلى تناقض أخر كيف للعربي يفكر قبل 1440 سنة ويحاولون في قرن الواحد والعشرين أن يعيشوا تلك اللحظة المقدسة؟ ولا يقدسون أرضهم، وكأن ذلك نبيهم لم يطأو الأرض فبقيت الأرض عاهرة في نظر العرب؟!. والان يتكرر المشهد ذاته مع الكورد في سورية والعرب يقفون مع تركيا، حيث الأول يريد الحكم الذاتي ضمن سورية موحدة، بينما الثاني يساعدون تركيا على اغتصاب أرضهم، وبدون أي اعتبار لهذا المصطلح وحدة الأراضي السورية. فجميع الكورد مع هذا الشعار ومع حقهم ضمن سوريا موحدة بينما إسلاميي العرب مع كل الإئتلاف وأغلب العرب تقاتل مع تركيا لتحتل أرضهم؟! سؤال مصيري وواقعي، لما العرب يسهون عن هذه الحقيقة وكأن سوريا مزرعة عربية بشكل شخصي يحق له أن يبيع أو يتنازل عنها دون الرجوع إلى بقية المكونات الأخرى.
شعار وحدة الأراضي العربية شعار فضفاض لا قيمة له في حياة الشعوب العربية؟ أي عقل نحن مجبرين على التعامل معه؟ وكيف بنا أن نتفاهم معاً حول أن سورية وطن للجميع؟ كيف يفهم العربي أننا شركاء في وحدة الأراضي السورية؟ ونحن شركاء بهذه الوحدة وليست بالتفرقة التي تعملون على تفتيتها اليوم؟. الرئيس تاج الدين الحسيني اعطى لواء اسكندرون هبة أو زكاة لتركيا، والاسد دفع جولان وقنيطرة للاسرائيل، ودفع صدام هبة للإيران؟ كانت أراضي فلسطينية بأيد عربية أعطوها لاسرائيل!؟ ويتساءل المرء كيف تم ذلك وعلى أي أساس؟ هذه الهبة المجانية لا معنى لها.
إذاً شعار وحدة الأراضي العربية وهو على هذه الشاكلة يبدو من السهل أن تبدد مال الآخرين لأنها ليست عائدة لك بالأصل؟ إن لم يكن هذا فأن هناك مرض نفسي يعاني منه هذا الشعب المسكين حتى أختلط عليه كل الأمور وتداخلت التناقضات مع بعضها البعض في ذهنه؟.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…