التدخل التركي ضد كُرد سوريا: التطهير العرقي

 باسكال هولنويج
النقل عن الفرنسية: إبراهيم محمود 
Intervention turque contre les Kurdes de Syrie : Nettoyage ethnique
للمترجم ” آمل على القارىء الكريم التأمل في محتوى هذا المقال، وخلفيته التاريخية، ومدى إخلاص أردوغان لمؤسسته الكمالية – الدينية معاً. مدى إخلاصه لاسمه المركَّب مضاعفاً، وقد غيّب اسم الاسم. فأردوغان: Erdogan كاسم يعني من نشأ نشأة عسكرية، ورجب طيب نسبته ” اسم واحد ” وأحمد اسم أبيه . شرف ديني طي شرف عسكري، وحيث يُحافَظ على نص المقال كما هو !” 
تلك هي هدية cadeau  ترامب لأردوغان: ضوء أخضر لغزو كرد روجافا ، “الصحابة في السلاح compagnons d`armes ” للأمريكيين ومدافَع “الغرب” في الحرب في مواجهة داعش ، سوى أن الأمريكيين تخلوا عنهم، وتُركوا تحت رحمة تركيا. خيانة سيئة الإخراج وغير مبرَّرة  قذارة  وملحوظة. تُرى، من سيسمح لأردوغان بتنفيذ مشروعه للتطهير العرقي d`épuration ethnique  في كردستان سورية: طرد السكان الكرد المدنيين ، تحت وطأة التهديد أو الترهيب ، (أكثر من 100.000 شخص هربوا فعلياً) ، ليحل محلهم اللاجئون العرب السوريون. من سيمنع ذلك؟ روسيا ؟ فركت يديها عندما غادر الأمريكيون. الناتو – تركيا عضو ، وستقود “قوة الرد السريع  force de réaction rapide ” في عام 2021 ؛ أوروبا (حيث أوربا هنغاريا تدعم تركيا)؟ إنه يدين التدخل التركي ،ماكرون  يعلِم مجلس الأمن الدولي ، ووزير خارجيته ، لو دريان ، يستنكر “العملية الأحادية opération unilatérale ” ، ثم؟ مما لا شك فيه أنه لا يوجد شيء يمكن أن يرجِع بأردوغان إلى الوراء (ما لم ينص مجلس الشيوخ الأمريكي التصويت على عقوبات ضد تركيا وقادتها) ، وهو ما يعلم الجميع أنه يُنظَر في حركته لسنوات. وتركيا قامت بالفعل ببناء مرتبة ضمان هائلة تحميها من أي عقوبات أوربية: ملايين اللاجئين السوريين الذين تكدّسهم على أراضيها ، ذلك هو السبب في أن أوربا تدفع مبالغ كبيرة لمنع هؤلاء المستوطنين من تلويث التربة المقدسة لشبه القارة المسيحية ces métèques ne souillent le sol sacré de notre semi-continent chrétien.  حيث يجب على الأرجح إضافة العشرات من النازحين من مناطق أخرى في سوريا ، واللاجئين في الشمال الشرقي تحت حماية الكرد. وكل هذا يسمح لأردوغان بالانخراط في هذا الابتزاز  chantage: إذا منعتني من تنظيف روجافا من كرده ، فأرسل لك اللاجئين السوريين “و” المخيمات التي يسيطر عليها الكرد (فقط مخيم الهول مساكن أكثر من 700000 نازح déplacés)  استبدال السكان المحليين بـ “النازحين” ، وهي ممارسة عثمانية قديمة: لقد دفع المسيحيون السريان والأرمن الثمن قبل قرن من الزمان. واليوم ، الجميع ، بمن فيهم الروس والسوريون من جهة الأسد ، سيسمحون لأردوغان بإبادة مثيري الشغب الكرد massacrer ces gêneurs de Kurdes.  
أسيقدم أورويل تحية لكردستان؟ Quel Orwell rendra “hommage au Kurdistan” 
لقد مر ما يقرب من عامين منذ أن كان يستعد لذلك ، وكان أردوغان ينتظر تحسباً لإشارة ترامب. وعند النظر إلى الضوء الأخضر ، دخل الجيش التركي  الذي تم تطهيره بعد الانقلاب الفاشل لعام 2016 (فهناك عشرات الجنرالات المفصولين ، ومئات الضباط الذين طالبوا باللجوء في الخارج) ، إلى داخل سوريا برفقة فصائله العربية ، وهي المرة الثالثة. ليس لمحاربة داعش ، بل لمحاربة الكرد. وقد قاد الكرد وحدات حماية الشعب السوري ، ممثّلة الأكراد الأتراك في حزب العمال الكردستاني ، حيث دأبت الدولة التركية إلى محاربته ، وفي حرب مستحيلة للفوز impossible à gagner ، وقد خلفت بالفعل 45000 قتيل. وفي الغالب من المدنيين. وطلبت المجموعة من سويسرا وهي بدون جيش وضع شحنات الأسلحة إلى تركيا تحت الحظر الفوري ، ونشر جميع الموارد اللازمة لهجوم دبلوماسي من أجل تسوية النزاع بطريقة سلمية ، ودعوة المجتمع الأوربي إلى تبني عقوبات كبيرة ضد تركيا ، واستخدام النظام الأساسي للأمم المتحدة لإجراء مفاوضات سلام فورية  des négociations de paix immédiates ، وأخيراً عقد مؤتمر سلام في جنيف.  
” الصورة المركَّبة بدورها تستحق تحرّي تقاطيعها من جهات شتى. المترجم ” 
لذلك زعِم أن الكرد السوريين هم الذين يهجمون على تركيا C`est donc aux Kurdes syriens que s`en prend la Turquie . عبْر تصريح من الولايات المتحدة ، الذي أعطى رئيسه هذه الحجة الرخيصة كذريعة لجبنه في واجهة الافتراء: نحن لا نعرف لماذا نساعد الكرد ، “هم لم يساعدونا في الحرب الثانية “إنهم يقاتلون فقط لمصلحتهم. إن قتالهم من أجل المسيحيين والإيزيديين لا يهم الألف باء الرئاسية l`analphabète présidentiel. ومن يضمن “حب الكرد”، تقريباً كما يحبه أردوغان. نوع الأصدقاء الذين يمكنهم الاستغناء عن الأعداء بسهولة. وعندما يعلن أردوغان أن داعش قد هُزم ، فهو يكذب: داعش لا يزال هناك ، على الرغم من أنه فقد مدَنه. في انتظار لاعادته؟ يوم الجمعة ، أدى انفجار قنبلة إلى مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل في قامشلو …). وكان أردوغان يتساهل مع المرور في تركيا وتجنيد الدواعش الجهاديين في تركيا. وتركيا التي تهاجم روجافا ، لن يكون في مقدور المقاتلين الكرد محاربة داعش ، إنما سيتعين عليهم محاربة الأتراك. وأولئك الذين لا يمكنهم إيقاف أردوغان في سوريا سوف يحصلون على الهدية التي يستحقونها: قيامة داعش في سوريا وعودة الجهاديين إلى أرضهم التي لا يزال الكرد يحتفظون بها: احتفظوا بـ12000 ، من بينهم 2000 “أجنبي” (غير سوري) قبل العدوان التركي. غير الأخلاقي تاريخياً Immorale de l`histoire… 
والهدف من العملية التركية هو التطهير العرقي: طرد الكرد من شمال سوريا واستبدالهم بالعرب. ووضع حد للتجربة السياسية التي تحققت في روجافا الكردية ، عن طريق بناء عشرات القرى والبلدات الصغيرة لتوطين السكان بتعليمات ، ومراقبتها عن كثب. وما سعى الفرنسيون إليه في الهند الصينية والجزائر. مع النجاح المعروف. هل سيكلف تركيا عشرات المليارات من اليوروات أو الدولارات أو الفرنكات السويسري؟ يبدو أن الأمر غير مهم بالنسبة للسلطان: إن التطهير العرقي لا يقدر بثمن  sans prix. ويسمح له ، بمتعة  sur la gâteau ، بإسكات المعارضة في بلده: باستثناء حزب الشعب الديمقراطي (HDP) ، المهيمن في كردستان ، وقد انحازت جميع الأحزاب التركية إلى أردوغان. 
وبعد طرد الجهاديين من “الدولة الإسلامية” ، أقام كرد سوريا نوعًا من الاستقلال بلا دولة   d`indépendance sans Etat ، و”الديمقراطية النموذجية” التي أدارت ظهورها إلى جميع دول المنطقة. في “عاصمة” هذه الكومونة الواسعة ، قامشلو ، وتم إنشاء مؤسسات سياسية ، كما جرى السماح للأحزاب السياسية ، والمجتمع يتنشط – على الرغم من تهديد الجيشين: التركي والسوري ، وينشد مختبراً ديمقراطياً للشرق الأوسط بأكمله – بدءاً من انقسام كوردستان بين تركيا وإيران والعراق وسوريا. كانت قامشلو ، تحت الانتداب الفرنسي ، مدينة مسيحية يسكنها مسيحيون هاربون من الإمبراطورية العثمانية. ولا تزال موطناً لسكان مسيحيين وهناك حي مسيحي فيها ، لكن الكرد أصبحوا الأغلبية ، واللاجئون السوريون الذين هربوا من نظام بشار ، وغيرهم من الجهاديين ، قد تدفقوا إلى هناك. ومع ذلك ،فإن ضربات “مناخ الحرية air de liberté”: حيث النساء يخرجن بدون حجاب ، ويبعن المشروبات الكحولية في الحي المسيحي ، وهناك حفلات ، ومزيج من العلاقات والأعراف فيها. من “يحكم”؟ “الحكم الذاتي المحلي” الذي أنشأه الحزب الكردي PYD (حزب الاتحاد الديمقراطي) المتحالف مع حزب العمال الكردستاني في تركيا. وأوضح رئيس العلاقات الخارجية له: نريد بناء ديمقراطية مثالية تضمن حقوق جميع الجماعات العرقية والاجتماعية والدينية. من سيكون لامركزيًا ، ولن يكون قومياً وسيعطي دورًا نشِطاً للنساء. “ومن سيتجاوز” المفاهيم البالية  concepts éculés ” للدولة القومية أو الحكم الذاتي أو الفيدرالية ، ولكن من لديه ميليشياته الخاصة: وحدات حماية الشعب  YPG) ، الذراع المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي ، الذي حرر الأراضي الكردية التي كان يحتلها الجهاديون. ومع ذلك ، فإن روجافا محاط بالجيشين : السوري والتركي ، والتهديد في البداية هو: لا يمكن لأردوغان أن يتسامح مع هذه التجربة السياسية الكردية الراديكالية على حدود كردستان التركية ، كما لا يمكن للستالينيين والفاشيين أن يتسامحوا مع أحدهم في كاتالونيا.
روجافا اليوم عيْن كاتالونيا التحررية منذ 80 عامًا. ألا يكرّمها أورويل بذلك ؟ *
*-نقلاً عن موقع   causetoujours.blog.tdg.ch، ونشِر المقال في 14-10/ 2019، أما عن الكاتب باسكال هولنويج Pascal Holenweg، فهو كاتب سويسري، وصاحب مدونة، ومنها كان هذا المقال.
ولوحِظ أن هناك أكثر من إشارة إلى أورويل Orwell. لهذه دلالة، فهو جورج أورويل الكاتب الإنجليزي الشهير ” 1903-1950 ” وصاحب روايات ذائعة الصيت، كما في : 1984-مزرعة الحيوانات.. أما الربط بين أورويل وكاتالونيا، فلا بد أن هناك إشارة إلى العمل الذاتي واليومياتي، أي أورويل، عن كاتالونيا ” تكريم كاتالونيا، أو تحية إلى كاتالونيا، والذي كتبه إبان الحرب الأهلية الإسبانية سنة 1938، وكان مدافعاً عن الكاتالونيين، كما لو أن روجافا اليوم، كاتالونيا الأمس. وأنوّه مجدداً، إلى وجوب قراءة المقال، كما كتبه كاتب أو باحث آخر، وليس من خلال زاوية اعتبارية أو اعتقادية شخصية أو تحزبية من قبَلنا. وللآخر مكانته هنا .
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…