وليد حاج عبدالقادر / دبي
حتى فترة قريبة جدا وامام تتالي الانتصارات على داعش وهزيمتها أخيرا ، تلك الإنتصارات التي أوجدت حالة نفسية منفصمة عن الواقع عند بعض من كوردنا ، إلى درجة أن – ذلك البعض – أخذ يفسر كل مدارات السياسة العالمية بنزعة فيها من التباهي والإنفصام العملي عن الواقع ، وبدأ ينظر في أن الكورد هم من يوجهون السياسة العالمية وخاصة الامريكية ، وأن ال – سي آي إي – والبنتاغون باتتا مجرد غرف تتلقى منهم التوجيهات والتعليمات ، ولم يكن يخطر ببالهم على الإطلاق – وأجزم عكس ذلك – ، لابل ومع توفر كل الدلائل المكشوفة ، إلا أنهم تجاهلوا كل تلك الممكنات الحقيقة في انه مع تقلص داعش وانحساره الجغرافي ، ودخوله حالة الموت السريري ، و ..
كأية ملحمة أسطورية ومفاجآتها ، ستظهر على السطح تلك المتغييرات في أسلوب وشكل الخطاب الأمريكي وحتى نوعية العتاد وإعادة الانتشار العسكري ، هذه المعطيات التي مهدت لها مئات التصريحات الواضحة والموائمة إن لشكل او نمطية العلاقة الموسومة بمهامها وأيضا الصريحة والواضحة ، والتي تجلت بشكلها المأساوي والتخطيطي ، وانكشفت اوراقها مع الهجوم التركي العنيف واحتلال عفرين بذلك الشكل الكارثي اولا ، وامام ، لابل تمهيد القوى الرئيسة العظمى لذلك ، وليبرع بعض من المنظرين الفضائيين بوسمها بمقاومة العصر – الذي لا ننكر فيها عظمة الشهداء واستبسال المقاومين – وبعد احتلال عفرين ، توقعنا جميعا ! ان يتمظهر معه وعلى ارضية دماء وجرحى وويلات اهلها ، عهد لخطاب جديد ومراجعة نقدية بنيوية حادة تركز على المتشارك الجديد ، سيما موقف قيادة قوات سوريا الديمقراطية في بيانها الهزيل ، والذي فسر ومن خلال مهلتها الممنوحة – 10 ايام – إن لم توقف تركيا عدوانها فستوقف معاركها ضد داعش في دير الزور ، بأنها دعوة صريحة لسرعة الإنجاز ، وللأسف الشديد ، انطلت أساليب دول التحالف وخاصة امريكا وتصريحاتها التي كانت تتالى – وبشكل مدروس – على مسلكها الدبلوماسي المغلف بعبارات المديح والثناء التي واكبت عمليات التمشيط وتأمين أسرى ارهابيي داعش وأسرهم ، ومع انحسار غبار المعارك وانكشاف الوضع على الارض اخذت الامور تتبلور ، فطفت على السطح بالتدريج تلك الحقيقة التي زعم بعضنا بأنها صدمتهم ، وبات غالبيتنا تائها في بحر الإنفصام عن الواقع والعيش في أمواج البروباغندا ، نعم ! لم يكن متوقعا مطلقا وسط هيجان وفرط القوة التي وصلت إليها تلك الروح العسكرية المشبعة بنشوة الإنتصارات ، وحجم الإغراق المادي والمعنوي المتوافق مع المديح المتتالي ، و … لكن ؟ .. مع انحسار داعش وانهيار دولتهم وبالتوافق مع فترة استراحة المقاتلين ، توالت الانكشافات – ؟ المتوقعة ببساطة شديدة – وكانت المفاجئة الأولى التي تمثلت في العطالة الممنهجة مسبقا ومنذ عهد أوباما وتفاهمات وزير خارجيته كيري مع نظيره الروسي لافروف ، وبالتوافق مع إنشاء غرفتي موم وموك والبدء التطبيقي لمبدأ خفض التصعيد للحد – كما زعموا – من جحيم المعارك التي كانت ممتدة على مساحات واسعة من الجغرافيا السورية ، هذا الخفض الذي لامس فعلا الواقع حينها ، وظاهرها الذي اوشى وكأنها تستهدف الحد من القتل والتدمير ، إلا أنها ما لبثت أن أخذت تكشف أوراقها الحقيقية وذلك في استهدافها الفعلي لأمرين كان أولها محاولة إعادة سيطرة الدولة السورية وبحالة النظام الراهنة على غالبية أراضي الجغرافيا السورية وخارطتها المتعارف عليها ، والأمر الثاني تمثل في تكثيف وحصر الصراع والمعارك مع الفصائل المتطرفة كداعش والنصرة وملحقاتها ، وكان حقل الإختبار في الجنوب السوري انموذجا وشت مبكرا بآفاقها ، التي ترافقت مع دقة تنفيذ عالية تفرعت منها وانكشفت الخطط والغايات ، وباتت معالمها واضحة جدا ، واضيفت لها مساعي إعادة هيمنة النظام على المعابر والمنافذ الحدودية ، كل هذا طبق حرفيا في الجنوب ، ومع القضاء على التنظيمات الإرهابية هناك ، توضحت الصورة اكثر لما ستؤل إليها الأمور تحت ضغط التصفية العسكرية ، وكشفت أمريكا عن وجهها الحقيقي بكل شفافية ، وبصراحة متناهية خاطبت حلفائها وأوضحت لهم ما هو المتفق عليه ، وأعني بها متلازمة خفض القوة ، بدليل عدم وجود اية صيغة تشي ولو من بعيد الى ماهو خارج إطار محاربة الإرهاب ، وباختصار وبعيدا عن التكرار ، نتذكر جميعا بعد رفض كتائب شهداء القريتين واحرار الشرقية وكتائب الشهيد احمد العبدو بالذهاب الى محافظة ديرالزور ، وإصرارهم على مقاتلة النظام ، كيف ان امريكا هددتهم بسحب السلاح وقطع الإمدادات ، وبلغت حدة موقفها في الإعلان الصريح بانهم هنا ويقدمون كل هذه المساعدات فقط لمحاربة الإرهاب وما دونه فهي ليست ضمن أهدافهم ، وأمهلتهم ثلاثة ايام فقط لتسليم السلاح او التعرض للقصف والتدمير ، وكلنا يتذكر وعود إدارة أوباما المتكررة لإردوغان على ان السلاح الأمريكي في يد ق س د هي في الطور المنضبط ، وبالفعل ، لم يمر يوما إلا وكانت هناك تأكيدات أمريكية وفي أعلى المستويات وكذلك تصريحات كل قادة ب ي د ووحدات الحماية الشعبية ، بأنهم متحالفون مع أمريكا لمحاربة الإرهاب فقط ، وهذا الأمر بالضبط هو الذي يثير سخرية المتابعين لتصريحات أولئك القادة – المندهشين – من الخطوة الأمريكية وكل تويترات ترامب ! .. أن ما يدهش فعلا هو هذا الكم الفظيع من التعمية والتي توضح ، لابل تصر في البقاء بشرنقة الوهم واستمرارية صناعتها بالإرتكاز على مظلومية ساهمت هي وبكل قوتها على ترسيخها ، فتتناسى وببساطة بأنها وبملء إرادتها وافقت على البقاء في الملعب كعامل مياوم توكل إليه أصعب المهام ، وتحت رهاب صرفه من العمل في أية لحظة و : حتى الأعمال التي يؤديها مبرمجة كروبوت ينفذ ما برمج عليها ، وهنا – شخصيا – لا أستغرب تلك الجهالة في استشراق آفاق مناطقنا وما ستؤول إليها وأجزم أن كامل الحركة وحتى – الجنرال – لا يعرف المآلات الساعية لما يجري ، سوى ما يدخل في نطاقية التنفيذات المطلوبة و – أجزم – انه لازال بعض من قادة ب ي د يصارعون طواحين الهواء في سعي للتعويم وبأسلوب بائر منذ زمان ، هذا التصور بالذات لم يغب من ذهنية المتعاملين معهم من الدول ، ولهذا كان طرح وجوه بديلة عسكريا ، ومن المتوقع ، لابل ومن الضروري ، ابعاد الوجوه التي نشرت ثقافة العنف والرهاب البيني ، وربطت بشدة مصير شعبنا بمنظومة تحكمت بطبقة غريبة عن النمط البيني للمجتمع الكوردي فكان ال – كادرو – السلطة الحاكمة الفعلية و .. استمر بعض من دهاقنة تف – دم في تعزيز ثقافة التخوين والشرح البيني ، وباختصار : يمكن للسيد مظلوم عبدي أن يقدم شيئا مفيدا في وحدة الموقف الكوردي ان تمكن الخروج من تحت عباءة دهاقنة قنديل منفذي تعليماتها وستساعده الظروف أكثر فيما لو اتخذ خطوات عملية نحو الآخرين مثل إطلاق سراح المعتقلين وإلغاء كل القرارات والإجراءات التعسفية بحق المختلفين والأهم : بند التجنيد الإجباري ، فلطالما تحولوا من ثوار لقضية الى حراس حدود وآبار نفط ستورد لهم أموالا – على حد تعبير ترامب نفسه – فلا داعي لفرض أمر هو سيكون أشبه بالإستعباد منه إلى التطوع الحر …