قُتِل أبو بكر البغدادي وما أكثر الخلفاء

إبراهيم محمود
هل علي حقاً أن أفرح لمقتل الرمز الداعشي الأخطر ” أبو بكر البغدادي ” في 27/ 10/ 2019، في موقعة إدلبية الجهة، أم أصبِح أكثر حذراً؟ فرحتْ أميركا، أو هكذا أعلنت عن فرح انتصار في عملية هوليودية كعادتها، وأرادت أن تبشّر للعالم أنها قتلت الرمز الإرهابي المتأسلم الأكبر في العالم، كما كان الحال مع أسامة بن لادن ومع الزرقاوي. قتلته حين قررت أن عليه أن يقتَل. فأي فرح يمكنني إظهاره، وحولي دمار أرض، وبيوت مسوية بالأرض، ودماء أبرياء، وصرخات ثكالى، وعويل صغار، وثمة من ينافس البغدادي في تهديده للناس العزَّل. للكرد وخلافهم. ثمة خلفاء له وهم كثر، وأنا أعيش إرهابهم الذي يطال الكائن الحي وحتى الجماد. فكيف لعين أن تضحك وثمة مرارة قانصة لها ؟
أكثر من شبكة عنكبوتية عملاقة لوجوه توارت خلف لحى مسلحة بالأحقاد والضغائن المركَّزة على أناس لا يريدون من الحياة إلا سلامتها، وهم يريدون إشهار قيامتها.
لقد رفع مقتله من جاهزية وعيي إلى درجة عالية من الحيطة، وأنا أتابع أخبار مدننا، بلداتنا، قرانا، وكيف أن آلات القتل والتخريب ” شغالة ” في جهاتنا حتى اللحظة، أتابع أخبار من هجروا أو هجّروا من ديارهم، ومن يبكون أقرب أقربائهم، من لما تزل دماؤهم ساخنة شاهدة على فظاعة تكاثر وجوه القتل والإرهاب، ومن يدعمونهم هنا وهناك، وأنا أعاين كل ثانية لما يمكن أن يستجد. فكل سكينة معلَن عنها، تعلِمني بأن هناك ما لا يُسر، وفي الجهات الأربع تتراءى أمام ناظري عشرات الألوف من المعدّين لممارسة قتل جماعية في الكرد وغير الكرد، بإرادات نظامية ” تركية ” وغيرها، وفي كل منهم، ما يفصح عن شر مستطير.
أي فرح هذا الذي يمكنني إظهاره أو التعبير عنه، وثمة أطفال أحيلَ دون أن يجتازوا مرحلة براءتهم، قصفاً وعسفاً وعنفاً بميقات أردوغاني، وإيعاز أردوغاني، وتنفيذ متعدد الجنسيات، وثمة طاعنون في السن، وقد طُعنوا من خلف ومن أمام، من أعلى ومن أسفل، كما لو أن الإرهابيين القتلة: المعلَن عنهم، ومن في ركابهم، قد آثروا التمكن من النَّفس الأخير في صدورهم، وهم يسيّدون لغة القتل على كل ما عداه، وثمة نساء من مقامات أو  أعمار متفاوتة يبكين أزواجهن، أخواتهن، أولادهم، أقرباءهن، معارفهن، وليس من ضمان في أن يعشن حِداداً دون أن ينال منهن إرهابي في جوارهن، أو بالقرب منهن، أو في وضعية الخلية النائمة، إخلاصاً لذرّية الحقد الوبائي وسلالات القتل هنا وهناك .
لا أبأس من وعي يشهِر فرحه، ويعبّر عن سعادته لحظة تلقّي نبأ متزعم ِ عصامات الإجرام، قتلة آلاف مؤلفة من شعبنا، ومن هم في عداد شعبنا، حيث الألم المشترك، والرعب المشترك والطغيان المهدّد واحد، وهو يقصف هدوءنا، ويتوعد أحلامنا، لا أبأس من وعي كهذا، وهو يمتلىء حزناً مركَّزاً، ويعيش آلام أرض ترثي أهليها، وبيوت ترثي ماضيها، وفي الأفق ما قبل المنظور ما لا يطمأن إليه، في عهدة من يمثّلون علينا، ولهم أسهم معتبَرة في اللعب بمصائرنا من ” أبو ” التغريدات الأمريكية، إلى ” أبو ” الإرهاب الدولتي الرسمي: الأميركي، إلى ياجوجيين وماجوجيين يتنافسون فيما بينهم، وكل منهم، يزكّي نفسه، لأن يكون أكثر من ” أبو بكر البغدادي “، ومن وراء عملية الإنسال والترهيب هذه محلياً وإقليمياً ودولياً !

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…