بيشمركة روج ولو الكردية غير الجازمة.. إلى شهدائنا جميعاً

إبراهيم اليوسف
 
مازال وقع كلمات الرئيس المشترك، لإحدى مؤسسات” ب ي د”، رفيعة المستوى يرن في أذني، لما تركته من نفور، بعد  أن بدرت من شخص كان من عداد: من بيننا احترام متبادل، بالرغم من لقاءاتنا الرسمية جداً، ولمرات جد قليلة، عندما قالها بعيد إحدى اتفاقيات هولير ودهوك، وماعدت أتذكر تاريخها، تحديداً، حيث كنت آنذاك في دولة الإمارات، وكان فحوى تلك الكلمات أنهم يرفضون قدوم بيشمركة روج إلى ماسموه- روج آفا- وهو ما أطلق عليه: غربي كردستان، أو كردستان سوريا، أو المناطق الكردية، تخفيفاً لوقع الصدمة على العقل الشوفيني الذي يلهث وراء إحصاءات أغنامنا، ودجاجنا، وقططنا، وأنفسنا، بعد كل هذه الهجرات،  منطلقاً من الحاضر، لا من الجغرافيا والتاريخ.
ذلك المسؤول- هو نفسه قال لأحد أبنائي- في العام2013، ما معناه: إننا ندعو أباك إلى الوطن، ليرى ما أنجزناه، غير بعيد مما قاله آلدار خليل، قبل فترة لمصدر إعلامي: أنا سأستقبله إن أتى- وكان ذلك بعيد بدء التهديدات التركية- فلا خطر عليه من قبلنا، وأنا ساعود معه للحدود، عندما يعود، بمعنى أن لا موقف لي منه،  وكنت بعيداً عن تقويمي الحالي لحزبه، وما تم على يدي هذا الحزب من مظالم بحق إنساننا، ومصيرنا، وعلاقاتنا مع بعض أهلنا السوريين، بل و بعض الكردستانيين، أضاف قائلاً في ذلك الحوار مامعناه: لايمكن أن يكون في بلد واحد جيشان، وتجربة إقليم كردستان أكبر دليل، أتذكر- انه بالرغم من الاحترام التاريخي بيني وذلك الشخص الذي لم أتصل يوماً ما لابه ولا أحد من قادة ب ي د في الداخل والخارج بعد آخر تواصل بيني والأخ صالح مسلم عبر الإيميل مابين العام2011-2012، بعد أن تواصلت معه ثلاث مرات:
مرة  قبل استشهاد مشعل التمو لأجل المصالحة بينه وبينهم، على أن يتم ذلك بحضور أ. حسن صالح، وكان موقفه وموقف آلدار الذي اتصل به ابني، ولم نتواصل يوماً إيجابياً، وقد كتبت عن ذلك
ومن ثم من أجل كل من المعتقلين: أحمد فرمان بونجق، ذات مرة، قبل أن يستشهد، وآزاد عطا من اتحاد التنسيقيات -سابقاً، فقطعت االاتصال به، بسبب عدم نجاعة ذلك وإن أوصى بالتواصل معي، لاحقاً، وفي أشد ساعات نقدي ل: ب ي د، وهومالم يتم!
لعلي استطردت، في جردة الحساب هذه، والتي استعرضتها مراراً، في محطات قوة” ب  ي د”، لأعلن موقفي من انتهاكاته، إلا أن كل ذلك ليس إلا مدخلاً إلى قراءتي لموقفه من بيشمركة روج، إذ أرى عدداً من النقاط:
1- في بداية الثورة السورية- قبل أن تنحرف بوصلتها- إخوانياً، وفاشياً، كتبت مقالات عدة، أشرت فيها إلى تشكيل قوة عسكرية من أبناء المنطقة، ولم يكن ببالي أن يستطيع” ب ي د” تأسيس ولو مخفر، على ضوء معرفتي بقوته المتواضعة التي تعملقت، بفضل الثورة السورية، وإن راح يناوئها، نتيجة أجنداته التي مضت به بعيداً عن أهله، وقضيته، ويؤزم العلاقة بين الكرد والمعارضة، بل  وإن راح يستخدم ثنائية: العنف والديماغوجيا، ليكون القوة الوحيدة في مكاننا، والبديل عن كل القوى السياسية، صاحبة النضال السياسي التاريخي، لتلغيها، كما فعلت ذلك في كردستان الشمالية، بما لم  يستطع جنرالات تركيا النجاح به!
2- كانت كل حساباتهم خاطئة، كما كنا نعرف، بأن يظلوا القوة الوحيدة التي لاتقهر، وليكون مكانناً، رهاناً، لحزب العمال الكردستاني الذي فشل، في مكانه، وليس بقادرالآن، أن يقود مظاهرة، أو أن يهدد للدفاع عن الجزء القرباني عن سياساته الفاشلة
2- بعيداً عن فكرة الجيش الكردي الواحد، وبقيادة سياسية غير- بككاوية- كان ممكناً جداً اللجوء إلى هؤلاء البيشمركة، في مرحلة لاحقة، قبل تملك المجرم أردوغان لأوراق القوة، عبر تنازلاته المتتالية، أمام: روسيا- أمريكا، وغيرهما، ليستجر قرار الجهات الضالعة في – الأسرة الدولية- ليرتكب جريمتي: احتلال عفرين، ومن ثم ماسمي ب”شرق الفرات”!
3-  أجل، فقد كان مقبولاً في فترة ما، قطع حجة أردوغان أمام داعميه بالقول: إن قوة كردية معتدلة  سوف تقوم بحماية الحدود التركية – الروجآفاوية- والمحمية بوتائر أقوى من لدن” ب ي د”، على حد قول مسؤوليه، إلا أن هذا الحزب يتحمل أسباب عدم استقدام هذه القوة لتدافع عن أهلها، في أكثر من محطة، وهي مسؤولية تاريخية، كما هي مسؤولية خلق الذرائع وتقديمها لتركيا، والمستمرة حتى ماقبل اتفاق سوتشي الأخير22-10-2019، والذي جاء كحالة تخفيف لحملة تهجير آخر من بقي من أهلنا في الوطن!
4- بالرغم من كل ثقل ملف” ب ي د” الذي لم يستمع إلا لأوامر قنديل، وصدى ذلك من إيقاعات أصوات النخب من مصفقيه المستفيدين: مثقفين، وساسة، وإعلاميين وتجاراً، فإن قلوب كل الكرد، حتى من اعتقلوا، أو هجروا، أو استشهد لهم شهداء بسببهم، كانت إلى جانبهم، في أثناء الحرب علينا. عليهم. فقد كان كردنا، وأمام خياري: العدو أو ب ي د، يقفون إلى جانبه، وإن لم يمتلكوا إلا رصيد الدعاء، والعاطفة، نتيجة إضعاف ب ي د لجميعهم، ماعدا أوهامه المدمرة لنا!
5- كشخص، إن يكن الخيار بين النظام، بل والمعارضة الأخوانية المأجورة، وتركيا وروسيا و ب ي د، فإنني أقبل ب ” ب ي د”، وأرفض كل سياساته، ولطالما رفضت وجوده.
6- إن اندماج هذه القوة في الجيش السوري سيجنبه من التخريب في كردستان العراق، بعد أن تدخل ب ك ك وبأسماء كثيرة، لتأزيم العلاقة بين الإيزيديين والإقليم من جهة، وراح يؤلب لفصل سنجار/ شنكال، ويؤجج الفتنة بين الكرد، بدعوى الإيزيدية والإسلام!؟
7- إن في  ترك هذه القوات الهائلة التي جاء قسم منها – لما للحرب من غواية- وشأنها، سيشكل خطراً مجتمعياً، من قبل بعض من استسهل العنف،  قبل أن يتم تأمين مصادر رزقه، وإعادة تأهيله، للعودة إلى حاضنته الاجتماعية، وإن كان في تجارب العالم أن عادت أوساط هائلة من المقاتلين إلى ذويهم، ليستطيعوا ممارسة الحياة الطبيعية، مقابل إصابة بعض منهم بحالات انهيار عصبي إلخ، ولعلنا وجدنا كيف أن تسريح قوات صدام حسين التي تعودت على الحروب دفع بأوساط محددة منها للارتماء في أحضان داعش، وأشباهه من القاعدة، وتمت- للأسف- تفجيرات كثيرة- في العراق، أدت إلى هدر أرواح مئات الآلاف من الأبرياء، إضافة إلى نسف البنية التحتية في البلد، بعد تضعضعها -أصلاً-  وتفتيت البنية المجتمعية
8- بسبب دخول” ب ك ك” الحياة الاجتماعية في مكاننا، ازداد الشرخ المجتمعي، وانحدر الحال به إلى مستوى ممارسة العنف، وسيتضاعف الأمر، بعد تفكيك التابعين له، من دون أية دراسة.
9- ثمة أحقاد مجتمعية هائلة ترتبت على نشوء حالة روج آفايي كردستان، ولابد من معالجتها، بحكمة في المرحلة المقبلة
10- تكريس فك الارتباط السياسي والعسكري مع قنديل، وتأصيل شخصية كردي غربي كردستان، مع الحفاظ على استمرار علاقاته مع أهله في الأجزاء الأخرى، على أساس التفاهم، والتعاون، ومن دون أي تناس لبدهية وجود كردستان موحدة، منشودة، إن لم يتخل الشريك عن بعده غير السوري، وإصراره على عدم إعادة اسم سوريا الأصيل، غير المزور: الجمهورية السورية، وتثبيت حقوق الكرد في الدستور السوري، كما يريده أبناء شعبنا، وقواه السياسية التاريخية!
بالرغم من كل ماحدث، فإنني كشخص استفززت كثيرين من المختلفين مع” ب ي د”، ومن خيرة مقربي، بسبب إعلاني الوقوف مع قواته في وجه آلة المجرم أردوغان، ومرتزقته، بالإضافة إلى وقوفي إلى جانبه في مواجهته فصائل الحرّ  التي أرادت غزو مناطقنا، وهكذا بالنسبة لجبهة النصرة، وداعش- ماعدا تجارته بأبنائنا في معارك وهمية اكتسب بسببها نقمة ضد الكرد بالرغم من تحرير مناطق هؤلاء السوريين- مع كل رفضي المدون، لمجمل سياسات ب ي د، وحدث في أكثرمن محطة، منذ سري كانيي2012- عندما كان عدده مجرد أفراد من مقاتلات ومقاتلين ببكاويين، هناك، مع بعض من متطوعينا الكرد المتداعين لصد هذه الفصائل التي كانت تمارس حنجلة الرقص الأردوغاني في مواجهة الكرد- ومنهم من استشهد على يديه لاحقاً كما أحمد فرمان- وحدث أنني في ملتقيات مهمة رفضت أية إساءة إلى ب ي د، ولي مقال في ذلك، قد أنشره قريباً.
مادعاني لاستكمال هذا المقال، الذي كان عبارة عن مسودة كتبتها، بعد تهديدات أردوغان، وقبل الحرب، ولم أنشره، آنذاك، هوما أسمعه عن إمكان دمج قوات قسد بقوات النظام السوري، أو الإعلان عن تجديد عقد إيجار هذه القوات لمن خانوا دماء أخوتهم-أي الأمريكان وروسيا- بدعوى مواجهة داعش، أو: حراسة آبار النفط أو حتى معتقلي داعش، وهو ما سيرفع عن هذا المقاتل أية صفة وطنية، مقاوماتية، ويجعله سلعة مباعة في المزاد الدولي، ليدخل ثمن دمائه جيوب قادة قنديل الذين خذلونا.
كم سأفرح، أن أجد من بين قادة” ب ي د”، من يوجه دفة مركبته تجاه روح ونبض شعبه، بعد تغريبته، بعد فصامه، بل  بعد مقامرته الدموية، ومغامرته وتضحيته باسم الكردي، ليكون علكة في فم مترجم الحانة العولمية، وقوادها ترامب الذي يتحدث عن دمائنا مقابل مادفع لهؤلاء، قائلاً: نحن اخطأنا، ويقطع الصلة بينه وقنديل، وإن كان ذلك سيخلف أزمة من ردود فعل هؤلاء، إلا أنه ليس مقبولاً أن أسمع خطاب أحد من منظومة” ب ك ك”، وهو يزايد في الحديث عن كردستان الكبرى، بينما سبق السيف العذل، ولم يتحرك ولو بصرخة تنديد في مستوى مادفعناه من دماء عشرات الآلاف من شاباتنا، وشبابنا، أضف إلى ذلك من تسبب بتهجيرهم، وسجنهم، واغتيالهم، ونسف العلاقة بينهم وجيرانهم، وشركائهم، وهوما لايمكن إصلاحه بعد عشرات السنين، ناهيك عن أننا غدونا أقلية مكاننا، وحقلاً اختبارياً لكل سياسات الحاقدين علينا، بمن فيهم: بشار الأسد، الذي يعاد إليه الاعتبار، من قبل هذه المنظومة، ليكون حامي الحمى، وإن كان جيشه الذي التحق بمكاننا، مع أول الأيام الصعبة لم يطلق طلقة واحدة تجاه مرتزقة أردوغان، وقواته!  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…