بعض مما هو ترامبي

 إبراهيم محمود
يشاهَد الرئيس الأميركي في مقاطع فيديوية كثيرة. ولعله فيما يظهر به، يشهد على أنه – ربما- أغرب رئيس عالمي في عصرنا. والسؤال: ما مغزى هذه الغرابة/ الاستغراب ؟ ألأن الذي يمارسه، ويظهر به، حتى وهو في مؤتمر صحفي، حتى وهو مع غيره من رؤساء الدول، أو يلقي خطاباً في الكونغرس أو سواه، صيَّره هكذا؟ أم لأن هناك ” جرثومة ” أميركية تسمّيه؟
أميركياً، ليس من جنسية أميركية، محكومة بعرقيتها. أميركا ليست قومية، ولم قومية أساساً. إنها مستحدثة، رَقَعية. ومن شتات الأرض، بجهاتها الأربع. وقد أفرز التاريخ الأميركي إلى جانب عباقرة في الأدب والفكر والسياسة، رموزاً ذاع صيتها في دنيا السياسة ومفارقاتها. وربما كان ترامب الشخصية الأكثر تميزاً بالمفارقات.
لا يعبأ ترامب بالعالم من حوله. إنه من ” نطفة ” أميركية، حيث البيئة لها منطقها، والثقافة المتشكلة لها عائدها الاجتماعي والثقافي والنفسي. و” مذهب ” البراغماتيكا: المنفعة الأميركي خير مرشد لنا، وكاشف لنا للتعرف عن قرب على شخصية ترامب من الداخل .
كيف تجني، ماذا تجني؟إنه الرأسمال ذو الألسن، والأيدي الطويلة المتنفذة. ترامب حصيلة ثروته الكبرى. وثروته تترجم سلوكه في عالم المال والجاه، وكيفية التعاطي مع المستجدات .
فيكون السائل أكثر من كونه المجيب. الرأسمالي المتنفذ، ومحط الأنظار، يدع الآخرين وشأنهم، عليهم أن يبحثوا في شحصه، أن يكون محور تفكيرهم في حلهم وترحالهم .
فليس بالمستغرب أن يشاهد في مشهد لا يليق به، من موقعه الرئيسي “كأن يُرى، وبالعين المجردة، يلاعب أطفالاً، ويتنطنط على كرة، ومن ثم  يتدحرج، ويتقلب، ويتشقلب على بلاط المكان، دون أي اعتبار لمن يرافقه، لمن يحرسه، لمن يصوره.
سيكون لهذا الذي يظهربه مثال حي، يُتوقَف عنه، عند الذين يحسدونه على ما هو فيه وعليه، رغم أنهم يستغربون مما يرونه فيه. كما لو أنه: انظروا إلي، هذا هو أنا، انظروني، أينما كنتم، أميركيين وغير أميركيين، لا يهمني أي انطباع لكم تجاهي، لا يهمني، إن قررتم عزلي، أوإقالتي. فثمة ما يبقيني أكبر من الرئيس الوقتي، حيث أعيش امبراطور زمانه…!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يقتلع”الزور” الجزرأي القوة مثل كردي لقد بلغ العنف والتدمير مرحلة ما بعد الحداثة، فلم يعد مجرد أداة صراع بل تحول إلى نسق شامل، يعيد تشكيل الواقع وفق منطق القتل والفناء. إذ لم تعد الأسئلة الكبرى عن معنى السلطة والشرعية والوجود تجد مكاناً لها، لأن القاتل لم يعد مضطراً حتى لتسويغ جرائمه. إننا- هنا- أمام زمن…

عزالدين ملا عندما اندلعت الثورة السورية، كان أول مطالبها إسقاط نظام عائلة الأسد، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد وحوّلها إلى مزرعة لعائلته وأزلامه. كانت هذه المطالب تمثل رغبة شعبية في التحرر من عقلية الحزب الواحد والفكر الشمولي، التي أدت إلى الاستبداد والديكتاتورية وقمعت الأصوات المخالفة. إلا أن المرحلة التي تلت سقوط النظام كشفت عن تحديات جديدة أمام بناء سوريا…

د. محمود عباس هل نستطيع أن نقول أن الفيدرالية لغرب كوردستان والنظام اللامركزي في سوريا باتا أقرب إلى السراب؟ ليس فقط بسبب رفض الدول الإقليمية لها خشية من تحولات كبرى قد تعيد تشكيل المنطقة، ولا لأن الفصائل الإسلامية المتطرفة مثل هيئة تحرير الشام وحلفائها لديهم من القوة ما يكفي لفرض مشروعهم الإقصائي، بل لأن الكورد أنفسهم، وهم القوة…

إبراهيم كابان لطالما شكّل الواقع الكردي في سوريا ملفًا معقدًا تتداخل فيه العوامل الداخلية والإقليمية والدولية، حيث تسعى الأحزاب الكردية إلى تحقيق مطالبها ضمن إطار وطني، لكنها تواجه تحديات داخلية مرتبطة بالخلافات السياسية، وخارجية متصلة بالمواقف الإقليمية والدولية تجاه القضية الكردية. فهل تستطيع الأحزاب الكردية في سوريا توحيد موقفها ضمن إطار تفاوضي واحد عند التوجه إلى دمشق؟ وما هي العوامل…