مثلث برمودا..

 حسين جلبي
أعتقد بأن “وثيقة التفاهم” التي يُفترض بأن طرفيها هما نظام الأسد وقسد”، ولكنها تحمل توقيع مسؤولين في “قسد” فقط، هي التي ستحدد طبيعة الأوضاع والصراع المقبل؛ في المنطقة الحدودية السورية التركية.
فالوثيقة التي لم ينتبه أحد لمضمونها “كما أتوقع”، تنص في مقدمتها على: “دخول قوات الجيش العربي السوري، وبسط سيطرته على كامل المنطقة، ابتداءً من عين ديوار شرقاً وحتى جرابلس شرقاً”، ولكن عند مراجعة بنودها، وخاصة البندين الثاني والثالث يلاحظ المرء بأنها تستثني صراحة من ذلك؛ أي من انتشار الجيش السوري؛ الخط الواصل بين “تل أبيض وسري كانية”، وصولاً إلى ما يقابله المدينتين من نقاط، على الحدود السورية التركية، التي تقع “سري كانية” بملاصقتها أصلاً.
أرجو مراجعة البنود الثلاثة الأولى من الوثيقة، التي تبين مناطق انتشار الجيش السوري:
1. محور الطبقة شمالا باتجاه عين عيسى وريفها وشمالا إلى الحدود السورية التركية عند تل أبيض باتجاه الغرب”.
2. المحور الثاني وفق الوثيقة: “محور منبج باتجاه عين العرب على الحدود السورية التركية حتى نقطة تل أبيض باتجاه الغرب”.
3. المحور الثالث: “محور الحسكة – تل تمر وصولاً إلى رأس العين ومنه باتجاه الشرق وصولا إلى القامشلي وثم المالكية باتجاه الجنوب.
الكلام أعلاه معناه هو، قبول الموقعين على الوثيقة ضمناً، دخول الجيش التركي والمسلحين الموالين له إلى المنطقة بين “تل أبيض وسري كانية”، أي أن دخول الجيش التركي إلى المنطقة، تم بتوافق أمريكي ـ روسي ـ إيراني ـ تركي ـ أسدي، وأن تركيا بعد سيطرتها على المنطقة المحددة لها، ستقوم بتسليمها لفصائل “الجيش الوطني التركي” الموالي لها، وسيستمر الصراع بين هذا الجيش وبين “الفيلق الخامس السوري” الموالي لنظام الأسد، بتشجيع من القوى المذكورة أعلاه جميعها.
ستكون غاية اشعال الصراع بين الجيش الوطني والفيلق الخامس، وهما أدوات في صراع محلي وإقليمي ودولي طويل، استنزافهما حتى افنائهما بأيديهما، بحيث تتحول تلك المنطقة إلى مثلث برموداو تبتلع متقاتلي الطرفين، وسط تشجيع جميع القوى أعلاه، التي ستنهي بذلك فصلاً من فصول الصراع السوري، وتقترب خطوة كبيرة من نهايته.


شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خورشيد شوزي في ظل الأوضاع المعقدة التي تشهدها سوريا، يبقى النهج الإقصائي الذي تمارسه سلطات الأمر الواقع أحد العوامل الأساسية في تعميق الأزمات بدلاً من حلها. فالتهميش المستمر ورفض التعددية السياسية يضعف أسس الاستقرار، ويؤدي إلى إعادة إنتاج أخطاء الماضي. أي سلطة تسعى إلى بناء دولة قوية ومستقرة لا بد أن تعتمد على مبدأ الشراكة الوطنية، وتعزز التعددية…

نارين عمر   يبدو أنّه علينا كشعب أن نعيش عمرنا بين تساؤلات واستفسارات موجّهة إلى مختلف قيادات الحركة الكردية والأطراف التي ترى نفسنا أنّها تمثّلنا في سوريا دون أن نتلقى إجابات واضحة منهم تهدّئ من صخب فكرنا وتنعش النّفس ببعض الآمال المحققة لطموحاتنا وحقوقنا. في اتفاق أسموه بالتّاريخي بين “قسد” وحكومة دمشق تمّ طرح عدّة بنود منها: (( دمج قسد…

درويش محما قد تصبح الامور عصية على الفهم في بعض الاحيان، وضبابية غير واضحة، حينها يجد المرء نفسه في حيرة من امره، ازاء سلوك او تصرف معين يقدم عليه شخص ما، والسبب بكل بساطة، يكمن في عدم معرفتنا للهوية الحقيقية للشخص صاحب التصرف والسلوك. اما ماهية الهوية كمفهوم، فهناك اجماع على تعريفه، بمجموعة السمات والخصائص المميزة لفرد ما بعينه،…

إبراهيم اليوسف يقتلع”الزور” الجزرأي القوة مثل كردي لقد بلغ العنف والتدمير مرحلة ما بعد الحداثة، فلم يعد مجرد أداة صراع بل تحول إلى نسق شامل، يعيد تشكيل الواقع وفق منطق القتل والفناء. إذ لم تعد الأسئلة الكبرى عن معنى السلطة والشرعية والوجود تجد مكاناً لها، لأن القاتل لم يعد مضطراً حتى لتسويغ جرائمه. إننا- هنا- أمام زمن…