خالد إبراهيم – ألمانيا
إن من يتابع تطلعات مشروع «بزاف» عن قرب سيلاحظ عين الحقيقة المفقودة عن قصد ومنذ أعوام، بل هذا المشروع يختزل حرقة آلاف الشباب الذين وصل بهم اليأس إلى حالة تتخبط ما بين الركود والصراخ المخنوق الذي رسموه لهم بالقوة بصدد جمود الحركة الكردية منذ نشأتها عموماً إلى يومنا هذا على وجه الخصوص، والمنقوش بدموع الأمهات والنياشين الحزبية الضيقة (المزورة) في ظل الثورة السورية التي نادت بالكرامة والحرية والمساواة.
المجلس الوطني الكردي ومحتواه الذي فُرغ تماماً، مع ملاحظة نومه السريري في الفترة الأخيرة وبأيادٍ ملطخة بكل فروع الفساد المالي والأخلاقي وانشغاله بِداخله الحزبي أكثر مما يجري في الشارع الكردي والذي يتخذ أعمال ما تُسمى الإدارة الذاتية كشماعة لتغطية عجزه المخجل.
بتنا بحاجة مُلحة للتجديد والخروج بإطار إصلاحي شامل ويكون كالمرآة التي تعكس خطوط العرض للعمل يداً واحدةً في خندق الأيام القادمة وعند التمحيص الدقيق يجب الخروج باعترافاتٍ مِن قبل ولاة الأمور القائمين على هذا التسييس البارد الذي لم يعد باستطاعته خدمة القضية الكردية قولاً وفعلاً، والدليل هو رفض قيادات المجلس الوطني الكردي فكرة مؤتمر وطني شامل يكون فيه نصيب الشعب الثلثين نسبةً لاسمه الثقيل والذي يوحي أنه مجلس للشعب وليس للأحزاب الكلاسيكية التي باتت تستغل الوضع السياسي الإقليمي والدولي والتي تتخذه كحجة وذريعة لقطع السبل أمام كل من يريد تغيير هذا الواقع المختزل لخدمة شخصيات معينة، ولأنه وبكل بساطة أصبح المجلس مزرعة للبقر الحلوب ويتمتع بلذة هذا الحليب ومشتقاته ثُلة مِن القيادات التي زرعت لنفسها الصعاليك والصغار، لتغطية الصادرات والواردات وهم من يوزعون صكوك الوطنية لعامة الناس.
إن كل مَن يرفض فكرة الحوار مع مشروع «بزاف» وبغض النظر عما تفرزه قوى الظلام التابعة للنظام السوري وكل من لف لفيفه هو قيادي جبان وتخلو شخصيته مِن القوة السياسية والدهاء القومي الذي ربما يخدم ما تبقى وإصلاح مجمل تلال الخَراب السياسي والتنظيمي.
ولا يمكن أن ننكر أن ما تتمتع به ميليشيات حزب العمال الكردستاني من صلاحيات باتت خاوية الشعور القومي والوطني ساعد وبشكل واضح للعيان على تردي أوضاع المناطق الكردية وإصابة الأطراف السياسية بحقن الخوف وكيفية زج خيرة شبابنا بمعاركٍ ليست لنا وليست بمكانها المطلوب ولا يمكن تبرير تغطية أهدافهم لإسكات الشارع الكردي حتى بفوهة البندقية من فرض الآتاوات والتجنيد الإجباري وحرق المكاتب الحزبية ومجمل أشكال الفرمانات لتفريغ المناطق الكردية من الأحرار ولكن إلى متى؟
لو أن الجميع وقف وقفة رجل لتسارعوا فيما بينهم لعقد هذا المؤتمر ولكان لدينا الآن قيادة سياسية عسكرية ترضي جميع الأطراف وعموم الشعب إلا أن حزب العمال الكردستاني الذي لا يرضى لا بالشريك ولا بمبدأ المحاصصة كان ولا زال يذرو الرماد في الأعين.
إن هذا المشروع (بزاف) يدعو للحوار الجاد، يدعو للوقوف بجدية على ما آلت إليه المنطقة من استبعاد سياسي ذي طابع قومي ووطني شامل، يدعو لتطعيم المجلس بالطاقات المستبعدة بشكل ممنهج ومقصود، نعم إن لكل زمانٍ رجاله وحان الوقت أن يدرك المجلسين وقياداته المتنفذة والواصلة أن عصر السكوت قد ولى ولم يعد هناك مكاناً أو فرصةً تتحمل أي التفاف يغطي ستائر الفشل التي لم تعد خافيةً عن أحد.
إن مَن يملك روح المسؤولية وشرايين الكوردايتي باستطاعته العثور على من يمثل مشروع «بزاف» في عموم الاتحاد الأوروبي وللنقاش الجاد الخالي من المزاودات المغطسة بالأيس كريم الحزبي الكلاسيكي، لقد تمتعت القوى السياسية لفترة ليست بالقليلة وتم إعطاؤهم المجال الكافي لسد جميع الثغرات للنهوض من جديد، ولكن لم نرى تلك القفزة النوعية التي يمكن أن نعول عليها في هذا الأتون السياسي الحارق
البديل موجود وبشكل واضح هو الاتفاق والعمل على التركيز لأجل مؤتمر وطني قومي كردي (بزاف) ليضم كافة التيارات الحزبية واللا حزبية وكافة الطاقات الشبابية والنخب المثقفة والعلمية، التي ترى في نفسها تقديم ما هو خير للقضية الكردية السورية والاعتماد على استئصال الروح الاقصائية المعترف بها ومنذ بداية العمل السياسي إلى الآن.