سنصعد إليهم… سنهبط لهم/ إليهم

إبراهيم محمود
نعم، هي ذي عبارة واحدة تستقطر شقيقاتها الأخريات: سنصعد إلى العدوان التركي وغير التركي بأرواحنا وهي مسلحة بآلاف السنين عمراً وديمومة بقاء. سنصعد إلى العدوان بظلال قاماتنا، باسمنا الذي لا يُستنسَخ، ولا يصرَّف بلغة أخرى. سنصعد إليهم بسمو قاماتنا، بثبات خطانا، بجسارة أيدينا وهي ترد على موت الأعداء بحياة لا تقهَر، كما كنا بالأمس، سنكون هكذا اليوم، وغداً وبعد غد، سنصعد إليهم برصيدنا من الحياة التي لا تنتهي، بل تتجدد .
سنصعد إليهم بجوعنا العظيم، بعطشنا الجليل، بقهرنا العنيد، بألمنا الصلب المراس،بظلال اسمنا ذات الأسماء الحسنى حتى سدرة المنتهى. سنصعد إليهم بأعمارنا التي لا تكف عن الصعود، ووجوهنا التي لا تكف عن الارتقاء بجباهها العريضة، سنصعد إليهم بقلوب أمهاتنا ذوات الإرادة المتراسية، وحب أطفالنا للحياة، وتمسك عجائزنا بالبقاء، وعشق نسائنا للقمم وهن يلدن كرديتهن ويطرحنها في وجه كل عدو.
سنصعد إلى العدو بقولة ” لا ” لعدوانك، حاملين معنا حبنا للأرض التي عايشناها منذ آلاف السنين، لمائنا الذي يتكلم بلغتنا، لترابنا الذي يتنفس عبر مسامات أجسامنا، لهوائنا الذي يزهو عبر رئاتنا.
سنصعد إليهم بأرضينا التي لا تخشى عدواناً وهي تنبسط كالحقيقة، وهي تستحيل رصاصة قاتلة في مواجهته.
سنصعد إليهم، هؤلاء المعتدون، الآثمون، الطغاة، الجناة، بكل إرثنا في البقاء والصمود والتمسك بالحياة.
سنصعد إليهم بحيواناتنا التي ألفتنا، بكلابنا التي تخشاها ذئابهم، بأشجارنا التي لا تنحني لأي عهاصفة، بأعشابنا التي تكسو أرضنا بيناعتها، بجمادنا وقد اشتعل قوة ونتوءات قاتلة في خاصرتهم.
سنصعد إليهم بكرديتنا ذات الاسم الوحيد، وهي مدججة بتاريخنا الذي يشدنا إلى جغرافيتنا، وجغرافيتنا التي تشهد على عراقة حضورنا فيها .
وسنهبط لهم، إليهم ، بالموت الزؤام، سنهبط إليهم، لهم، وفي إثرنا جبالنا التي يعتد بها، بأنهارنا التي تفيض حياة، سنهيط إليهم، لهم، بالعار الذي ينتظرهم، ويتلبسهم، مابقوا معتدين، قتلة. سنهبط إليهم لهم، بالحقيقة التي تعريهم حيث هم، حيث يكذبون عليهم، وحيث يحاولون تصريفها كما يريدون. سنريهم حقيقتهم البغيضة .
سنهبط لهم، إليهم بموتنا وقد أصبح موتهم، بقهرنا وقد تلبسهم، بإرادنا وقد ضعضعت إراداتهم.
سنهبط لهم، إليهم، بالخذلان المبين، والانكسار المبين، والذهول الذي يردهم على أعقابهم خاسئين. سنهبط إليهم، لهم، نلوّح لهم بنهار قاماتنا وتعلقنا بالحياة، لنريهم سواد ليلهم، وبؤس صورتهم عن أنفسهم، وعن تاريخهم، وعن غطرستهم.
سنهبط إليهم، لهم، ليدركوا ما لم يتوقعوه وهو أنهم في الدرك الأسفل من التاريخ .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…