ترامب والكرد وحرب النورماندي

 ابراهيم محمود
ما تفوَّه به الرئيس الأميركي ترامب بالأمس” الأربعاء 9-10/ 2019 ” على خلفية من الغزو التركي لروجآفا، ذاكراً الكرد مادحاً إياهم، سوى أنه انتقدهم لعائد تاريخي لافت ومحل استغراب طبعاً، حيث الكرد لم يساعدوا الأميركان في حرب النورماندي في الحرب العالمية الثانية على الشاطىء الفرنسي. وكان قوله مثار تعليقات مختلفة. يبقى السؤال الرئيس: كيف تفوَّه رئيس وليس كأي رئيس، يُتابَع ويُحلَّل قولاً وحركة في كل شيء؟ وليس لأن الربط بين الكرد وحرب النورماندي مفارقة عصرية كبرى أميركيا!
أإلى هذه الدرجة يجهل ترامب التاريخ في خطوطه الكبرى؟ ماالذي دفع به لأن يربط بين عدم مساندة الكرد للأميركان في حرب عالمية، ومعركة بعيدة وأي بعد عن جغرافيتهم، وعن موقعهم السياسي؟ ألأن ترامب، من خلال ما تلمَّس في التصدي الكردي لغزوات داعش على المنطقة وإلحاق الهزيمة بداعش، كما أبصر في الكرد ما هو أبعد من حقيقتهم، وهم في انتشارهم، وهم في مقاومتهم لعدو من صنف داعشي، بحيث يمكنهم الانتقال إلى أي كان ؟ هل قرأ ترامب شيئاً عن التاريخ الكردي، مثلاً، عن الصلة المزعومة بينهم وبين نسبهم الجنّي، فيسهل عليهم التنقل بين الأمكنة، حال النورماندي ؟
كيف يمكن تقويم هذا الخطأ ” وهو خطأ طبعاً، بمفهوم التاريخ ” والوارد بلسان رئيس متلفز بالصوت والصورة؟
كيف يمكن الوصل بين مديحه للكرد، ونقده لهم، كما لو أنه أراد أن يقول: لقد سحبت قواتي، رداً على موقف تاريخي، حيث امتنعتم يا كرد عن مساعدة أميركييّ في حرب النورماندي؟
لا بد من توسيع دائرة الكلام الخطأ، لحظة معرفة أن هناك عشرين مستشاراً للرئيس ، وأن أي رئيس، ليس الأميركي حصراً، حين يأتي على ذكر ما هو جغرافي، تاريخي، ثقافي، في جهة معينة، فإنما يعتمد على ما يقدَّم له من معلومات لهذا الغرض.
وهنا يكون مستشاروه في معرض المساءلة: أكانوا يريدون الإيقاع به؟ ولكن لذلك تداعيات مقلقة ومزعجة هنا وهناك.
أم تُرى أن الرئيس الأميركي، يمكنه التصرف في حالات معينة، بإيراد معلومات دون الرجوع إلى مستشاريه، كما هو الموقف هنا، فيكون خطأ الرئيس عنواناً داخلياً يترجم سلوكية الرئيس وعلاقاته بمن حوله .
هذا يقرّبنا من مدى معرفته لجغرافية المنطقة حيث تتحرك قواته، أو يتابع هو تحركاتها، فيكون الحديث عن انسحاب قواته من المنطقة الكردية المعلومة، نظير تفوهه بتلك العبارة التي وضعت الكرد والنورماندي في حلقة تاريخية واحدة؟
هنا خطأ تاريخي فظيع، وهناك خطأ جغرافي مريع، حيث فاتورة الخراب والضحايا لا تقدَّر بيسر .
أهناك من يخطط لإخراجه سريعاً من دائرة رئاسته، قبل انتهاء مدتها المعلومة، في ضوء أخطائه القاتلة ؟!
ربما…ربما !
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…