ابراهيم محمود
في مخاض الساعة الرابعة وعشر دقائق عصراً من يوم الأربعاء ” الأسود ” العالمي، في 9-10/ 2019، أطلقت تهليلة أردوغان على هجوم حقده المألوف الاسم المتوقع ” نبع السلام ” بتوقيع العراب العالمي ترامب. بكى شفان، وأطلق لمشاعره الهياجة العنان، واستصرخ مسن قرية ” Ségirka ” صحبة ” فيفيان فتاح ” مراسلة روداو، الضمير العالمي، لائذاً بقوة غيبية إلهية، غير دار ٍ أن ليس من قوة سوى القوة المعلومة التي تسمّي البياض سواداً وبالعكس, أن أمريكا صندوق ” باندورا ” الشر، تسمّي القوة على طريقتها، وإن مات في ظلها بشر بالآلاف، بالملايين كرداً وسواهم.
يقهقه ترامب في أعماقه على الذين يقلبون كلامه المتقلب على وجوهه، من الكرد، قبل سواهم، بينما واقع الحال، أن ما ينقلب في وضعه، حتى اللحظة، هم من يضعون لحيتهم في اليد الأمريكية المجرثمة، أن دين أمريكا، إيمانها، كتابها المقدس، حلفها باليمين، إنما ما تراه وفق منطق قوتها.
القوة، القوة، القوة، حيث الباطل يبقى معظَّماً، والكفر معظماً، والقتل ” الآثم ” مباركاً، والإيقاع بالآخر لعبة ذات نكهة، والدفع بالمعتبرين حلفاء إلى هاوية دون قرار. أن القوة تسمّي الأحمر أبيض، الأسود أخضر، الحلو حامضاً، العاقل مجنوناً، أن اللغة تتسطح، أو تتلكأ في معانيها كلما أفصح القوة هذه عن لون من ألوانها .
وحدهم الكرد عراة، في الساحة. وحدهم تتلبلبل ألسنتهم. ماكانوا وحدهم اليوم، إنما هو تاريخ غابر. تنفذ فيهم حربة القوة المسمومة بمقدار ما هم ضعفاء. ضعفاء بمقدار ما يتجاهلون أنهم ضعفاء. كما لو أن لسعات التاريخ التي تحمل بصمات ذوي القوة السافرة لم تعلّمهم معنى الكي، ووجع الكي، وعبرة الكي. كما لو أن جبلهم، سهلهم، واديهم، منحدرهم، صحراءهم، ضفتهم، شجرهم، نهرهم، وبحرهم…الخ، لم يمنحهم درساً تاريخياً واحداً.
لا يدخر الكرد جهداً في تمزيق بعضهم بعضاً والأعداء على مفارق طرقهم،على عتبات بيوتهم، على أفاريز شبابيكهم، وسط مطابخهم، بين نومهم وصحوهم، غضبهم وفرحهم، مرضهم وصحتهم، بأصناف ميكروبات، في إبراز التحدي لأعدائهم في الأمس واليوم، وتهديده بالويل والثبور، وهم يعبثون بحيواته، ثرواته، أعمار شبابه، مقدراته، بهائمه، نباتاته، جماداته، أنفاسه، حتى وهم يعيشون ويلاتهم، يذوقون مرارات تلو مرارات: فليأتوا، سنرد كيدهم إلى نحورهم! ويقبِل أعداؤهم وقد اختبروهم جيداً، وملؤهم سخريات من أسلاف أسلافهم، أنهم فالحون فيما ينوون على فعله، بمقدار ما يجدونهم مهدَّدين منهم، وهم شذر مذر، وهم مِزَق، وهم يهددونهم على الهواء مباشرة، فيتلبس الخراب حقولهم، دروب أنشطتهم، أحلام نسائهم، نطفاتهم، آفاقهم المرسومة.
القوة، القوة، القوة، نسل آخر من سلالة حقد الأعداء في الكرد، إنما في ظل عنجهية الكرد الذين يتباهون بقوتهم وهي تفقِدهم توازنهم ، وتكشفهم أكثر من أهداف مرصودة لرصاص أولئك الأعداء .
ما أكثر إسهال الكرد في استعراض قواهم، في تعرية الأعداء ووصفهم باللاأخلاقيين، اللاإنسانيين، اللاوجدانيين، بمعدومي الضمير، وهم معروضون في سوق نخاسات قوى الأعداء من كل حدب وصوب..
ليس من قرية كردية آمنة، ليس من بلدة كردية آمنة، ليس من مدينة كردية آمنة، ليس من إنسان كردي آمن، ليس من غد كردي آمن…!
إلى متى سيخرج الكرد الكرد من غفلتهم ؟