إلى العالم بأسره شعوباً و أمماً و دولاً و منظماتٍ و أحلافٍ و كتلٍ و أحزاب :

مركز ليكولين للدراسات و الأبحاث القانونية
نخاطبكم جميعاً خطاب السلام و الإنسانية و الإرادة الصادقة في الخير لكل البشرية و نقول : 
الكورد عموما و كورد سوريا خصوصاً كشعبٍ أصيل يعيش على أرضه التاريخية ، كانوا على الدوام و سيبقون عنواناً و مثالاً للإخاء و المحبة و السلام و سواها من المعاني الإنسانية النبيلة و المقدسة لكل محيطهم القريب و البعيد ، و لا مكان بالمطلق لمن يخالفهم هذا الطبع  و هذه الطبيعة فيهم أبداً .
نقول هذا و لا زلنا مؤمنون به أشدّ الإيمان و متمسكون بإتباعه و السير عليه ، رغم كلّ ما تعرضنا له و لا نزال من أهوالٍ و مصائب من الغير لا تستهدف مجرّد حقوقنا و إنكارها فحسب ، بل ترمي الى محو وجودنا من جذره و أصله .
أيها الأحرار في كل مكان :
نعيش اليوم نحن كورد سوريا على حواف الفناء المحتّم و ذروة الخطر ، نتيجة جملة ظروفٍ و عوامل قريبةٍ مباشرة و بعيدةٍ غير مباشرة تتمثل أبرزها في عدم قبول المحيطين بنا من ترك و عربٍ و فرس لنا و لخصوصيتنا التي لا دور و لا مشيئة لنا فيها ، بل هي إرادة الله التي نعتزّ بها في خلقه لنا كورداً .
 لن نغوص في التاريخ لإثبات هذه الحقيقة المؤسفة ، بل تكفيكم و تكفينا أمثلة الحاضر الراهن كبرهان دامغ عليها .
إذ رأيتم كيف أقدمت تركيا منذ قرابة سنةٍ و نصف على اجتياح عفرين و احتلالها بدواعي و ذرائع محاربة الإرهاب و الإرهابيين و درء خطرهم عن حدودها و أمنها القومي على حدّ وصفها ، فماذا كانت النتيجة و حال عفرين بعدها يا ترى ؟ 
النتيجة كانت و ما زالت و بعد سيطرتها على عفرين و إخلاءها من الإرهاب المفترض و المزعوم و طردهم ، أن عفرين أستبيحت بشراً و شجراً و حجراً ، و باتت غابةً مجردة من أي ّ رادعٍ أو قانون ، يُمارَس فيها كل صنوف و أنواع الإجرام من قتلٍ و سرقةٍ  و نهبٍ و سلبٍ و اعتقالٍ و اختطافٍ و تعذيب و حرقٍ و تدمير و استيلاء على الأموال و الممتلكات و مصادرتها و توطينٍ للعرب و تهجيرٍ للكورد كغايةٍ تعتبر أمّ الغايات التركية و أساسها من وراء الاحتلال و هي تغيير ديموغرافية عفرين و تجريدها من الكورد و من أي خصوصيةٍ كوردية و لو كان الثمن إبادتهم جميعاً .
 ونحوز رغم التكتم الشديد و الارهاب الممارس ضد سعاة الرصد و التوثيق ، آلاف الوثائق و الصور و الفيديوهات التي تثبت كل ما أسلفنا ذكره .
و الجدير ذكره أن كل ذلك حدث و يحدث بمساهمةٍ تامة و كاملة و مباشرة من قبل من يُسمون أنفسهم بالمعارضة السورية بشقّيها السياسي و العسكري ( الإئتلاف السوري و الجيش الوطني السوري ) الذين من المفترض بأنهم ثاروا ضد ظلم النظام السوري و استبداده و أتوا لنشر قيم الحقّ و العدل و مثيلاتها ، فما كانوا سوى أدواتٍ رخيصة للارتزاق بيد تركيا و شاركوها الحقد اللا مبرر تجاه الكورد .
أما النظام السوري و الذي ما زال يحظى بالتمثيل و الاعتراف الدولي ، فلم يكتف بالتخاذل عن أداء دوره و مسؤولياته تجاه عفرين كجزء يتبع لسيادة الدولة السورية ، بل تواطأ مع تركيا و التقت مصلحته معها و حتى مع المعارضة ، لكون الضحيّة هم الكورد ، الذين كانوا على الدوام مهمشون و مضطهدون و محرومون من ابسط حقوقهم في ظل هذا النظام .
أيها الأخوة و الأخوات.. دعاة السلام في العالم :
لم نورد مثال عفرين إلا لأن المسعى التركي الذي هو قاب قوسين أو أدنى من اجتياح مناطق شرق الفرات و احتلالها ، هو نسخة كربونية عن أهدافها و غاياتها و ممارساتها في عفرين ، حيث الكورد هم دائماً الهدف و المستهدف بالنسبة لتركيا ، و التغيير الديمغرافي المنظم و  الممنهج لتلك المناطق ذات الخصوصية الكوردية ، بإخلاء الكورد منها بشتى سبل الاجرام و إحلال العرب السوريين البؤساء النازحين محلّهم هي أولى الغايات التركية و أهمها .
و ينبغي أن نشير هنا إلى أن كل ذلك حدث في عفرين و يحدث و في طريقه لأن يتكرر المشهد ذاته في شرق الفرات دون أن يحرّك العالم ساكناً ، لا بل بات الكورد و مناطقهم مناسبةً و مسرحاً للصفقات و البازارات الدولية و الاقليمية ، و بات الكورد الذين قدّموا بدماء آلاف الشهداء في سوريا و العراق  إحدى أعظم و أجلّ الخدمات للبشرية جمعاء عبر القضاء على داعش ، باتوا سلعة للبيع و المساومة و بأبخس الأثمان ، و خدمةً لمن ؟ خدمةً لتركيا الراعية الاولى لداعش و الارهاب على مستوى العالم ،  و ما الفارق إلا أنه في الأمس القريب باعنا الروس في عفرين لتركيا و اليوم يبيعنا الأمريكيون في شرق الفرات  لهم .
و الآن و من مجمل ما سبق ذكره … ما اتينا إلا لنخاطب ضمير العالم و الانسانية أجمع  مُخلين مسؤوليتنا من أيّة تبعاتٍ محدقة ، ستكون يقيناً أكثر هولاً و كارثية و نطالبها ب : 
1- التدخل الفوري و العاجل بمختلف السبل و الوسائل الممكنة و كل ما من شأنه وضع تركيا عند حدها و منعها من الإقدام على أي عملية عسكرية أو اي شكل من اشكال التدخل في شرق الفرات و غيرها من مناطق سوريا ،  و إخضاعها لإلتزاماتها و مسؤولياتها الدولية المنصوص عنها في المواثيق و الأعراف و مختلف القوانين الدولية  و لا سيما تلك المتعلقة منها بإحترام حقوق الإنسان و سيادة الدول .
2- ضمان الانسحاب الفوري من عفرين و اخلاءها من كافة المظاهر العسكرية و الأمنية التركية و مرتزقتها ، و تسليم زمام أمرها الى جهة مدنية من أبنائها لتسيير و ادارة شؤونها بعد ضمان عودة كل النازحين و المشردين من أبنائها اليها .
3- وضع كافة المناطق على طول الحدود السورية التركية تحت رعاية و حماية أممية دولية و إشراف قوات تابعة لها ، تضمن أمنها و سلامتها من أي اعتداء أو مساس ، ريثما يتم الوصول الى حل عادل و شامل و نهائي في سوريا ، يضمن حقوق كافة مكوناتها .
و لا يسعنا في الختام إلا أن نحثّ أهلنا و أخوتنا في مناطق شرق الفرات جميعاً و أن  نحثّ أيضا قوات الحماية الكوردية بمختلف مسمياتها و قياداتها ، الى استخلاص أبلغ العبر و الدروس  من سيناريو عفرين ككل و الحدّ من تكرارها و لا سيما تلك المتعلقة منها بكوارث النزوح و آثاره ، و أيضاً عدم الدفع بالآلاف الى التهلكة في معركةٍ غير متكافئةٍ معروفة الحسم و النتائج .
ألمانيا ٨/١٠/٢٠١٩
مركز ليكولين للدراسات و الأبحاث القانونية
———— 
مركز ليكولين للدراسات القانونية يمنح كل شخص أو جهة حق النشر و ايصال هذه الرسالة الى من تريد في العالم ، بل يرجوكم القيام بذلك .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تُعتبر الدساتير المرجعية القانونية الأسمى في الدول، حيث تحدد شكل النظام السياسي، وتؤطر العلاقة بين السلطة والمجتمع، وتؤسس لمبادئ المواطنة والحقوق والحريات. غير أن بعض الدساتير، ومنها مشروع الدستور الجديد للجمهورية السورية، التي يقدمها الدستور بأنها” الجمهورية العربية السورية” يحمل في طياته تناقضات جوهرية بين النصوص المعلنة والغايات الفعلية التي تهدف السلطة إلى تكريسها، بتدبير تركي…

د. علي القره داغي الحمد لله الذي جعل التوافق بين أبناء الأمة من أسمى الغايات، ورفع من شأن العدل والمصالحة، وأمر بالحوار والائتلاف، وجعل السياسة الحكيمة قائمة على العدل والإحسان والموازنة بين المصالح والمفاسد، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. في سياق المسؤولية الشرعية، والواجب الفقهي، والتقدير…

صلاح بدرالدين تحية طيبة الموضوع: اتفاق الشرع – عبدي بعد سقوط نظام الاستبداد في الثامن من كانون اول / ديسمبر الماضي ، والانتقال الى مرحلة جديدة ، بات ترتيب البيت الكردي السوري ، وتجاوز الانقسامات ، وتحقيق المصالحة ، والتوافق على مشروع قومي – وطني موحد في مقدمة أولويات مهام المرحلة الراهنة ، وهي الى جانب كونها مطلب…

إبراهيم اليوسف   لقد أصيب ملايين الكرد السوريين كما أخوتهم السوريين، داخل الوطن وخارجه، بخيبة أمل كبيرة بعد تلقيهم مسودة الدستور السوري الجديد التي أقرت من قبل السيد أحمد الشرع، دون أن تتضمن أي إشارة إلى الكرد أو حتى مضمون الاتفاق الذي تم مع السيد مظلوم عبدي. ذلك الاتفاق الذي أثار جدلاً واسعاً في الشارع الكردي بين رافضين لم يجدوا…