من أوراقي المبعثرة.. الحلم 1

حزني كدو
بالأمس بعد أكلة شتوية فلكلورية، كوردية المنشأ والطعم والمذاق والصنع في بيت أبني المتزوج حديثا، لم أستطع أن أكمل السهرة معهم، ولم أشرب القهوة التركية، حيث غلبني النعاس، فحملت حالي وركبت سيارتي واتجهت صوب بيتي الذي لا يبعد سوى أمتارا قليلة عن بيته، ودخلت بيتي لأجد أولادي الأخرين منهمكين بمتابعة مباريات كرة القدم الدور الأوربي،
خلعت ملابسي وارتديت بيجامتي الشتوية حيث وصل برد منخفض اليكسا إلينا من دون أليسا، ثم ذهبت إلى السرير ولحفت نفسي جيدا باللحاف، 
وكغير عادتي لم أتقلب كثيرا في الفراش وأنا أفكر في أطفال سوريا والكورد الذين ماتوا تحت ثلج أليكسا، بل (غرقت في سبع نومة ) كما يقول المثل المصري، وحلمت أحلاما جميلا، حلمت أن سوريا أصبحت أجمل من الأول بكثير، البنيان فيها شاهق ونظيف، ألوانها بيضاء شفافة تسر النظر، لا أثار للدخان المتصاعد من المدافىء، شوارعها نظيفة، لا أثر لبقايا حيوانات الباعة المتجولين، الحدائق منتشرة عند كل زاوية و تفوح منها روائح عطرة زكية، الناس مبتهجين، ألبستهم نظيفة وجديدة، ثم رأيت شخصا في العقد الخامس من العمر يقال بأنه الرئيس، تقدمت نحوه وسلمت عليه، عجبا من يكون ؟ إنه لا يشبه الرئيس الذي عرفناه لعقود ! ولا يشبه أحدا من ذريته ! و لا أحد من الذين نعرفهم و يستميتون على المظاهر، كان شكله غريبا …ولكنه يبعث على التفاؤل، وقال بالحرف الواحد، أنا الرئيس الجديد المنتخب، صوت الشعب السوري العظيم، لقد انتخبني الناس لكي أعيد ترتيب البيت السوري بشكل ديمقراطي وحضاري يليق بهذا الشعب العظيم، ولقد تم اختيارك و تعيينك مستشارا لشؤون الدولة والوطن لفترة انتقالية …. فأبدا بما تراه ملحا ….لم أصدق …توقفت لبرهة …كدت أن ارفض أوامر الرئيس ….ثم تذكرت وطني الجريح وشعبه العظيم وما جرى له، وكنت في بيتي حيث تفقدت جميع غرفه ولكنني لم أجد فيه شيء …لم أنزعج من منظر الغرف وأنا أرى من خلال النافذة كيف غطى ثلوج اليكسا الساحات والطرقات، وكيف تعطلت الحركة، عندها تذكرت معاناة اللاجئين السوريين في المخيمات، كيف هدرت كرامتهم ؟ وكيف يباعون لتجار المال ؟ كيف مات أطفالهم من شدة البرد والجوع ؟ كيف مات ضمير الإنسانية جمعاء ؟ عندها أعطيت الأوامر بموجب الصلاحيات التي معي من قبل الرئيس وبدأت بمعسكر الزعتري و ما أدراك ما الزعتري …..جحيم في وضح النهار ….وبؤرة للفساد والجريمة والعار في الليل …وعلى الفور وبكبسة زر استبدلت سكانها، كل سكانها باعضاء الإئتلاف الوطني السوري، ببسام جعارة وعماد الدين والمقداد وزيادة وهيثم المالح ونواف البشير وكمال اللبواني الشيوعي المتحول الى اسلامي ومحمود السيد الدغيم والخالدي ومعهم بعض من ذيول الجيش الحر ….ثم انتقلت إلى مخيم دوميز ….وتذكرت مأسي أهل كوردستان وشعبها وكيف كان كورد سوريا يضحون لأجلهم، و على الفور استبدلت سكان المخيم بجمع أعضاء المجلس الوطني الكوردي (إلا بعضهم ) وأعضاء الهيئة العليا وبعض من أعضاء مجلس غربي كوردستان، وغالبية ممثلي مقرات أحزاب كورد سوريا، الذين تظهر عليهم حداثة النعمة، والغريب إنني رأيت جميعهم وقد حل البياض شعرهم مثل الثلج الذي يتساقط، لقد رأيتهم جميعا صغيرهم وكبيرهم و وضعتهم في شاحنة كبيرة مكشوفة نحو المخيم، ثم عينت عليهم رجلا يستميت في المظاهر و المناصب والتملق وتنفيذ الأوامر، وجعلتهم يقفون صفا واحدا تحت الثلوج التي تتساقط خارج الخيم، تذمر بعضهم بحجة المرض و الجوع والزمهرير، لكن لا بد من تنفيذ الأوامر والبقاء تحت الثلج، لا عودة إلى الفنادق والبيوت و الخيم حتى يتفق الجميع على صيغة تنهي التشرذم الكوردي و تلبي طلبات هذا الشعب العظيم الذي عانى الكثير .
أخيرا، انتقلت إلى مخيمات الجارة الغادرة، تركيا ورأيت الهول هناك، و أمرت بنقل جميع اللاجئين إلى ديارهم التي عمرت من جديد، و وضعت كل أعضاء الإئتلاف الوطني السوري وأعضاء المجلس الوطني السوري من قديمهم إلى حديثهم في المخيمات حتى يشعروا بمعاناة الذين نزحوا وشردوا من بيوتهم، لقد رأيتهم جميعا، الجرباء، طعمة، البني، الكتلة الكوردية، اصطيفوا والغريب كلهم كانوا صلع وبدون شعر، و كان بعضهم يبكي من الجوع والأخرين من البرد، ثم عينت جورج صبرة عريفا عليهم والذي بدوره طلب مني أن أرسل لهم كادرا يدربهم على أصول النقد، وفهم نظرية ما بني على باطل فهو باطل ….ثم تابعت مشواري نحو الداخل وهمومه …لكن منبه العمل أيقظني و لم يدعني أنهي ما أمرت به …والذي أمل أن يكمله شباب سوريا العظيم.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…