عماد شيخ حسن
ظاهرة عدم الإختصاص في مجتمعنا الشرقي عموماً و الكوردي بصفةٍ خاصة هي في الحقيقة أمّ المصائب و أسباب بلوانا و ما نحن فيه من حال .
و لكم في رأس هرم السلطة في سوريا الى أصغر مسؤولي القاع عبرة يا أولي الألباب .
الآفة منتشرةّ في كل حدبٍ و صوب و رجا ، في دوائر السياسة و الاقتصاد و القانون و الاعلام و التعليم و سواها .
و ما دفعني الى تناول هذه الظاهرة الخطيرة حقيقةً هي بعض المناسبات و الأمثلة التي أواجهها على الأقل في مجال إختصاصي القانوني و التي أرى في تبيانها خير دلالةٍ و برهان على مقصود الموضوع و تفشيه في عموم المجالات .
الدستور السوري و الذي هو أهم استحقاق ننتظره و ينتظرنا ككورد و الذي هو المدخل و الأساس الذي يجب علينا طرح حقوقنا و قضايانا عبره و تثبيتها .
ما هي جاهزيتنا إزاءه و ماذا أعددنا له يا ترى ؟ و من هم ممثلونا إليه يا ترى ؟
للأسف الشديد …لا شيء !!!
ذاك الدستور الذي يدرك الجميع علوّ قدره و مقداره و أعدّوا العدة له إلا نحن ، نحن الذين من المفترض أن نحتسب له أضعاف غيرنا ، كوننا الأكثر استهدافاً وعرضةّ للإنكار و هدر الحقوق ، و كوننا أيضاً الأكثر معاناةً في سابق الحال و الدساتير .
هل من المنطق في شيء أن نوفد الى هذا الاستحقاق و لجنته أشخاصاً عظيم مزاياهم و مهارتهم هي أنهم أتباع جماعةٍ و آيديولوجية لا أكثر ؟
هل من ذرّة إحساس بالمسؤولية أمام الشعب و التاريخ أن يكون ممثلونا فيها و اليها أناسٌ بالكاد محوا أميّة اللغة ، كتكليفي بوضع مشروع دستور لألمانيا الاتحادية ؟
هل من العدل و الإنصاف في شيء أن يتصدّى لهذه المهمة البالغة الحساسية ، الفشلة و المتسلقون و الانتهازيون ممنّ لا يحظون خارج انتماءهم الحزبي بثقة نفرٍ واحد و تمثيله ؟
أم أنّ الواحد منا بتاع كلّو ..و نفهم بالرياضة و السياسة و الاقتصاد و القانون كل العلوم و الخبايا و الخفايا و علم الغيب حتى .
هذا كله إذا ما أدركنا بالمقابل بأن الآخرون من دول المصالح و من السوريين أنفسهم نظاما و معارضات قد أعدوا العدة و الجاهزية و تأهبوا للموضوع في أعلى مستويات الخبرة و الاختصاص لديهم و في مختلف مجالات السياسة و الاقتصاد و القانون و العلوم الاخرى . لا بل و بدأوا من الآن بإطلاق ما يشير الى مرادهم و مطالبهم في الدستور الجديد ، و بإطلاق عبارات التهديد و الوعيد لغيرهم و للكورد تحديدا ، و بطريقةٍ تؤكد بأننا إن لم نكن بمستوى الحدث و المسؤولية فلن نحلم أو ننال أبسط ضمانٍ لحقوقنا .
كل هذا هو تعبيرٌ و انعكاس لحالنا و و تشرذمنا فرقا و احزاب و من بعده نأتي و نقول و سنبقى مرددين بأننا نتعرض للظلم و الإنكار و المظلومية و غيره و نلقي باللوم و الاتهام فيما بيننا و على الآخرين ، دون أن نعلم بأن العيب كل العيب هو دائما محصورٌ فينا و بيننا .
و توضيحاً و تعبيراً أكثر لحالنا أود القول :
خلال اليومين الماضيين و بعد صدور تقرير لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا و من خلال متابعتي لردود الأفعال إزاءه ، أتفاجىء بإعلامنا الكوردي أصحاب المهنية و ساستنا و حقوقيينا و منظماتنا العتيدة المناضلة ، أتفاجىء بقراءتهم الحصيفة الدقيقة لتقرير اللجنة و استنتاجهم بأن التقرير يتضمن توجّه اللجنة الى ان تركيا و الفصائل ارتكبوا ما يرتقي الى مستوى جرائم الحرب في عفرين !!!!!!!!!
رؤيتهم الثاقبة تلك دفعتني حقيقةً للشعور بالغباء و إعادة قراءة التقرير مراراً و تكرارا ، و لكن عبثاً و دون فائدة ، إذا أن ضآلة امكانياتي و محدوديتها لم تسعفاني بعد في إدراك هذا الأمر .
و أختم هنا … إذا كنا غير قادرين على فهم عبارات واضحة جاهزة بسيطة أمامنا و نحن الذين من المفترض النخبة و اصحاب الاختصاص و التمثيل في المجتمع ، فكيف يا ترى سيمثلنا من هم دون الاختصاص في لجنة الدستور التي سنكون مطالبين فيها ليس بمجرد القراءة بل بصياغة العبارات و الجمل الغاية في الدقة و التي من شأن حرفٍ أن يضرب بحقوقك عرض الحائط و يرميها في أقرب سلة مهملات .
لا تستغربوا ارجوكم من التقرير و مضمونه و نتائجه لأن ذات الذين قرأوه و فسروه لنا هم من تقدموا بملفات التوثيقات الى لجنة التقرير .
ألمانيا في ١٣/٩/٢٠١٩