ابراهيم محمود
16- بورتريهات وجوه
16″- وجه سيوان خليل مشروع روائية كردية تحتضن الحياة
سأتحدث هنا حديثاً مختلفاً، يدور حول وجه أنثوي مقبِل على الحياة، وجه كردي، لا يتردد في تسمية ما لديه، وبلسانه الفصيح أنه كردي، وهو تعبير آخر عن إفرازات قامشلي، ومستجداتها، يخص هذا الوجه فتاة ” صديقة ابنتي ” حتى الآن، وزميلتها المدرسية لاحقاً، وهي ” سيوان خليل ” وآمل أن تحيطوا بهذا الاسم علماً، وقد غامرتْ، وأي مغامرة بكتابة رواية، التي يقال عن أنها فن الرجل الكبير، وها هي تحمل بصمة فتاة لم تختبر الحياة كثيراً، وفيما أودعته روايتها ذات العلامة ” بيكس ” إفصاح عن رغبة في أن تصبح روائية كردية، ولو بالعربية .
هذه الـ ” سيوان ” التي قدّمت لي روايتها بحماس، كونها تعرفني، وفي بيتها، وكنا جلوساً عائلياً، تأكيداً على حميمية العلاقة، وربما بثقة ملحوظة، لكي أقرأها. إنها ثمرتها الأدبية الأولى.
يا لها من ثمرة صعبة التناول على شجرة صعبة الغرس أو الرعاية واليقظة لزمن طويل.
سوى أنها، وانطلاقاً من دافع التشوق إلى الأبعد، دافع تأكيد ذات في معلَم أدبي صعب، يتهيبه حتى ذوو أعمار متقدمة من ” رجالنا ” ومن هم مأخوذن بعدوى الشعر واستسهاله، كما لو أن مجرد الدخول في آصرة الرواية توقيع على هاوية، واستعداد للقفز عليها. وهذا يسجّل لها هذه المقدرة بغضّ النظر عما حققته روائياً، بغضّ النظر عن مدى صلتها بهذا الفن المشاكس .
أكتب هنا، من باب اكتشافي لهذا الوجه الأنثوي، والذي أتفاءل بغد يبتسم لها، وكلّي توقع، في ضوء ما تلمسته في حماسها، أن ” عجينها ” الأدبي يتضمن أكثر من رغيف، أن رغيفاً يشتبَه في أمره، فلا يخرج من ” التنور ” الفني ” في مستوى المقروء الفعلي. سوى أنه يبشّر بتاليه.
لهذا، يسهل أن أقول أن موضوع ” بيكسـ: ـها ” هو شعبها الكردي. وتلك علامة معتبَرة تسجَّل لها، وهي في هذا المقام الواقعي المشروخ، وفي وضع كوضعها، وبمثل هذا الوضوح، أعني المباشرة في الإشارة إلى شعبها الكردي، وكيفية تعرضه للظلم وظلمات التاريخ، ولعنوانها هذا ” بيكس ” ما يشهد على هذا التوجه ” دون أحد “.
في المزج بين الجانب الاجتماعي والثقافي المتداول، حيث التقاط تصورات من مشاهد تلفزيونية، ومن حكايات كردية، إلى جانب مسعاها في عملية البناء، كما لو أن المكتوب من عندها تماماً، نتعرف على عائلة صالح في حيها الشعبي، في مدينة تسمّيه، وهي معروفة، وكيفية تعرضه للظلم والتعذيب، لتلد زوجته فاطمة بيكس، وتنتهي هي، ليتم تبنيه من قبل عائلة أخرى، وتتسلسل الأحدث، حتى يعرَف في النهاية . بيكس، يظهر وسط أحداث دراماتيكية، مع أمه الأخرى، ويتزوج من فتاة ذات مغزى في اسمها ” شاهي ” أي ” الفرح ” ولينتهي هو نفسه في النهاية دفاعاً عن قضية شعبه الكردي متجرعاً السم، وحباً بأمه تلك ” وطنه، شعبه “.
وهأنذا أورد الكلمات التي أطلقها في وجه سجّانه، قبل أن يفارق الروح، وقد رفض الوشاية بأي من رفاقه ( سأعترف لكم، أنا كردي، هذه أرضنا وأنتم محتلون لها، لم نرفع السلاح يوماً فيوجهكم، أيدينا التي كبلتموها بسلاسلكم الحديدية، كانت وستبقى مرفوعة لنشر الحب والسلام، غادروا أرضنا، فها أنا أموت بسمّكم ، أتريدون أن تعلموا من هم رفاقي، إنهم أبناء شعبي بأكملهم صغاراً وكباراً، حتى الأجنَّة في بطون الأمهات هم رفاقي…ص158 ) .
الرواية ، باكورة كتابات سيوان، العزيزة سيوان، الواعدة بالآتي سيوان، لم تعدم ومضات أدبية، شعرية، لم تحرَم بدعة الخيال، وصبراً في متابعة الأحداث، فكان ما كان .
لعلّي على ثقة أن رواية سيوان القامشلاوية المهاد ستجد من يعنى بها، فلا تكون ” بيكس “.
……..يتبع
17ً- وجه تورجين رشواني، الوجه المأخوذ بأمل صعب