نظام مير محمدي*
يوم الأحد ٢٥ أغسطس تحدثت وكالات الأنباء عن الرحلة المفاجئة وغير المعلن عنها لمحمد جواد ظريف وزير خارجية للنظام الفاشي الديني إلى فرنسا. وتأتي هذه الرحلة في وقت عاد فيه ظريف من فرنسا إلى طهران قبل يومين من هذه الرحلة. وقبل عدة أيام كان ظريف قد زار الدول الاسكندنافية. فيما يتعلق بهذه الزيارات تصارعت مافيات النظام الداخلية وكل منها أمسكت خناق الأخرى حول أنه لماذا يشرع رئيس دبلوماسيتهم في رحلات لا علاقة لها بالنظام سوى تقديم تنازلات كبيرة فيها؟
بالنظر لرحلة جواد ظريف المفاجئة لفرنسا يتبادر هذا السؤال وهو ما هي الاضطرابات السياسية الحالية وماذا يمكننا أن نستنتج وماهي عواقب هذا الوضع؟
وصفت صحيفة كيهان رحلة ظريف إلى فرنسا بأنها «تصعيد الضغط، على أمل الانفتاح المزعوم». وأضافت هذه الإجراءات في غير وقتها «لا تعطي نتيجة بالتأكيد سوى تصعيد الوقاحة والضغط».
صحيفة «عصر إيران» أيضًا تشكك في أعمال روحاني ومن لف حوله وتقول لزمرة روحاني لماذا أصبحتم متحمسين إلى هذه الدرجة؟ ثم تصف نتائج الرحلة، وتشير إلى حقيقة ضعف النظام الخطير في التوازن السياسي الحالي وتكتب: «ألا يضع هذا القدر من الحماس والسفر إلى فرنسا، إيران في موقف أضعف؟».
من ناحية أخرى، ظهر روحاني إلى الساحة ليدافع عن أفعاله. ولكن الأمر البارز في تصريحه كان اعترافًا خطيرًا بالاختناق في ظل العقوبات.
حيث قال: «بعض الناس يبدون وكأنهم قطن في آذانهم ولا يسمعون ما نقوله … نحن نعيش الآن في وضع تعرفون أننا خاضعين لأقسى العقوبات منذ عام».
الظروف القاسية التي يشير لها الملا روحاني ناجمة عن الأزمة الاقتصادية، بمعنى أن النظام وصل إلى وضع يستجدي بأن يسمحوا له ببيع 700 ألف برميل من النفط فيما كان يبيع يوميًا قبل العقوبات مليونين و 700 ألف برميل.
كما أن اقتصاد النظام منهار ولا يوجد أي مال يستطيع النظام أن ينفقه ويقدمه لمرتزقته مثل حزب الشيطان.
بحيث أن صحيفة نيورك تايمز كتبت بأن النظام الإيراني أجير على أن يقلل الأموال التي يدفعها لحزب الشيطان للنصف. لذلك فإن رحلة ظريف للدول الأوروبية وخاصة رحلته المتسارعة لبياريتز في فرنسا حيث يعقد قمة القادة السبع جي7، من أجل إيجاد منفذ ومخرج للنظام من المأزق العالق فيه. ولكن الحقيقة هي أن الأزمات التي علق فيها النظام وصلت لدرجة حادة جدا أفقدت النظام القدرة على السيطرة والتحكم.
ولهذا السبب يمكن الاستنتاج بأن أي من هذه المساعي الحثيثة لن تداوي مرض وألم هذا النظام بل ستؤدي لخلق أزمة جديدة أو تكثيف وتشديد الأزمات الحالية.
إن الرحلة الدبلوماسية لوزير خارجية النظام كما يصفها الملالي من أجل القيام بلقاء امتد لـ ٢ أو ٣ ساعات مع التوقف في أحد الفنادق المحلية من الدرجات الدنيا، لا تتوافق مع أي عرف دبلوماسي ولا يمكن تفسيرها سوى على مستوى الإكراه واليأس المطلق.
يدرك نظام الملالي المعنى السياسي للإهانة، ولكن بسبب الأزمات المزمنة التي علق بها سيتشبث بأي عمل وإجراء ولو كانت فيه مقدار كبير من الإهانة والذل. ظريف اعترف بهذا الوضع في تغريده كتبها، حيث قال: “أمامنا طريق صعب ولكن الذهاب أفضل من عدم الذهاب”.
صحيفة كيهان المرتبطة بخامنئي كتبت بأن «(هذه الرحلة) ليست سوى إرسال رسالة ضعف ويأس … الحزمة الفرنسية المقترحة – إطالة عمر الاتفاق النووي عن طريق تعميم مواده لتشمل الملفات الصاروخية والإقليمية – هي في الواقع تكرار لشروط التفاوض الأمريكية مع إيران بـ12 شرطا».
قبل هذا، تحدث علم الهدى امام الجمعة وممثل خامنئي في مدينة مشهد في حديث له وقال: ”النظام محاصر بين مطاحن أمريكيا وأوروبا وأصبح مثل الذي يمسكه أحدهم ويثبته بينما يضربه الآخر“.
في الفضاء الافتراضي سخر الإيرانيون أيضا من رحلة ظريف ومن جملة ما كتبوه على التويتر:
كفي سياسة الاسترضاء! لقاء فنلندا والسويد والنرويج مع جواد ظريف مبرر جرائم خامنئي والذي لا يملك أي قرار، يعني تقويض وإهانة القيم الإنسانية وحقوق الإنسان. إلى متى وأين ستستمر المشاركة في قتل الشعب الإيراني؟! عار على الاسترضاء والمتماشين مع نظام الملالي. إن أي استرضاء للنظام الإيراني السفاح هو خيانة للشعب الإيراني. ظريف قاتل ومجرم وهو إرهابي لا يمثل الشعب الإيراني. إن القيمة السياسة للاسترضاء مع هذه الحكومة المجرمة جعلت الشعب الإيراني وخاصة النساء والشبان والشابات يدفعون ثمنها. وطبعا سنقف وسنظل واقفين حتى نيل الحرية.
قفوا لجانب الشعب الإيراني وعلى الأقل لا تدعموا هذا النظام المجرم ولا تشجعوه على القمع.
الأمر المؤكد هو أن النظام الحاكم في إيران عالق في طريق مسدود، ويفتقر إلى القدرة على الخروج.
إنه طريق مسدود فرضته المقاومة الإيرانية على نظام ولاية الفقيه وعلق فيه من خلال اتباعها لخارطة طريقها المبدئية.
قبل ثلاثة أسابيع، قال الملا مصطفى بور محمدي، أحد الجناة الرئيسيين لمذبحة عام 1988 وإعدام 30.000 سجين من مجاهدي خلق، في موقف تلفزيوني صريح إنه خلال الأربعين سنة الماضية، فإن أي مأزق وأزمة كنا نعاني منها كانت بسبب المجاهدين!
والحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن الفاشية الدينية المهيمنة قد حوصرت في مأزق وطريق مسدود ولا يمكن تصور وجود أي طريق لخلاصها وهذا سيؤدي حتما إلى الإطاحة بالنظام الأمر الذي سيصب في مصلحة الشعب الإيراني وشعوب المنطقة.
*كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني