أجرى اللقاء والحوار جمال حمي
لقاء مع السياسي الكوردي البارز الأستاذ إبراهيم برو ، الرئيس السابق والقيادي البارز في حزب اليكيتي الكوردستاني – سوريا ، والرئيس السابق وعضو هيئة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني الكوردي – سوريا .
– أستاذ إبراهيم ، دعنا نبدأ بأسلوب الخطفِ خلفًا ونبدأ من حيث إنتهت جولاتك الأخيرة مع زملائك في هيئة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني الكوردي على أهم عواصم القرار العالمية وعلى رأسها موسكو وواشنطن ، لنسألك بعدها عن حديث الساعة آلا وهو ” المنطقة الآمنة ” المراد إنشائها في ما بات معروفًا اليوم بمصطلح شرقي الفرات ، حيث يشغل هذا الأمر فكر الشارع الكوردي ويقلقهم ويقض مضاجعهم وبات يشكل اليوم أكبر هواجسهم ومخاوفهم على مستقبلهم ومستقبل المنطقة عمومًا .
س١- هل كان ذهابكم إلى هذه العواصم بطلب من المجلس الوطني الكوردي ، أم أنه تم إستدعاؤكم من قبل صُنّاع القرار في هذه العواصم لعرض خططهم عليكم ، وماذا كنتم تحملون في جعبتكم وقتها ، وهل نقلتم إليهم هواجس الشارع الكوردي ، وهل إستطعتم التأثير في قراراتهم أو إنتزاع الحد الأدنى من حقوق الكورد في سورية منهم ؟
ج١-زيارتنا الى عواصم الدول تتم بناءًا على طلبنا حيث نلتقي مع المعنيين بالشأن السوري لنطلعهم على معاناة شعبنا ونسمع منهم ما يتم من ترتيبات في سوريا عامة وفي المناطق الكردية بشكل خاص ونعرض عليهم رؤيتنا للحل السياسي في سوريا وكذلك مخاوف شعبنا في حال حدوث حرب بين تركيا والعمال الكردستاني وأن تصبح هذه المنطقة مسرحًا لتصفية حساباتٍ ليس لكرد سوريا فيها أي مصلحة سوى تعرضهم للقتل والتهجير وكذلك المخاوف من الحلول الجزئية حيث تتعرض أغلب المناطق في سوريا إلى تغيير ديمغرافي من قبل النظام السوري وحليفه الإيراني وأن يُستكمل هذا المشروع بتوطين السوريين المهجرين إلى تركيا في هذه المناطق قسرًا مما سيكون جريمة بحق هؤلاء الناس من حرمانهم من العودة الى مناطقهم الأصلية وبنفس الوقت يحدث تغييرًا ديمغرافيًا للمناطق الكردية.
وكانت هناك تطمينات أمريكية لنا من خلال التفاهم مع تركيا وأخذت مخاوف الدولة التركية بعين الإعتبار وإبعاد شبح الحرب عن المنطقة،
أما بخصوص التأثير على قراراتهم فهذا لا يحدث بجولة من اللقاءات ، فعلى مدى السنوات السابقة كانت لدينا زيارات وعلاقات جيدة مع العديد من الدول المعنية بالأزمة في سوريا حيث يتم الترحيب والإستماع للمجلس من قبل هذه الدول وهي تعلم بأن المجلس الوطني الكردي متمثل في جميع المحافل الدولية وجزء أساسي من المعارضة السورية ويحظى بثقل وإحترام مقبول في الشارع الكردي .
س٢- هل لدى هذه العواصم كموسكو وواشنطن وغيرهما، أي فيتو على دخول بيشمركة روج إلى المناطق الكوردية في سورية ، وهل سيتم إشراكهم في حماية ” المنطقة الآمنة لاحقًا ، وهل ستكون عفرين وكوباني ضمن هذه المناطق ، وهل وعدوكم بأنه سيكون للمجلس الوطني الكوردي دور محوري وأساسي في إدارة ” المنطقة الآمنة ” التي يتم التحضير لها ، وماهو شكل هذا الدور ؟
ج٢- لا يوجد فيتو من أي دولة على دخول البيشمركة .
وكون أغلب المناطق الكردية خاضعة للنفوذ الأمريكي فإنه يتم مناقشة هذا الموضوع مع الجانب الأمريكي إذ منذ ٢٠١٥ كانت الجهة الوحيدة التي تضع الفيتو على دخول البيشمركة هي ب ي د والأمريكيين قاموا بعدة محاولات لإقناعهم بدخول البيشمركة لكن في إحدى اللقاءات مع السفير الأمريكي إعتذر وقال بكل وضوح “حاليا لا نستطيع أن نضغط على ال ب ي د أكثر لأنهم سيذهبون إلى الروس ونحن لانريد أن نخسر هذه القوة التي ستساعدنا في تحرير منبج والرقة وفيما بعد نستطيع أن نغير سلوكهم وفك إرتباطهم مع ال ب ك ك وحسم علاقتهم مع النظام وتحسين علاقتهم مع المجلس والمعارضة السورية.”
وخلال لقائنا الأخير قال الجانب الأمريكي أنهم طلبوا من قيادات ب ي د القبول بالشراكة مع المجلس ودعم المبادرة الفرنسية لإيجاد إتفاق سياسي من خلاله سيتم حسم دخول البيشمركة.
ومنطقة كوباني هي جزء من المنطقة الآمنة بين أمريكا وتركيا وبموافقة ب ي د وسيتم إقامة هذه المنطقة على ثلاثة مراحل من نهر الفرات إلى نهر الدجلة وبعمق مختلف من ٥ الى ١٤ كم حيث تنسحب جميع قوات قسد مع إزالة مقراتها العسكرية وسحب أسلحتها إلى مسافة أكثر من ٢٠ كم وتسير دوريات تركية برفقة الدوريات الأمريكية وتؤسس لها مقرات في المنطقة ، والطيران التركي سيقوم بجولات الإستطلاع ضمن قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش.
لكن منطقة عفرين لا تخضع لنفوذ الأمريكي ويعتبر الأمريكان ماجرى لعفرين هي نتيجة حماقات ب ي د بإعتماده على النظام السوري.
س٣- هل تعتقد بأنه يمكن للإدارة الذاتية ولاسيما حزب الإتحاد الديموقراطي أن يقطع جميع علاقاته وصلاته بتنظيم PKK التركي ويعود إلى ( سوريته ) إن جاز لنا التعبير ، وأن يكون جزءًا من الحل بعدما كان ومايزال جزءًا من المشكلة لسنوات طويلة ، وأن يقبل الشراكة السياسية الحقيقية مع المجلس الوطني الكوردي في إدارة هذه المنطقة ، أم تعتقد بأنه لايجب أن يتم إشراك تنظيم PYD في أي إدارة مستقبلية قادمة ؟
ج٣- بخصوص علاقة ب ي د مع ب ك ك لا يمكن الفصل بينهما في الوقت الراهن وقد تسببت بالويلات لكردستان سوريا نتيجة هذه العلاقة واستطاعت أن تقنع مؤيديها بأن القضية الرئيسة مع تركيا وليست مع دمشق ووقفت إلى جانب النظام منذ بداية الثورة السورية و بوكالة عن النظام قامت بمحاولات إنهاء جميع المعارضين وخلقت عداوات كثيرة للكرد مع المكون العربي حين دخل إلى عمق المناطق العربية وربما سيدفع الشعب الكردي حماقة سياساتها لعشرات السنين .
أما إمكانية الشراكة فذلك يتطلب أن تعلن ب ي د صراحة أنه حزب سوري وأن يفك إرتباطه مع ال ب ك ك وحاليا هناك مبادرة دولية لإقناعهم عن التخلي عن سلوكياتهم وتتفاهم على إتفاق سياسي مع المجلس الكردي وفي وقت لاحق مع المعارضة السورية.
س٤- كلنا يعلم أستاذ إبراهيم أن غالبية القيادات في المجلس الوطني الكوردي عادت إلى روج آفا وعلى رأسهم الأستاذ سعود الملا ، وهم يمارسون عملهم ونشاطاتهم في الداخل ، فإلى أي مدى تعتقد بأن وجودهم هناك وفي هذه الفترة بالذات أضعف أداء المجلس الوطني الضعيف أساسًا وأثر على قراراتهم ، بدليل أن تصريحاتهم ومواقفهم أصبحت اليوم خجولة جدًا أكثر مما كانت عليها في السابق ؟
ج٤-بخصوص عودة قيادات المجلس إلى الداخل، فالمجلس الوطني وأحزابه يعملون في الداخل وساحة نضالهم هي كردستان سوريا وبظروف صعبة وقاسية ( مضايقات – ملاحقات- إعتقالات ، فصل وطرد ….إلخ ) ، وبعد سيطرة ب ي د على مناطقنا بالوكالة أزداد معاناة شعبنا أكثر وفق سياسات ممنهجة ربما عجز النظام السوري عن القيام به طيلة العقود الماضية من (القتل والخطف والإعتقال والتهجير والترحيل القسري ) وشيء طبيعي يكون هناك بعض القيادات في الخارج بسبب العمل الموكل إليهم هناك، فالحالة السورية وتعقيداتها تتطلب وجود ممثلين للكرد في الكثير من الدول للقيام بجهود دبلوماسية وإتصالات مع الدول المعنية بالأزمة ، فصمود الأغلبية المطلقة لقيادات وكوادر المجلس في الداخل بهذه الظروف الصعبة، رغم القمع والإعتقال والترهيب ، وكذلك التمثيل في المحافل الدولية والمفاوضات ذات الصلة بالشأن السوري تعتبر عامل قوة للمجلس وليس ضعفًا”.
س٥- سبق وأن دعى الأستاذ سعود الملا الشعب الكوردي للعودة إلى روج آفا ، وكلنا يعلم أن حضرتك تعرضت إلى الخطف والإعتقال والنفي وإلى التهديد بالقتل أيضًا من قبل آسايش الإدارة الذاتية ، وكذلك هنالك حكم بالإعدام صدر بحق الدكتور عبد الحكيم بشار من قبل النظام السوري ، ناهيك عن التهديدات التي تتلقونها ونتلاقها نحن أيضًا كمعارضين لهذه الإدارة ، فماهي الضمانات لهذه الدعوة ، وهل تجرؤ أنت على العودة إلى روج آفا في هذا الوقت الراهن ؟
ج٥- العودة الى الوطن حق طبيعي وواجب علينا ، لكن منظومة ب ك ك لديها سوابق في التهديد والقتل والخطف ليس في سوريا فحسب ، بل بأية دولة في العالم
و إن إيجاد أرضية آمنة في كردستان سوريا هي مسؤولية قوات التحالف الدولي وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية كون هذه المنطقة خاضعة لنفوذها.
وفي السنوات السابقة كانت أمريكا تتحجج بأن أجواء الحرب لا تساعد على الأمن والإستقرار، أما الآن بعد إنتهاء الحرب على تنظيم داعش يتطلب إيجاد بيئة آمنة لعودة جميع المهجرين والمنفيين نتيجة ممارسات ب ي د لتهيئة الأرضية لتشكيل إدارة جديدة منتخبة من جميع أبنائها في الداخل والخارج .
أما بخصوص عودتي فلن أتراجع عن العودة وهو حق مسلوب ،
وبعد ترحيلي القسري وتهديدي بالقتل حاولت العودة بضمانة وسيط أمريكي ، وكان جواب إدارة ب ي د بأنه هناك تهديدات لي بالقتل و يجب أن تكون جميع تحركاتي تحت حمايتهم و أنا رفضت أن تصادر إرادتي السياسية بهذا الشكل المهين .
٦- نسمع ونقرأ تصريحات العديد من القياديين في المجلس الوطني الكوردي من أجل تجاوز الخلافات مع الإدارة الذاتية والعمل على إصلاح ذات البين معها ، فإلى أي مدى تعتقد بأن هذه الدعوات منطقية وواقعية ، وهل تعتقد بأن هنالك جهة سياسية كوردية مخولة بالقفز فوق الجرائم التي إرتكبتها هذه الإدارة بحق الشعب الكوردي ويحق لها أيضًا أن تعفو وتصفح عنها ولاسيما نحن نتحدث هنا عن جرائم حرب وكوارث حقيقية تسببت فيها هذه الإدارة للشعب الكوردي ، وهددت الأمن القومي الكوردي ، بل وجعلت مصير الكورد على كف عفريت كما يقال
ج٦- الشعب الكردي عانى من الويلات على يد هذا الحزب من ترحيل وتهجير ومجازر و قتل وخطف وإعتقال و تعذيب و تشهير وتهديد ، ولدينا تجارب سابقة في الإتفاق معهم برعاية الرئيس برزاني من خلال ثلاث إتفاقيات ولم يلتزم بأي واحدة منها ، وحاليًا هناك جهود دولية لإيجاد صيغة تفاهم بين المجلس و ال ب ي د وهذا يتطلب منهم عملًا والتزاما جادًا بتغيير سياساتهم التدميرية لكي نستطيع أن نبني شراكة عسكرية وسياسية وإدارية عبر إنتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة ، وعلينا أن نحترم إرادة الناخبين في إختيار ممثليهم .
س٧- عندما يقول المجلس الوطني الكوردي أنه حامل المشروع القومي الكوردي في سورية ، ماهي المعايير القومية التي إستندتم عليها لتقولوا مثل هذا الكلام ، و هل الدعوات لبقاء الكورد ضمن النسيج السوري ورفض فكرة التحرر والإستقلال أو تجاوزها في الوقت الراهن ، هو مطلب شعبي كوردي عام ويندرج أيضًا تحت مفهوم الفكر القومي الذي تنادون به ؟ وكم تراه قريبًا من النهج البارزاني الذي تعلنون كل يوم بأنكم تتمسكون به وتمشون على خطاه ؟
ج٧- منذ تأسيس الحركة الكردية في سوريا وهي تعبر عن طموح الشعب الكردي القومية كشعب يعيش على أرضه التاريخية ، وناضل على مدى أكثر من نصف قرن ولم يتخلى حتى هذه اللحظة عن هذا المشروع ويعمل كل ما بوسعه من خلال عمله في أطر المعارضة وفي أروقة الأمم المتحدة لتثبيت حقوق الشعب الكردي دستوريا” عبر نضال دبلوماسي شاق وطويل مع شركائنا في المعارضة والدول المعنية والمؤثرة ، ونحن كمجلس وطني كردي رؤيتنا للحل السوري هو إنهاء الحكم المركزي الدكتاتوري ووضع دستور يلبي طموح جميع المكونات السورية عبر دولة إتحادية تعيد الأمن والأستقرار و الأزدهار للجميع …
بكل تأكيد الطموح حق مشروع ، ولكن هناك فرق بين الرغبة والأمنية وبين المعطيات السياسية ، وعلينا أن ندخر كل جهدنا لتحقيق الأفضل لشعبنا ، وهذه مرحلة مفصلية تتطلب منا جميعا كأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الآكاديمية وكافة فعاليات المجتمع الكردي والشخصيات المستقلة المهتمة القيام بمسؤولياتنا وعدم تفويت الفرصة .
المجلس الوطني الكردي يتمسك بخياره السلمي بعيدًا عن العنف والترهيب للدفاع عن حقوق شعبنا ونستمد مشروعيتنا من تاريخ وإرث نضالات شعبنا وهو ما يتقاطع مع المشروع القومي الكردي والذي يكرسه الحزب الديمقراطي الكردستاني – الحليف متمثلا” بشخص الرئيس برزاني كحامل لهذا المشروع .
——————-
عن صفحة الكاتب جمال حمي