– كان أداء المجلس ضعيفًا بكل تأكيد، ويعرف ذلك القاصي والداني في الشارع الكردي ، أمّا أسباب هذا الضعف فهي كثيرة، وتحتاج الى الكثير من الحوار حولها.
– الإتحاد الديمقراطي هو الجهة الوحيدة التي تتحمل مسؤولية دخول تركيا إلى عفرين.
– تخفيف عذابات أهل عفرين كان ممكنًا وبقوة لو استوعب المجلس الوطني الكردي المعادلة السياسية وطرح نفسه شريكًا في حماية عفرين وإدارتها من خلال التنسيق مع تركيا .
– الجهة الوحيدة التي أعلنت صراحةً الفيتو على دخول بيشمركة روج هو حزب الاتحاد الديمقراطي.
– ال pkk وفرعه السوري الإتحاد الديمقراطي لا يملك الخيار إلا التجاوب مع المشروع الأمريكي التركي أو العودة إلى النظام وتنفيذ الإتفاق الأساسي بينهم والذي ينص على حماية آبار البترول ومنع الكرد من المشاركة في الثورة ..
– ممارسات حزب الإتحاد الديمقراطي ألحقت ضررًا كبيرًا بالقضية الكردية أكثر من كل الممارسات الشوفينية للسلطة الحاكمة المجرمة.
في حوار هادئ جرى بيني وبين الدكتور عبد الحكيم بشار وبعيدًا عن الإعلام ، فدار بينا هذا الحوار :
الدكتور عبد الحكيم بشار، السكرتير السابق وعضو المكتب السياسي للحزب الديموقراطي الكوردستاني – سوريا، وأول رئيس للمجلس الوطني الكوردي، ونائب رئيس الإئتلاف السوري المعارض.
هنالك إنطباع وشعور لدى شريحة واسعة من أبناء الشعب الكوردي في سوريا، أن الكورد هم الخاسر الأكبر في الحرب السورية التي طالت لسنوات عديدة، وهنالك شعور أيضًا بالخذلان وخيبة أمل من الحركة السياسية الكوردية بشكلٍ عام بسبب ضعف أدائها ولا سيما المجلس الوطني الكوردي، الذي يعقد عليه الكثير من الكورد آمالًا كثيرة، ويعتقدون أيضًا أن القضية الكوردية في سوريا بل وحتى الوجود الكوردي فيها أيضًا وصل إلى مفترق طرق خطيرة، ويعتقدون أن دخول بيشمركة روج إلى كوردستان سورية هو بمثابة الحل وهم القادرون على إعادة الأمور إلى نصابها بعد سنواتٍ من عبث وإفساد القنديليين فيها، ولذلك نود أن نطرح على حضرتك بعض الأسئلة والتي تدور في عقول وأذهان الكثير من الكورد .
س١- هل تعتقد دكتور أن أداء المجلس الوطني الكوردي كان ضعيفًا؟ وماهي الأسباب؟ ومن هم الذين عملوا على إضعاف المجلس؟ وهل المجلس الوطني الكوردي يتحمل جزءًا من المسؤولية السياسية والأخلاقية والإنسانية لمآلات الأمور الكارثية في روج آفا؟
وكم تعتقد هي النسبة المئوية لمسؤولية المجلس الوطني الكوردي عن هذه الكوارث؟
ج١ – نعم كان أداء المجلس ضعيفًا بكل تأكيد، ويعرف ذلك القاصي والداني في الشارع الكردي ، أمّا أسباب هذا الضعف فهي كثيرة، وتحتاج الى الكثير من الحوار حولها، فمنها العامل البيروقراطي في إتخاذ القرارات وآلياتها وآليات تشكيل الوفود وصلاحيات كل هيئة وعدم توفر الكفاءات ذات الإختصاص، وتحجيم دورها وغيرها الكثير من العوامل، و لا يمكن تحميل المسؤولية لجهة محددة أو شخص بذاته، ولكن تزداد المسؤولية عند ضعف أداء المجلس مع زيادة موقع هذه الجهة أو تلك في مراكز القرار، وأعتقد أن الدور الرئيس الكارثي الذي حصل في كوردستان سوريا تسبب به بشكل مباشر حزب الإتحاد الديمقراطي وبشكل ممنهج ومدروس ولكن لا يمكن إعفاء المجلس مما حصل ويحصل، بإعتباره قوة سياسية وجماهيرية تقع على عاتقها مسؤولية كبرى في هذا الصدد، وكان على المجلس أن يضع الخطط والبرامج التي تقي أو تخفف على الأقل من الآثار المدمرة لممارسات الإتحاد الديمقراطي على المجتمع الكردي، وتزداد هذه المسؤولية بشكل مضطرد مع الشرعية السياسية والجماهيرية للمجلس، ولكن لا يمكن تحديد نسبتها المئوية لأن ذلك يحتاج الى مراكز إحصاء وإستبيان مختصة في هكذا أمور .
س٢ – هل كان بإمكانكم كمجلس وطني كوردي وكجزء من المعارضة السورية إيقاف الإجتياح التركي لعفرين؟ وهل كان بإمكانكم تخفيف عذابات الكورد في عفرين؟ وهل قدمتم مساعدات لأهلها؟ أم لم تقدموا أي شيء؟ وإذا كان نعم، ما هو شكل هذه المساعدات؟ وإن كان الجواب لا ، لماذا لم تقدموا أي شيء لعفرين؟
ج٢- سأقول ما لم يقله إلا القليل من الكرد، الإتحاد الديمقراطي هو الجهة الوحيدة التي تتحمل مسؤولية دخول تركيا إلى عفرين، فالإتحاد الديمقراطي هو جزء عضوي من حزب العمال الكردستاني المصنف على لائحة الإرهاب أمريكيًا وأوروبيًا وتركيًا، وهناك حالة حرب بينها ويين تركيا
لا أعتقد أن الحملة العسكرية التي تشنها تركيا على مواقع ومقرات حزب العمال الكردستاني في كردستان العراق وخاصة جبال قنديل بخاف على أحد، فكيف يمكن أن يتصور أي عاقل أن تسمح تركيا بسيطرة حزب العمال الكردستاني عبر فرعها السوري على منطقة حدودية لها مثل عفرين وكوباني والجزيرة، لن تقبل أي دولة في العالم تملك الامكانيات ولن تسمح بسيطرة قوة معادية لها على حدودها، لقد حاول حزب العمال عبر فرعه السوري نقل معركته مع تركيا إلى المناطق الكردية في سوريا، وكان كل نشاطه موجهًا بإتجاهين:
١- قمع الكرد المشاركين في الثورة والمناهضين للنظام.
٢- توجيه الرأي العام الكردي في سوريا على أن قضيتنا مع النظام التركي وليس النظام السوري، لذلك كان الدخول التركي متوقعًا، ونفس الشيء ينطبق على شرق الفرات،
وأعتقد أن تخفيف عذابات أهل عفرين كان ممكنًا وبقوة لو استوعب المجلس الوطني الكردي المعادلة السياسية وطرح نفسه شريكًا في حماية عفرين وإدارتها من خلال التنسيق مع تركيا وهذا لم يحصل ،
ولم تقدم الحركة الكردية في سوريا بما فيها المجلس الوطني الكردي حسب معلوماتي مساعدات تذكر، وإن كان هناك بعض المساعدات فهي لم ترتق إلى المستوى الذي يمكن له أن يحدث تغييرًا إيجابيًا في حياة أهلنا في عفرين ،
أما لماذا لم يتم تقديم المساعدات المطلوبة يمكن اختصارها بسببين:
الأول الموقف السياسي للمجلس الوطني الكردي والذي كان شديد اللهجة تجاه تركيا مما حرمه من أية فرصة لتقديم أي شكل من أشكال المساعدة لعفرين، لأن أية مساعدة لعفرين يحب أما أن تمر من خلال تركيا أو النظام السوري .
الثاني: ضعف الإمكانيات المادية للمجلس الوطني الكردي ،
س٣- هل صحيح أنكم باركتم الاجتياح التركي لعفرين وأنكم أيدتم ذلك؟ وهل فعلًا كما قيل أن عدة كتائب أو فصائل مسلحة كوردية تابعة لكم تعمل ضمن صفوف المعارضة شاركت في غزو عفرين؟
ج٣- شخصيًا لم أعطِ أية تصريحات حول الموضوع لأنه لم يكن لدي أية صفة رسمية آنذاك تخولني بإعطاء تصريحات حول ذلك، ولكن أؤكد وبكل وضوح وبدون مواربة أن الاتحاد الديمقراطي لوحده يتحمل مسؤولية دخول القوات التركية لعفرين، ولا توجد فصائل كردية مسلحة حاليًا ضمن المعارضة، فقط هناك قوات للمجلس الوطني الكردي في كردستان العراق، ولو كنت أمتلك القوة العسكرية لوضعت يدي على المناطق الكردية كلها وحققت فيها أرقى أشكال الديمقراطية والتعايش بين المكونات وحرية النشاط السياسي والإعلامي ومنظمات المجتمع المدني وحرية الفكر والرأي واحترام حقوق الإنسان وفق المعايير الدولية، ولسعيت إلى حسن الجوار وإقامة أفضل العلاقات مع دول الجوار على أساس المصلحة المشتركة ولأكدت للكل أن القضية الكردية في سوريا هي قضية وطنية وحلها في سوريا وليس في مكان آخر .
س٤- هل هنالك فيتو تركي أو فيتو من أطراف داخل الإئتلاف السوري المعارض يمنع دخول بيشمركة روج إلى كوردستان سوريا، ومن الذي كان وما يزال يعرقل دخول بيشمركة روج إلى كوردستان سوريا؟
ج٤- أعتقد أن هذا السؤال الجوهري يطرح تساؤلات:
من هي الجهة في المجلس الوطني الكردي المخولة بتحريك البيشمركة والتفاوض باسمه؟ وهل فاوضت تلك الجهة الائتلاف الوطني أو تركيا لدخول بيشمركة روج إلى كوردستان سوريا؟ ومتى؟
إذا كان نعم، فلتعلن تلك الجهات عن نتائج مفاوضاتها مع الائتلاف ومع تركيا، وللعلم ، إن الائتلاف الوطني، وباعتباري نائب الرئيس ينظر إلى بيشمركة روج على أنها قوة وطنية ولها ممثل في الائتلاف الوطني ،
أما الجهة الوحيدة التي أعلنت صراحةً الفيتو على دخول بيشمركة روج هو حزب الاتحاد الديمقراطي، ولم يكتف بوضع الفيتو على دخولها بل اعتبرتها وبكل أسف على أنها عصابة، وقد صرّح الكثير من القياديين في حزب العمال الكردستاني من أصول سورية والذين يعملون في مواقع قيادية في تفدم وقسد وغيرها بهذا التصريح المشين على وسائل الإعلام كما أن هناك أحزابًا كردية أخرى لا تعترف ببيشمركة روج، وأعلنوا عن ذلك على شاشات الفضائيات، علمًا أن لشكرى روج هي القوة الكردية الرئيسية التي تحظى باحترام الشارع الكردي ومكونات المنطقة وكذلك لدى الائتلاف الوطني الذي يضم بين صفوفه ممثلا لـ لشكرى روج .
س٥- كثر الحديث مؤخرًا عن المنطقة الآمنة في ما يسمى شرقي الفرات، فهل سيكون لكم دور أساسي ومحوري في إدارة هذه المنطقة؟ وهل تعتقد أنه سيكون هنالك وجود لفصائل المعارضة السورية في المنطقة الآمنة المزمع إقامتها؟
ج٥ – بعد لقاء وفد العلاقات الخارجية للمجلس الوطني الكردي الذي ضم السادة كاميران حاجو رئيس اللجنة وإبراهيم برو في واشنطن مع السيد جويل رويبون، أعلن السيد برو عن تفاصيل المنطقة الآمنة وهي منشورة لا داعي لإعادة تفاصيلها، وبات واضحًا أن المنطقة الآمنة ستنشأ برعاية أمريكية وتركية ولن تكون برعاية دولية، وهنا يجب أن نميز بين بضعة أمور ، هل نتحرك وفق رغباتنا أم وفق المعطيات السياسية؟ هل نتحرك وفق ما نريد أو ما يمكن أن نحققه لأن الواقع يؤكد أن مشاركة أية جهة سياسية أو عسكرية أو مدنية في المنطقة الآمنة، وبأية صيغة كانت يجب أن يحظى بقبول أمريكي وتركي مشترك، وهذا يطرح التساؤل التالي:
هل نسعى كمجلس وطني كردي بجدية للتواصل والتنسيق مع راعيي المنطقة الآمنة أمريكيًا وتركيًا ، وماهي أوراق التفاوض التي نملكها؟
أما مشاركة فصائل المعارضة فهذا الأمر أيضاً مرهون بتوافق أمريكي تركي حيث لا تزال الكثير من التفاصيل غير واضحة لنا، ولكن يمكن أن نكون شركاء حقيقيين في حماية المنطقة الآمنة وفي إدارتها، وهذا مرهون بقدرة المجلس ومرونته بالتحرك والتعاطي السياسي مع الوقائع التي لا نستطيع تغييرها، وعندما أتحدث عن الشراكة فأنا لا أتحدث عن الشراكة مع ” ب ي د ” لأنه تابع لحزب العمال الكردستاني وبالتالي فهو ليس فصيلًا سوريًا، وعليه أولاً أن يصبح تنظيمًا سوريًا مستقلًا من خلال فك ارتباطه العضوي مع العمال الكردستاني ، وبعدها سيتم الحديث عن الخطوات الأخرى مثل الاعتذار لذوي الضحايا والجرائم التي إرتكبها الإتحاد الديمقراطي بحق الكرد والسوريين عمومًا ، وتقديم الذين أعطوا الآوامر لتنفيذ تلك الانتهاكات إلى المحاكم المختصة والكشف عن مصير المخطوفين وغيرها من الخطوات الضرورية لأي مشاركة محتملة معهم .
س٦- هل تعتقد أن تنظيم PKK سيتجاوب مع الخطة الأمريكية التركية أو الاتفاق الذي جرى بينهم وسيتعاون وسينسحب إلى جبال قنديل بهدوء ، أم أنه سيخوض حربًا خاسرة كعادته مع تركيا ، أو أنه سيسلم هذه المناطق التي تقع تحت سيطرته إلى النظام السوري لعرقلة الاتفاق الأمريكي التركي؟
ج٦–وهل ال pkk يملك أي خيار؟ ففرعه السوري الإتحاد الديمقراطي لم يتضخم ويكبر نتيجة عوامل ذاتية أو الإعتماد على الكرد إنما هي بالونة كبيرة نفخ فيها النظام أولا ثم أمريكا ثانيًا ، وكل طرف إستعمله لأهدافه الخاصة، هو لا يملك الخيار إلا التجاوب مع المشروع الأمريكي التركي أو العودة إلى النظام وتنفيذ الإتفاق الأساسي بينهم والذي ينص على حماية آبار البترول ومنع الكرد من المشاركة في الثورة وخلق صراع كردي عربي، أعتقد لايزال بعض عقود العمل أو الإيجار تنتظره من أكثر من طرف طالما لم يتبلور الحل السياسي في سوريا، وبعد بلورة هذا الحل أعتقد مصير البعض من القيادات هو العودة من حيث أتوا والبعض الآخر مواجهة العدالة إن لم يتمكن من الفرار، أما الدراويش والبسطاء الذين إنخرطوا معهم بدون وعي فسيعودون إلى بيوتهم محبطين يائسين معتقدين أن الآخرين تآمروا عليهم حتى يتضح لهم الأمر أنه تم إستخدامهم لأجندات غير كردية .
س٧-هل تعتقد دكتور أنه قد فات الآوان ونحن نلعب الآن في الوقت الضائع، أم أنه ماتزال الفرصة سانحة أمامكم لإيجاد حلول لقضية الشعب الكوردي في سوريا وإنقاذ مايمكن إنقاذه؟ وماهي الحلول برأيك؟
ج٧- لم يفت الأوان، حيث لم ينجز الحل السياسي بعد، ولكن وللحقيقة فإن ممارسات حزب الإتحاد الديمقراطي قد ألحقت ضررًا كبيرًا بالقضية الكردية أكثر من كل الممارسات الشوفينية للسلطة الحاكمة المجرمة خلال أكثر من نصف قرن من خلال تأليبها للرأي العام السوري ضد القضية الكردية ، ناهيكم عن الدمار الذي ألحقه بالمجتمع الكردي على كافة الأصعدة ،
لكن مع ذلك هناك إجماع لدى أوساط المعارضة السورية والمجتمع الدولي بضرورة حصول الكرد على حقوقهم دستوريًا ولكن هناك خلاف حول ماهية هذه الحقوق، وكذلك هناك إجماع حول ضرورة إلغاء السياسات والمراسيم والقرارات الشوفينية التي طبقت بحق الكرد، وملامح الحل السياسي النهائي لم تتبلور بعد، والحل السياسي مرهون بالدرجة الأولى بالتوافق الأمريكي الروسي ،
وفيما يخص حقوق الكرد دستوريًا ، وتنفيذها عمليًا مرهون بالتوافق الوطني عليه، وهذا ما يجب أن نستوعبه ونعمل عليه من خلال إنتهاج خطاب وطني واضح وشفاف ، وتعزيز العلاقة مع السوريين والمراهنة على التحالف مع القوى الوطنية بالدرجة الأولى إلى جانب تعزيز العلاقات الإقليمية والدولية وتعزيز العلاقة و
التنسيق مع الحزب الديمقراطي الكردستاني العراق الشقيق يتجاوز الجانب الشعوري والعاطفي الى جوانب عملية والاستفادة من تجربة الاقليم السياسية الغنية بالتجارب والنجاحات.
25-8-2019
جمال حمي
—————-
المصدر: صفحة جمال حمي: