ركام سنجار ستبقى ذكرى صارخة في ضمير الانسانية

شلال كدو
 
لعل ماحدث في الثلاثاء الأسود في سنجار، جراء انفجار الشاحنات الأربع من قبل الإرهابيين ، و قتل وجرح المئات من الأبرياء العزل ، يذكر المرء بالغزوات الهمجية ، التي كانت أبطالها أكبر مجرمي و طغاة التاريخ ، أمثال هولاكو ، و جنكيزخان ، و تيمورلنك و غيرهم ، الذين كانوا يفتكون بالناس ، حيثما وصلت اياديهم القذرة ، لينحروا البشر ، و الشجر ، و الحجر ، كما يذكر المرء بالغزوات ، التي حدثت في التاريخ تالياً ، تحت مسميات شتى ، و التي كانت عنوانها قطع رؤوس الناس بحد السيف
 على مدى قرون من الزمن بسبب العرق ، واللون ، و لدين ، لدرجة تأصلت ثقافة نحر رقاب البشر ، بين الاجيال المتعاقبة ، رغم مرور قرون طويلة ، وما زالت مستمرة لدى فئات ضالة مجرمة ، تتباهى بالتاريخ السحيق ، و تعيش في تفاصيله و حيثياته ، و تلقي هذه الثقافة بظلالها الكثيفة على عصرنا الحالي .

.

! ان ما ارتكبه هؤلاء الوحوش البشرية المفترسة في قريتي ( سيبا شيخ خدري و كري عزيز ) بقضاء سنجار قرب الحدود السورية ، و المعربتين اسمهما الى ( القحطانية و العدنانية ) من قتل لمئات الشيوخ ، و النساء ، و الأطفال ، و تقطيعهم ارباً ارباً ، و تهديم منازلهم فوق رؤوسهم ، ليس الا حلقة من سلسلة محاولات قديمة – جديدة ، تستهدف انقراض مجموعة بشرية بكاملها على الملأ أمام اعين الناس ، بسبب دينهم ، و عرقهم ، و اختلاف ثقافتهم ، حيث يعلم الجميع بأن الإيزيديين في العراق طائفة ودودة ، و سموحة ، و مسالمة ، و لا يد لها فيما حدث و يحدث في العراق ، من صراع طائفي و سياسي بين مختلف الفرقاء ، الامر الذي يثبت بما لا لبس فيه ، بأن هؤلاء القتلة و الارهابيون و اسيادهم منحطون انسانياً ، و اخلاقياً ، و مجردون من الضمير الانساني ، و ان ثقافة القتل متأصلة فيهم ، و مفتى به من قبل ما يسمى بعلمائهم المشعوذين ، الذين يسعون الى العودة بالتاريخ ، و كذلك بالبشرية الى الخلف عشرات القرون ، لتبدأ الجاهلية من جديد ، و ليبايع سيدهم المجرم الكبير اسامة بن لادن اميرأ على الارهابيين ، ليفتك مجاميع القتلة و الجنجاويد الملثمين بالشعوب ، و لتعود الغزوات و نهب البلدان و شعوب العالم ، و اخذ الدية ، ووأد البنات ، لتصبح عنواناً للحضارة البشرية ، كما كان عليه الامر في التاريخ الغابر ، و ليكون العراق مهداً ، و منطلقاً لهذه الثقافة السخيفة و الاجرامية البشعة .

ان هذه الجريمة النكراء ، التي ارتكبت في قضاء سنجار بدم بارد ، سوف تبقى و صمة عار على جبين القتلة المجرمين ، و اجهزة اسيادهم السفاحين ، الذين يسعون الى تدمير العراق ارضاً و شعباً ، كما ان ركام و اطلال القريتين الكرديتين المدمرتين ، المشبعة بدماء الشهداء الابرياء ، ستبقى ذكريات اليمة و موحشة تدق نواقيسها في ضمير التاريخ و الانسانية ، مهما تكالبت قوى الشر و الظلام و نحر الرقاب و جز الرؤوس .

لذا فأن الحكومتين المركزية في بغداد و الاقليمية في هولير ، مطالبتين في هذه المرحلة بالذات اكثر من أي وقت آخر ، بمزيد من الطّرق ، و بيد من حديد على رؤوس هؤلاء القتلة و السفاحين الارهابيين، كما يستوجب على القادة السياسيين ، و لا سيما القيادة السياسية الكردستانية ، تكثيف الجهود و تسريع الخطى ، لتنفيذ المادة (140) من الدستور العراقي ، التي تكفل إعادة المناطق المستقطعة من اقليم كردستان ليتسنى للحكومة الاقليمية، حماية مواطنيها الإيزيديين المهددين بمجازر اخرى ، ربما اروع ، وافظع ، و اكثر هولاًً ، و فداحة ، بدلاً من ان يكونوا هكذا في العراء ، هدفاً سهلاً للوحوش الآدمية المفترسة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…