جميل ربك موسى!

ابراهيم زورو 
اعتقد أن موسى أوحى لربه لكي يعمل على أن يكون حب الوحدة والتوحيد من نصيب الشعب اليهودي وتراثه لهذا جعل لليهود ديناً مغلقاً أمام سائر البشر والدخول إليه ممنوع لمن ليسوا يهوداً، فالله في الدين اليهودي ليس جائعاً لمن يصلّون له وليس بحاجة إلى مريدين من قوميات أخرى حصراً فهو مشبع جداً من هذه الناحية، بهذا المعنى فرب موسى غنياً بالوجود أكثر من ربوبية الآخرين إذا جاز التعبير! جعل نظرته ترتد إليه وإلى شعبه على مدار التعليمات في العهد القديم، موسى أتخذ رباً غنياً كريماً مكتفياً بذاته وصاغه رمزاً أكثر مما هو إله، ولهذا يجلّونه ويحترمونه أبناء الشعب اليهودي فلا داعي أن تزيغ عيونهم إلى وجود الآخرين لأنك بتَ شعباً مقدساً يضرب بك المثل، فهو الذي جعل الرب بكامل قيافته ينزل من كرسيه إلى سيناء ونوره معه، والشعب اليهودي في أسفل جبل سيناء يشكّون بوجود موسى مع ربه!
 رب كامل القيمة والوجود في الديانة اليهودية واسفاره التي تنشد حول تجميع شعب عانى من العبودية لفراعين مصر، لهذا لا يلزم موسى رباً يرتشي أو من عامة الآلهة كما في الدين المسيحي أو الدين الإسلامي، فالله في الدين المسيحي قابل أن يسامح أي فرد ويقبله في ملكوته دون قيد أو شرط، ويستطيع أن يذّله إذا ضُرب بكف عليه أن يستدله على نصفه الآخر كي يشبعه إذلالاً، هكذا هم المسيحيين قدموا ربهم للبشرية على خلاف من الله اليهودي إذا لم يكن لليهود إرادة لا اعتقد بأن الرب سوف يساعدهم على تحقيق مآربه في الدنيا والآخرة، فنقرأ في سفر اشعيا 17،13:65 انظر ايضاً 2 بطرس 13:3 “هكذا قال السيد الرب يهوه:…هأنذا خالق سموات جديدة وأرضاً جديدة، فلا تذكر الأمور السابقة ولا تصعد على القلب” إذا الرب هنا يقول أنسوا تاريخ الذل، الظلم، الفساد، الفقر، الجوع، الحرمان، القتل والسجون اشلفوا وراء ظهوركم واعتبروا كأنكم لستم أنتم من كنتم هناك! فنحن أبناء اليوم ولا شيء غير اليوم، وانطلقوا من جديد ككتلة واحدة لا غبار عليكم وليس بينكم مؤمن وكافر فكلكم شعبي ومن صلبي ولأجلكم أتيت، إذا التاريخ القديم تاريخ الذل والعار عليكم أن تنسوه كي لا يبقى ذكرى للآخرين في ذاكرتكم وتعيشون من أجله وتأخذون بثأركم وتنتبذوا عن وجودكم أنتم أتيتم من أجل أنفسكم فعالمكم هو الأرحب فما من داع تشركون الناس في تاريخ ذاكرتكم على اعتبار أن ذاكرة التاريخ بها وجع وأنين لا ينقطع بين جيل وآخر فالكل يحمّل على الجيل التالي له، ربما من هناك أمسى التاريخ هو تاريخ المستقبل، إن تترك القديم يفنى والمستقبل هو الأجدى والأفضل. بالمقارنة مع الدين الإسلامي الذي جعل من الطبقة الغنية وأصحاب الجاه والمال والنسب سبب لهم الذل والهوان كما أصبح مع اغلب القريشيين وشيوخ العشائر الذين لم يأمنوا بمحمد كنبي، ونزل آية كاملة على أبو لهب! لذلك جعل التاريخ العربي تاريخاً حامله متسولين وصعاليك، أي معنى سوف يحمل هؤلاء بين ظهرانيهم، لهذا لن ترى في التاريخ العربي منذ القديم وحتى الآن لن تجد أي معان على سفرة المتسولين!، فهل هناك فرق بين صعاليك في زمن محمد ورؤوساء اليوم للبلاد العربية اليوم! لو قارننا بين صعاليك الأمس ورؤوساء اليوم ترى صورة طبق الأصل، حيث الكل يريدون لقمة خبزهم في قديم الزمان أما اليوم فكراسيهم هي الأهم. ومن ناحية اخرى أن الدين الإسلامي قريب من اليهودية كونه نزل القرآن باللغة العربية لكنه لم يصمد كثيراً حول هذه النقطة ونرى اغلب الذين ابدعوا في الدين الاسلامي جلهم من قوميات أخرى، وأيضاً قريب من الدين المسيحي لأن هناك أقوام أخرى تشارك في دينه مثل الكورد والفرس وبقية اقوام اخرى مثل الافغان،،،الخ. الذين دخلوا في الدين الإسلامي عنوة ولهذه النقطة لها مساوئها لأن الدين أصبح مفتوحاً ولم يبق حكراً على العرب وحدهم، ومن ايجابياتها رفدوا الدين الاسلامي بالثقافة والأبداع.
من هنا صيغة الأديان هي التي تحدد مصير الشعوب أو عابدي الرب! وفي مجال مقارنتنا الطفيفة بين رب موسى وعيسى ومحمد، أليس رب كل واحد منهم يشبههم؟ وبالتالي أخذ المريدين الصفة ذاتها ويتشبهون بحياة نبيهم وصورة ربهم في مخيلتهم مرسومة للأبد وجل تصرفاتنا تحكي القصة ذاتها!، لو أمضينا قليلاً أن بني اسرائيل اغلبهم يعودون إلى فعل الوحدة ويقدسونه جملة وتفصيلاً ورأينا كيف حاول اسرائيل جمع شتات اليهود في العالم وجلبهم إلى فلسطين! ودفع من أجل ذلك أموال كثيرة، أما اغلب العرب فهمهم وهدفهم هو تجميع المال لهذا ترى نسبة الفساد في البلاد العربية هي الأعلى في العالم، أما الدين المسيحي مستثنى من هذا التقييم نتيجة ليس له قومية محددة!،،،

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…