إن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا… فعبثاً نسعى

المحامي عماد الدين شيخ حسن 
لطالما حرصنا نحن الكورد في سوريا أشدّ الحرص عن النأي بأنفسنا عن لغة و وتر و نغمة الإنتماء الفئوي في سوريا على حساب الإنتماء السوري العام  ، على الرغم من كل ما تعرضنا له ماضياً و حاضراً من الفئات الأخرى و على الرغم أيضاً من اتخاذ غيرنا لإنتمائه الفئوي ذاك أولويةً أولى فوق كل اعتبار  و مقابل أيُ ثمن .
بدليل أنّ الكتلتين الكرديتين الرئيسيتين و هما حركة المجتمع الديمقراطي و المجلس الوطني الكردي باتتا للأسف حريصتان على وحدة التراب السوري و الاستبسال و التضحية من اجل ذلك أكثر بكثير من العرب أنفسهم و باقي الفئات ، بينما هذا الاخير بالمقابل كان ذلك في آخر حساباته و اعتباراته ، حيث دفعه إنتمائه السني أو العلوي أو المناطقي و ما الى ذلك الى جلب الشيطان حتى و الاستعانة به للاستقواء على غيره و قهره و القضاء عليه .
بمثالٍ بسيط ….هل ثمة ما بقي ما هو أبعد و أحطّ من أن تضع فئةُ من تسمي ذانها بالمعارضة نفسها بالكامل رخيصةً في خدمة تركيا و مآربها و سياساتها لدرجة حمل الراية التركية و العمل تحتها .
و هل أيضا ثمّة ما هو أكثر دناءةً و قبحاً من أن تهب الوطن بأكمله بشراً و حجراً و موارد و خيرات للروس و الايرانيين لمحاربة كل من يسعى لإفساد أجواء حكم العائلة إو الطائفة و ديمومة ذلك .
بالأمس القريب أصدر ما يسمى بالتجمع الوطني لقوى الثورة و المعارضة في الحسكة  بياناً و أقام الدنيا و لم يقعدها لمجرد أن المجلس الوطني الكوردي استخدم في مناسبة أو عبارةٍ ما مصطلح ( المناطق الكوردية ) ، فاعتبروها جريمة كبرى ، بينما التجمّع ذاته باع الوطن بمن فيه لتركيا و سواها و سخّر نفسه أداةً قذرة لهم في محاربة الكورد و جلب الويلات على الوطن برمتّه ،  فتلك بطولة و  وطنية و حلالٌ عليهم ذلك .
سنداً لذلك تٌثار جملة تساؤلات إهمها : 
– إلى متى ستبقى أيها الكوردي السوري تحمل مسؤولية التضحية و الالتزام بالواجبات فقط ، دون التقدير و الإعتراف لك بأدنى حقّ ، بل المكافأة هي على الدوام إنكارك و القضاء عليك و محوك  و التاريخ شاهد .
( الرصاصة الاولى ضد المحتل الفرنسي كانت من بارودة كوردي و كبار الثوار كانوا كوردا ، و اليوم الرصاصة الاولى في وجه كوردي سوري من بارودةٍ محتلٍ تركي بيد عربيٍ سوري …فيا للمفارقة ) .
– إلى متى سيصيب الصداع رأس العربي بمعارضته و نظامه لمجرّد لفظ مصطلح الكورد و الكوردية ، و الى متى سيصيبهم العمى عن عظيم جمائلك و سيبصرون كالصقور بالمقابل إبرة أخطائك و زلاتك .
– و أخيراً الى متى سنبقى ساذجين حمقى نتحمّل كل هذا و نكون ملكيين أكثر من الملك و لا نلتف لحالنا و أحوالنا و مصالحنا طالما تيقننا مرارا و تكراراً من أننا إن اكرمنا اللئيم تمردا .
 دمتم في رعايته

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد عندما تكون هنالك لقاءات دورية ومفاوضات مستمرة بين أطراف سياسية أو عسكرية معيّنة بهدف الوصول إلى الحل والاتفاق على بنود تخصّ الطرفين حيال القضية الشائكة، عادةً ما يتم العمل على تسوية الأرضية وتمهيدها وترطيب الأجواء بعطور التفاؤل وتهيئة المناخ العام لذلك الحدث المرتقب، باعتبار أن المناخ الحربي أو التخويني أو الاتهامي الكريه يعمل على النفور والتباعد وليس…

خوشناف سليمان بعد عام من سقوط نظام بشار الاسد وفراره المذل في ديسمبر 2024، دخلت سوريا مرحلة انتقالية هشة ومعقدة، تشبه رقعة شطرنج ضخمة تتداخل فيها تحركات اللاعبين المحليين والاقليميين والدوليين. يقود هذه المرحلة شخصيات مثيرة للجدل، معظمها خرج من تنظيمات كانت مصنفة ارهابية، لتصبح اليوم قطعاً تحتل مربعات حساسة داخل مؤسسات الدولة الناشئة. المشهد يعكس مأزق اعادة بناء الدولة…

شكري بكر إن ما يحدث في سوريا ومنذ سقوط نظام بشار الأسد البائد من أحداث وتطورات سياسية وعسكرية بين السلطة الجديدة في دمشق بقيادة أحمد الشرع ومظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية ، وما إتفاق 10 آذار هو إتفاق عسكري وإداري لا علاقة له بالقضية الكوردية لا من قريب ولا من بعيد . فالبنود الثمانية التي وقع عليها كل…

شادي حاجي   إلى السياسيين الكرد، إلى المثقفين، إلى النخب في المجتمع المدني، لنكن واضحين منذ البداية: لا يوجد إنجاز كردي حقيقي في سوريا دون تغيير جذري في طريقة التفكير. وكل حديث عن مكتسبات أو انتصارات، بينما العقل الذي يدير المشهد لم يتغير، ليس سوى محاولة لتجميل الفشل أو تأجيل الاعتراف به.   التجارب السابقة لا تحتاج إلى مزيد من…