عندما يغيب المثقف!

ابراهيم زورو 
قد ترى بعض الاحداث لا تواكب الفكر إذا لم يكن الأخير مواكباً أو نتيجة له، لو اعتبرنا أن الأحداث وقعت نتيجة خطأ ما؟ أو تسببت له بعض العامة من الناس، وهو أمر قد يحدث؟ ورغم تلك الهوة بين المثقف والأمي كبيرة ولكن تجاوزاً يمكن القول أنها ليست بكبيرة على اعتبار أن الأثنان يعيشان ضمن فضاء لغوي وفكري واحد لهذا قد يلزمه التخطيط أو التفكير بعمق، يمكن أن يجاريه المثقف ليمسك بزمام الأمور ولو بعد لأي وهي ليست بمشكلة كبيرة وعلينا أن نعترف بأن الاخطاء سمة بشرية لا علاقة الإله بها، أو إذا لم نرد أن نزعج أحداً ما نقول أن الله هكذا يريد! على اعتبار أن اللغة السياسية يجب أن تكون كخيمة تشلف ظلها على الجميع طالما هم من ينتمون إلى بقعة جغرافية واحدة!.
ولكن المشكلة كبيرة عندما ترى الهوة واسعة جداً بحيث أن الفضاء الفكري مثقوب ولا يحتفظ بأي علاقة بين ابناء فضاء واحد .حينها على الجميع أن يتساءل ما هو السبب ذلك؟ هل المشكلة أن الكل يعتبرون انفسهم بسوية واحدة! رغم أن هذا لا يجوز أبداً ويعتبر هذا مرضا لا شفاء منه في المدى المنطور؟ ومصطلح “سوية واحدة” غير دقيقة من حيث ابناء الشعب الواحد ليسوا بسوية واحدة كون البعض منهم أميين والبعض الاخر ليست لهم أية علاقة بالشأن العام، أقصد هنا بالتخصص لكل منه مكانه وعلى هذا الأساس فالمجتمع يتقدم إلى الامام ويتطور؟ فليس جائزاً البت الكل لديهم اهتمام بالشأن العام هذا هو المرض بعينه! في هذه الحالة يلعب الوهم دوره الرئيسي في حياة الشعوب المعنية بمصطلح السوية!.
ضمن هذا السياق نرى أن المجتمع السوري بكافة أطيافه ومكوناته ينحو بهذا الاتجاه! حيث غاب المثقف عن دوره؟ كون الحالة الثورية تدخل ضمن عمله وهو معني به دون غيره ضبطاً المثقف هو العريس هذه اللحظة دون غيره! المثقف عليه أن يفض غشاء البكارة الحالة ليصبح حالة أخرى! حيث يقع على عاتقه أن يسمي الأشياء بأسمها دون غيره، كمثال الأقطاعي عندما يفوم بفض بكاء العروسة لأن العريس غير آهلين لهذا الموضوع؟ من هنا بات الراعي بصخبه ناشطاً اعلامياً؟ دفتر البقال أو السمان يوزع صكوك الغفران للناس! وخطيب الجامع منبراً للعلمانية، والعلماني يقتات أو يشحذ أو يلم وجوده من على مزبلة الجوامع والكنائس، وصادق جلال العظم وطيب تيزيني وادونيس اصبحوا بمستوى الساروت وخالد ابو صلاح والقائمة تطول! ونرى وراء نعش الساروت مليون مشيع بينما من جهة أخرى تشييع طيب تيزيني افراد عائلته! ونرى أمياً يعتبر نفسه شهماً ويعطي صكوك الشجاعة لمن كانوا كلاباً “السنده” على مزابل الأمن السوري، في ظل غياب الفكر والحالة الثورية التي تستدعي ضبطاً مثقفين أن ينتقل حجاب من حاجب النظام إلى قائد ثوري يقود قطعان الماشية في درب تقال عنها الثورة السورية! وضابط الأمن يصبح رئيساً للحكومة المؤقتة في تركيا؟ ومن الطبيعي جداً أن قطعان الماشية تقاتل في سبيل الملح المتجمع حول الخوازيق العثمانية؟ ومن الطبيعي جداً أن يهرب المثقف ويلوذ بصمت مريع ويشك في نفسه وثقافته؟. ومن الطبيعي جداً أن أصوات التجار مازالت تعلو و تنادي بأن الثورة مازالت مستمرة ونجاحها مسألة وقت “كمْ قصير” كقصر تنورة راقصة المشلوفة على جثة ابو حطب رئيس الوزراء التركي المنتدب على سوريا وهو يتوسد حذائه في مطار موسكو! أن من يعطي الدماء بهذه القساوة لا ينام ولا يتوسد حذاءه!!. ومن الطبيعي جداً أن ترى بعثي وعميل الأمس يعتلون رماح الحالة السورية ويقول جئنا لنأخذ بثأر أمنا من نظام الامس ضد ثوار اليوم.
“إذا كان هذا كلبكم أيها السادة ستبقى فضلات ولدكم بهذه الرائحة”! سوريا انتهت للأبد بهذه العقلية ولا اعتقد أن المياه سوف تعود إلى مجاريها إلا بعد ألف سنة عندما تنتهي رائحة الأميين من فضاء سوريا؟ وهكذا ماتت سوريا بعيون كل العالم ونحن من اجهزنا عليها اقصد ابنائها فما بالك بالعالم المتعطش إلى الربح والاستفادة من وضعنا الاقتصادي، ومازالت لصوص الحالة السورية تبحث عن تجار للقضيب السوري في مزاد الرجولة الذي يصمت من حياءه! ما أقسى أن يتبوأ امي وتافه لسدة الحالة ومعظم السوريين يصفقون له عن جهل ربما أو لحرقة قلوبهم ربما، نحن مستمرون ولكن الموت في حالتنا الراهنة،،،

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يقتلع”الزور” الجزرأي القوة مثل كردي لقد بلغ العنف والتدمير مرحلة ما بعد الحداثة، فلم يعد مجرد أداة صراع بل تحول إلى نسق شامل، يعيد تشكيل الواقع وفق منطق القتل والفناء. إذ لم تعد الأسئلة الكبرى عن معنى السلطة والشرعية والوجود تجد مكاناً لها، لأن القاتل لم يعد مضطراً حتى لتسويغ جرائمه. إننا- هنا- أمام زمن…

عزالدين ملا عندما اندلعت الثورة السورية، كان أول مطالبها إسقاط نظام عائلة الأسد، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد وحوّلها إلى مزرعة لعائلته وأزلامه. كانت هذه المطالب تمثل رغبة شعبية في التحرر من عقلية الحزب الواحد والفكر الشمولي، التي أدت إلى الاستبداد والديكتاتورية وقمعت الأصوات المخالفة. إلا أن المرحلة التي تلت سقوط النظام كشفت عن تحديات جديدة أمام بناء سوريا…

د. محمود عباس هل نستطيع أن نقول أن الفيدرالية لغرب كوردستان والنظام اللامركزي في سوريا باتا أقرب إلى السراب؟ ليس فقط بسبب رفض الدول الإقليمية لها خشية من تحولات كبرى قد تعيد تشكيل المنطقة، ولا لأن الفصائل الإسلامية المتطرفة مثل هيئة تحرير الشام وحلفائها لديهم من القوة ما يكفي لفرض مشروعهم الإقصائي، بل لأن الكورد أنفسهم، وهم القوة…

إبراهيم كابان لطالما شكّل الواقع الكردي في سوريا ملفًا معقدًا تتداخل فيه العوامل الداخلية والإقليمية والدولية، حيث تسعى الأحزاب الكردية إلى تحقيق مطالبها ضمن إطار وطني، لكنها تواجه تحديات داخلية مرتبطة بالخلافات السياسية، وخارجية متصلة بالمواقف الإقليمية والدولية تجاه القضية الكردية. فهل تستطيع الأحزاب الكردية في سوريا توحيد موقفها ضمن إطار تفاوضي واحد عند التوجه إلى دمشق؟ وما هي العوامل…