مروان سليمان*
في وقت ما كنا نعتقد بأن التحالف هو عبارة عن تطابق وجهات النظر بين تلك الأطراف على المثل القائم عدو عدوك صيقك و لكن في السنوات الأخيرة إختلف الوضع كلياً و لم يعد هناك تحالفات أبدية أو بالمطلق كما إن العدواوة بين الأنظمة ليست إلى ما لا نهاية و أصبح من الطبيعي جداً أن تشهد خلافاً حاداً بين متحالفين معاً في قضية معينة(المانيا و أمريكا) أو نجد توافقاً كبيراً بين خصمين في قضية ما مثل (تركيا و النظام السوري) (روسيا و أمريكا).
لم تعد التحالفات الدولية على ذلك النمط المتعارف عليه كما كان في أيام الحرب الباردة فمثلاُ هناك من يركض خلف الأموال من أجل تعبئة خزينته المالية و التهرب من استحقاقات المرحلة للتغطية على فشله السياسي كما حصل مع تركيا عندما اسقطت الطائرة الروسية و أعلن حينها روسيا المقاطعة الإقتصادية و التجارية معها مما إضطر أردوغان إلى الذهاب زحفاً و رمى نفسه أمام بوتين من أجل الحفاظ على خزينته و كان ذلك على حساب الإختلاف مع الحليف الرئيسي لتركيا و هي الولايات المتحدة و المانيا و تم بعدها سحب القوات الألمانيا إلى دول أخرى بدلاً من تركيا.
كل التحالفات المتكونة حديثاً أو التي هي في طور التكوين و التحديث أساسه القبول بالعمل تحت مظلة التحالف الجديد و التخلي عن بعض خصائصه لمصلحة الحلف الجديد و هذا يتطلب تقديم المزيد من التنازلات لمجاراة المصالح و التفاهم عليها لأن أساس التفاهمات تقوم على المصلحة المشتركة بين الطرفين و هذا يعني إنها تتجاوز القواسم المشتركة لأن الإعتماد على القواسم المشتركة سوف يؤدي إلى إختفاء ذلك التحالف في مدة قصيرة و هذا يعني بأنه لا بد من التطابق في مسألة التحالف و لا يفسد للود قضية ما إذا كانت هناك هامشاً من الإختلاف بين الأطراف المتحالفة على أساس مقبول لكي يضمن إستمرار ذلك التحالف على المدى الطويل و هذا يتطلب المرونة في التعاطي بالسياسة و لا نأخذها بالمواقف العابرة و هنا يلعب طبيعة التجانس بين الأنظمة و الدول المتحالفة من الناحية السياسية و الإقتصادية و الديمقراطية و الديكتاتورية و تقاربها تجاه القضايا المطروحة في الظروف الحالية.
اليوم أصبحت بعض التحالفات من نوع آخر حيث الإعتماد على الوكلاء في إدارة الحرب و هذا أفضل للدول الراعية للحروب و التي تفتعلها هنا و هناك و أصبح الوكلاء يقومون بما يملي عليهم لخلق الصراعات الموضعية و الحروب الإقليمية و حتى الحروب الصغيرة و التي تعتبر البديل الأفضل للمواجهات الضخمة بين الدول الكبيرة في العالم. فمثلاً الحروب القائمة في منطقة الشرق الأوسط و الأطراف المتصارعة هي أنظمة و دول قائمة و لكن من يقوم بتلك الحروب تنظيمات خلقت من أجل تلبية مصالح تلك الدول (حزب الله – الحشد الشيعي – ب ي د – الجيش الحر) فالجميع يتحدث عن الإرهاب و مكافحة الإرهاب و القضاء عليه و لكن هناك من يمول هذا الإرهاب مادياً و عسكرياً حسب المصالح المخططة لتلك الدول و هذا ما يظهر إختلافاً في الأجندات بين القوى المتصارعة في الأساليب و الوسائل و لكنها تنسجم مع الأهداف و الغايات المرسومة لها سلفاً.
واليوم تواجه منطقة الشرق الأوسط تحديات استراتيجية ، بينما تتطلب الحلول لهما تنسيق القدرات سواء من الداخل أو بالإتفاق مع الدول الفاعلة في شؤون المنطقة. وحتى عندما تكون الأهداف على المستوى الداخلي واضحة لكن تظل القدرة على تركيز الجهود الرامية إلى ضمان النجاح على الصعيد الاستراتيجي بحاجة إلى إرادة قوية و إتخاذ قرارات حاسمة بعيدة عن الشعارات الكلاسيكية و التي تشكل تحدياً في أوقات الاضطراب الصعبة، وبالتالي فإن الوسائل الدولية لتركيز الجهود، بما فيها التحالفات والائتلافات، تستحق فهماً أكبر من قبل شعوب المنطقة بسبب المصالح المتبادلة و تلبية مصالح الجميع ضرورة كبيرة من أجل وضع حد للمأساة الحاصلة و هذا يتوقف على الصراع التعاوني ذات الأدوار المتبادلة بالنسبة للدول الأقليمية و الذي يفرض عليها التفاوض و تبادل وجهات النظر بشأن أزمات و مشاكل المنطقة و بالتالي تقسيم المنطقة إلى مناطق نفوذ كما هو الحال بين تركيا و سوريا من جهة و تركيا و إيران من جهة أخرى لأن تحركات أي طرف يتم بعلم الأطراف الأخرى و لكن لوجود قوى عظمى مثل أمريكا و روسيا في المنطقة يحول دون سيطرة أي طرف أو إستئثارها في المنطقة.
السؤال الأهم هو: أين الموقع الكردي في كل ما يحصل في المنطقة؟ و من هو حليفهم؟
*مركز الاستشارات في القضايا الإجتماعية- المانيا
07.07.2019