نحن شعب نحارب طواحين الهواء بدل العدو الحقيقي

دلكش مرعي 
من المعروف بأننا نحن نتّهم على الدوام الدول الغاصبة لكردستان بالتآمر على الشعب الكردي أو نتّهم بعض الدول العظمى بهذا التآمر أو نتّهم بعضنا البعض أو نتّهم رئيس القبيلة أو العشيرة أو الآغا أو هذه العائلة أو تلك ولم نسأل يوماً لماذا نحن على هذه الحال من التخلف الحضاري والتشرذم والصراع ولماذا لم نكن مثل بقية شعوب العالم نمتلك دولتنا المستقلة وسيادتنا على وطننا وحتى من حقنا أن نسأل لماذا لم نكن من بين الدول العظمى خاصة وإن كردستان كانت ومازالت غنية وزاخرة بمواردها الطبيعية وبجغرافيتها المميزة وبفصولها الأربعة زد على ذلك نحن وجميع البشر من نفس الأرومة البشرية ومن نفس الفصيلة ولا يوجد أية طفرات بشرية مميزة تميز الشعوب عن بعضها البعض .
ولكن من يلقي نظرة تحليلية على الأسباب التي أنتجت هذا الواقع وأنتجت التباين في المستويات الحضارية بين الشعوب سيلاحظ بأن هذا التباين أنتجها ركنيين أساسيين الأول الفكر العلمي التجريبي الذي أنتج هذا التطور الهائل والمذهل والثاني القيم الإنسانية النبيلة مثل احترام الإنسان وحقوقه وحريته ومحبة الوطن والأرض ومحبة الإنسان وغيرها من القيم النبيلة فمن المؤسف القول بأننا كشعب وبالرغم من نسبية الأمور وأنك قد تجد بعض الأشخاص يشذون عن هذه القاعدة أو تلك ويملكون بعض القيم الإنسانية ولكن في الإطار العام نحن الكورد نفتقر إلى هذين الركنيين الأساسيين معاً فلا نملك في تراثنا وتربيتنا تلك القيم الإنسانية النبيلة ولا الفكر العلمي التجريبي فلو كنا نملك هذين الركنيين لكنا مثل بقية شعوب المتطورة .. فقيمنا هي معروفة للجميع وهي قيم الصراع والحقد والكراهية والخيانة والعمالة والأنا المفرعنة وغيرها من القيم السيئة أما الفكر العلمي التجريبي فنحن متخلفين عنه بقرون إذاً العدو الحقيقي للكورد تاريخياً وما يزال هو كامن في بنيتهم الفكرية والقيمية وهذه البنية هي أوصلتهم إلى ما هم فيه وتنتج ذاتها باستمرار وكل جيل يسلم الجيل الذي يليه نفس البنية الفكرية فينتج نفس الأزمات ونفس السلوك ونفس المآسي ولكن السؤال الذي يطرح هنا وبقوة ما هي الثقافة أو العقيدة التي تنتج هذه الظواهر الشاذة للشخصية الكردية وهذا السلوك السيئ وما هي تلك البنية الفكرية والقيمية التي تتشكل منها مكونات العقل الكردي ؟ أعتقد الجواب لا يحتاج إلى الكثير من الجهد لأننا لم نكن نملك ومنذ ألف وأربعمائة سنة وحتى قبل ذلك التاريخ سوى العقيدة الدينية وثقافتها وهي مازالت المرجع الفكري والقيمي والأكثر تأثيراً على العقل الكردي وعلى توجهاته لأن جميع الكورد وبدون استثناء ينهلون من هذا الفكر العقائدي وقيمه منذ الطفولة وحتى الممات ولم يستغلوا الدين سياسياً من أجل مصلحة الشعب الكردي بينما تجد بعض شعوب المنطقة مثل الشعب العربي والأتراك قد استغلوا الدين سياسياً للهيمنة على أراضي الغير فالعرب حولوا مصر الأقباط إلى مصر العربية وضموا شمال أفريقيا التي كانت للأمازيغ وغيرهم من الشعوب وكذلك الأتراك عبر الدين ضموا أراضي بعض الشعوب مثل الأرمن واليونانيين والعرب ومازالوا يسيطرون على القسم الشمالي من كردستان بينما من يمثل الكورد دينيا  جعلوا من الكرد عبيداً للدين وعبيداً لمحتليهم والآن الكورد الذين خدرهم أردوغان بالدين يصفقون له ويصوتون له وهو في وضح النهار يحتل عفرين ويقتل أخوانهم الكورد ويهجرهم من أراضي أبائهم وأجدادهم وينهب ممتلكاتهم عبر عصاباته الإرهابية والداعشية .  ونختم هذه الأسطر بقول : سنتانا – الذي يقول  
“إن الذي لا يتمكن من تذكر ماضيه واستيعاب مكوناته قضي عليه بتكرار أخطاء هذه الماضي والسير في مآسيه

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…