تقييد نظام الملالي في إيران!

عبدالرحمن – ك – مهابادي*
“التفاوض” الذي كان في يوم من الأيام حربة نظام الملالي من أجل الحفاظ على بقائه وأداة لتصفية المعارضين، تحول اليوم لموضوع يخشاه الملالي بشدة. لماذا؟
إن الموقف الحالي لهذا النظام في ميزان القوى السياسي الحالي يوضح لنا هذا السؤال ويبسطه بشدة.  فمن جهة، الانتفاضة الوطنية الواسعة للشعب الإيراني واستمرارها، ومن جهة أخرى المأزق المستعصي للنظام وعدم قدرته على تلبية المطالب الشعبية، وكذلك العزلة الدولية الشديدة التي يعاني منها النظام، وضعت هذا النظام في أضعف نقطة وقادته لحافة السقوط والهاوية.
المسؤولون الحكوميون في العالم، وعلى رأسهم مسؤولو الحكومة الأمريكية، أعلنوا مرات عدة بأنهم لا يسعون لتغيير النظام. في الآونة الأخيرة وبناء على الأخبار الرسمية المنتشرة فقد حمل رئيس الوزراء الياباني خلال سفره لإيران رسالة الرئيس ترامب لعلي خامنئي، حيث قالت أمريكا فيها أنها لا تسعى لتغيير النظام. المسؤولون الحكوميون الأمريكيون أشاروا سابقا عدة مرات وبشكل رسمي لتغيير سلوك نظام الملالي وفي العام الماضي أعلن وزير الخارجية الأمريكي بومبيو عن شروط مكونة من ١٢ مادة في هذا الخصوص.
السؤال الأساسي هنا، لماذا ثارت مخاوف علي خامنئي وبقية مسؤولي النظام هكذا؟! هل توجد قوة تهدد وجود هذا النظام؟ من الواضح وليس خافيا على أحد بأن هذه القوة ليست سوى الشعب والمقاومة الإيرانية. ذاك الشعب الذي تدفق للشوارع في الأيام الأخيرة من عام ٢٠١٧ في أكثر من ١٤٠ مدينة إيرانية ضخمة ونادوا بشعار بأنهم لا يريدون هذا النظام. لذلك بالنسبة للأشخاص الذين يبحثون عن الحقيقة فإن الإجابة على هذا السؤال بسيطة جدا. ولهذا السبب تجد أن رؤوس نظام الملالي اعترفوا مرات عدة بأن التهديد الأساسي لنظامهم ليس الهجمات من خارج الحدود بل هي انتفاضة الشعب الإيراني التي شكلت الآن ارتباطا عميقا مع المقاومة المنظمة التي تقودها السيدة مريم رجوي.
ومن هنا، من الممكن جلب التطورات العالمية المتعلقة بإيران إلى طاولة هذه المنطقة من العالم، وتقييمها ووضع علامات ولوحات مختلفة عليها.
الآن نشاهد أن حكومة الولايات المتحدة تقف لأول مرة إلى جانب الشعب والمقاومة الإيرانية. إن رؤية هذه الحقيقة، تظهر لنا معدل ومدى خوف النظام المتزايد من هذه الفرصة التاريخية وتبين لنا سبب خوف النظام من التفاوض مع أمريكا. لأن التفاوض كما العقوبات المميتة الموجهة ضد نظام الملالي ستصب نتائجها في النهاية في صالح الشعب الإيراني، وبالإضافة لذلك، فإن الظروف الحساسة التي تمر بها المنطقة الآن، شكلت العملية التي شعر خلالها الملالي باقتراب نهايتهم.
ولهذا السبب أعلن الحرسي حسين سلامي، القائد العام لقوات الحرس المرتبطة بعلي خامنئي، يوم ٢٠ يونيو، في مقابلة له مع التلفزيون الحكومي “شبكة ٣”، بأن اللعبة أصبحت في ساحة العدو، وقال بأن التفاوض هو منطق الاستسلام.
في ظل هذا الطريق يمكن فهم لماذا حكومة الولايات المتحدة أرادت واستطاعت سحب حربة التفاوض من يد نظام الملالي، وبذلك رفعت من معدل عدم توازن واستقرار نظام الملالي.
حاليا، النظام الحاكم في إيران مقيد على كل الصعد، ناقوس نهايته يدق في كل الأرجاء. هذه فرصة تاريخية للمجتمع الإنساني المعاصر وخاصة للدول والحكومات التي ترغب في عودة الأمن والاستقرار للمنطقة والعالم، وذلك من خلال دعم حق مقاومة الشعب الإيراني والاعتراف رسميا بالمقاومة الإيرانية.
حاليا، تتمحور قضية الشرق الأوسط حول الخلاص من نظام الملالي الإرهابي والمجموعات المدعومة من قبله. هذا النظام الذي ما زال حتى الآن سببا في قتل وتشريد ملايين العوائل وهو يواجه انتفاضة شعبية واسعة داخل حدود إيران. تلك الانتفاضة الشعبية الوطنية التي هيأت الظروف، في ارتباطها والتحامها مع المقاومة المنظمة بقيادة السيدة مريم رجوي، لإسقاط دكتاتورية الملالي الإرهابية.
هذه المقاومة استطاعت من خلال استراتيجية معاقل الانتفاضة، أن تثبت حضورها حاليا داخل صفوف الشعب وفي جميع أنحاء إيران، وتزيد من نشاطاتها خارج حدود البلاد، حتى تتمكن من خلال هذا السبيل دعوة الحكومات لدعم المطالب المشروعة للشعب الإيراني في إسقاط نظام الملالي. نشاطات مثل تلك التي شهدها العالم في مظاهرات بروكسل في تاريخ ١٥ يونيو ومظاهرات واشنطن في تاريخ ٢١ يونيو وما سيشهده العالم خلال الأيام المقبلة.
الآن، في ظل المرحلة النهائية لنظام الملالي، مهما دارت الأوضاع وتطورت التحولات سواء نحو التفاوض أو الحرب، فإن النتيجة ستكون سقوط النظام الملالي في كل الحالات. إن سقوط هذا النظام وانتصار الشعب والمقاومة الإيرانية أمر محتوم. ويجب التيقن من أن الملالي سيزاحون عن أريكة حكمهم بسرعة وللأبد.
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…