بيان اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب

يصادف يوم 26 حزيران/يونيو من كل عام، “اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب”، الذي تم اعتماده بموجب القرار رقم (149/52) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتاريخ 12 كانون الأول/ديسمبر 1997. وهو يهدف إلى القضاء التام على التعذيب، وتحقيق فعالية أفضل أداءً لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وتقديم الدعم والتكريم للضحايا والناجين في أنحاء العالم.
والتعذيب، هو أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول منه، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية.
ويهدف التعذيب إلى إفناء شخصية الضحية وإنكار الكرامة الكامنة لدى الكائن البشري. وكانت الأمم المتحدة قد نددت بالتعذيب منذ البداية بوصفه أحد أحط الأفعال التي يرتكبها البشر في حق إخوانهم من بني البشر، وهو جريمة بموجب القانون الدولي، يحظره تماماً جميع الصكوك ذات الصلة، ولا يمكن تبريره في ظل أية ظروف، وحظره يشكل جزءاً من القانون العرفي الدولي – يلزم كل عضو من أعضاء المجتمع الدولي، دون اعتبار لما إذا كانت الدولة قد صادقت على المعاهدات الدولية التي تحظر التعذيب صراحة أو لم تصادق عليها – وتشكل ممارسة التعذيب على نحو منتظم وبشكل واسع النطاق جريمة ضد الإنسانية.
وتعد سوريا، خاصة في السنوات التي أعقبت عام 2011، من أكثر الدول في العالم التي تمارس فيها التعذيب بشكل ممنهج ضد المواطنين – سواء من قبل النظام أو من قبل المجموعات المسلحة المنتشرة في أجزاء واسعة منها – حيث يتم يومياً اعتقال الآلاف منهم والذي ما زال مصير الكثير منهم مصيراً مجهولاً ويعانون من أقسى أنواع المعاملة اللاإنسانية والتعذيب في السجون والمعتقلات ومعسكرات الاحتجاز…، على امتداد رقعة الجغرافيا السورية، في تجاهل كامل للالتزامات القانونية تجاه المواثيق والاتفاقات والمعاهدات الدولية – خاصة الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة – ما يفرض على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته تجاههم وأسرهم والدفاع عنهم ورعايتهم ودعمهم..، وصولاً لمحاسبة الجناة وحفظ حقهم في العدالة والتعويض وإنهاء كافة أشكال التعذيب في البلاد.
أننا في مركز “عدل” لحقوق الإنسان، وبهذه المناسبة، نطالب المجتمع الدولي ممارسة جميع أنواع الضغوطات على السلطات السورية والمجموعات والأطراف المسلحة الأخرى في سوريا، من أجل الكشف عن أماكن احتجاز كافة المعتقلين والمحتجزين وتسهيل وصول الجهات الإنسانية الدولية الفاعلة إليها بصورة منتظمة، وكشف مصير الآلاف من المعتقلين والمعتقلات الذين يُعتقد أنهم قضوا تحت التعذيب، وتسليم رفات من تثبت وفاته لأهله وذويه بطريقة إنسانية تراعي حرمة أجسادهم ومشاعر ذويهم وشعائرهم الدينية، وتحميل المسؤولية القانونية عن هذه الجرائم للجهات التي اقترفتها، وتقديم الدعم النفسي والمعنوي والمادي اللازم للضحايا وأسرهم وتعويضهم وتقديم الرعاية اللازمة لهم، وتحميل جميع الأطراف المعنية المسؤولية الكاملة في الحفاظ على أماكن وجود رفات الضحايا ممن قضوا تحت التعذيب، أو أي أماكن أخرى يعتقد باحتوائها على أدلة قد تساهم في الكشف عن مصيرهم وعن هوية المجرمين، وتفعيل الولاية القضائية الدولية ضمن قوانينها، لتمكين ضحايا التعذيب وعائلاتهم من اللجوء إلى أنظمتها القضائية للسعي نحو حقهم في العدالة.
26 حزيران/يونيو 2019
مركز ” عدل ” لحقوق الإنسان
أيميل المركز:adelhrc1@gmail.com  
الموقع الالكتروني: www.adelhr.org

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ريزان شيخموس شهدت سوريا تطورًا تاريخيًا غير مسبوق مع سقوط نظام بشار الأسد، الذي استمر في السلطة لأكثر من خمسة عقود، محكمًا قبضته الحديدية على البلاد. هذا الحدث لم يكن مجرد نهاية لنظام استبدادي بل بداية لتحولات جذرية تحمل في طياتها تحديات وفرصًا كبيرة، على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. شكل سقوط نظام الأسد نقطة تحول في المشهد السوري الداخلي….

حسين جلبي لم تؤسس قسد للدفاع عن الكُرد، بل أسسها الأمريكيون لقتال تنظيم داعش، وبذلك تعتبر مجموعة مرتزقة تتلقى المال والسلاح من الأمريكيين لتحقيق مصالح أمريكية، قرارها في القتال بيد الأمريكيين. لم تخض قسد معركة واحدة للدفاع عن الكُرد، وكل المعارك التي خاضتها كانت ضمن الأجندة الأمريكية لمحاربة تنظيم داعش. لم تدافع قسد عن الكُرد في معارك مفصلية مثل عفرين…

إبراهيم اليوسف ما أن تسقط الأنظمة الدكتاتورية بعد عقود من القمع والدماء، حتى تبدأ الأسئلة الكبرى بالظهور حول مستقبل المجتمع وما خلفته تلك السنوات من أزمات نفسية، اجتماعية، وسياسية. إذ أنه وبعد أربع عشرة سنة من القتل والدمار، انهار النظام السوري، كما كان متوقعاً، تحت ثقل الجرائم التي ارتكبها، متوهماً أن وصفة القمع التي ورثها عن أبيه ستظل…

اكرم حسين مع سقوط نظام الأسد، واجهت سوريا مرحلة انتقالية مليئة بالتحديات، تتطلب رؤية واضحة ، وإدارة حكيمة ، لتجنب الانزلاق نحو الفوضى أو التقسيم، وهو السيناريو الذي عانت منه العديد من الدول التي شهدت تغييرات جذرية في أنظمتها السياسية. فالتجارب التاريخية تُظهر أن الفترات الانتقالية غالباً ما تكون مصحوبة بصراعات بين القوى السياسية المختلفة التي شاركت في إسقاط…