اثنان وستون عاما.. الآمال تحدو… وما زال الوليد يحبو؟؟؟!!

المحامي محمود عمر
مع أن مخاض الولادة كان عسيراً، إلا أن ذلك الوليد سرعان ما دخل ـ منذ الأيام الأولى لولادته ـ كل بيت لأنه حمل شيئا من آلام وآمال كل فرد من قاطنيه، ليوقظهم من سبات عميق، فاتحاً أعينهم على واقع مرير، تنكر فيه الأخ للشراكة وكل التضحيات وأبى إلا أن يستأثر بكل شيء، ودمغ الحجر والبشر والشجر والتاريخ والجغرافيا بحرف الضاد وأذاع بيانا مفاده أن كل من يخالف ذلك فعليه إما القبول أو الرحيل أو تحمل سياط الجلاد، وفي ظل إصرار أرباب الوليد ومناصريه على تحقيق أهداف الولادة المتمثلة في نشر الوعي القومي الكردي والتأكيد على مشروعية الحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا والبحث عن وطن تتحقق فيه العدالة والمساواة للجميع، نال معظم هؤلاء وفي مسيرتهم النضالية الكثير من العنف والاعتقال والسجن والتعذيب والنفي واستشهاد البعض، ونقذ بحق الشعب الكردي  العديد من المشاريع العنصرية لمحو وجوده ودفن الوليد في المهد.
ومع طغيان حالة الاستبداد واللون الواحد على البلاد طيلة العقود التي مضت وتصحر الحياة السياسية وغياب الاهتمام بالشأن العام مع ما إفرزه هذا الواقع من أمراض قاتلة شوهت صورة وأدمية البشر، من خلال تعميم الفساد والإفساد كل مفاصل ومؤسسات ومؤهلات البلاد، ومعها تحولت البلاد إلى ما يشبه بركة ماء راكدة  تزداد مياهها تلوثا ـ حيث لا يرفدها رافد ولا تخرج منها ساقية ـ كلما حركتها، وفي ظل هذا الواقع الذي ساد على الجميع  وباطراد أكثر عنفا تجاه الكرد بقي الوليد يحبو وعاجزاً في أن يخطو خطوة أخرى باتجاه تحقيق مراميه  وفي ظل عجزه هذا بقي يتشظى على نفسه كل مرة أمام أدنى وعكة يتعرض لها حتى تشيأت كل أوصاله وأطرافه تحت مسميات شتى ما أنزل الله بها من سلطان، وجاءت الطامة الكبرى في الأزمة السورية منذ عام 2011 التي برهنت أعوامها الماضية إن معظم انشطارات وليد(1957) قد تاهت شرقاً وغرباً وعملت تحت عباءات الغير ولم تستطع أن تحقق الحد الأدنى المرجو منها سوى تقوقع بعض مريديها على ذواتهم ومنافعهم الأنانية الشخصية أكثر فأكثر، كأبرز تجليات سوسيولوجيا الإنسان المقهور فينا، لسان حال واقعنا يقول إن أقل ما يمكن القول عن معظم أيقونات وانشطارات وليد1957أنها غدت فاقدة لوظيفتها السياسية.
 مع مرارة كل ذلك فإن الآمال لا تموت لأن الحقوق لا تموت وان طغى عليها الرماد حينا من الدهر.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…