قراءة هادئة في سياسة منفعلة

 أكرم الملا
من الواضح، أن قيام ترامب بمغامرة عسكرية ضد إيران مستبعد، لأنه في الأيام الأخيرة لاحظنا طلب أميركي واضح للتفاوض، كما أننا لو رجعنا سنتين الى الوراء، فنلاحظ أن مواجهات اميركا مع ايران كانت اقتصادية بحتة من خلال العقوبات والحصار، وقصة جر ايران الى المفاوضات بشأن برنامجها النووي لم يكن إلا من خلال المواجهة الاقتصادية وليست العسكرية. 
ان المواجهات العسكرية التي خاضتها الولايات المتحدة في المنطقة وخاصة أفغانستان والعراق مازالت ماثلة أما الرأي العام الأميركي الذي يلعب دوراً أساسياً في القيام بحروب أو عدمها، كما أن الأزمة الحالية بين أميركا وايران تتقاذفها أمواج سياسية اقليمية ودولية،
 وهناك محاور واضحة في هذه الأزمة، حيث الولايات المتحدة واسرائيل والسعودية والامارات في مواجهة روسيا والصين وأُوروبا التي لم تفصح عن موقفها الحقيقي، لذا أي عملية عسكرية أو مواجهة بين ايران وأميركا ستكون كارثة عالمية لأن هذه المنطقة تُوّرد ما يقارب نصف انتاج الطاقة العالمي.
بغض النظر عن الجعجعة الأميركية التي – كما أعتقد – لن نرى في نتيجتها أي طحن، لو حاولنا أن نقرأ بهدوء هذا الانفعال الأميركي تجاه ايران، ونركز قليلاً على تاريخ العداء الأميركي – الايراني، فنرى أنه في كل المحطات كانت ايران محظوظة بالمواقف الأميركية تجاهها، كلنا يتذكر الحوار الاميركي مع طالبان (حلفاء ايران) في أفغانستان أليس الأمريكان من سلموا العراق على طبق من ذهب لإيران عندما سحبت قواتها من العراق، أليست أميركا التي سلمت كركوك الى جماعات قاسم سليماني أليست أميركا هي التي غضت النظر عن التمدد الحوثي الايراني في اليمن ..؟؟. 
ان وجود التهديد الإيراني يسمح للولايات المتحدة بالتغلغل في المنطقة، وابرام المزيد من صفقات الأسلحة والطاقة من تلك الدول التي يقلقها الكابوس الإيراني بدل الخطر الإسرائيلي “السابق” لأن اسرائيل وأميركا نجحا في اقناع الدول العربية بأن الخطر هو ايران وليست اسرائيل وهذا ما نراه من خلال التطبيع التدريجي مع الدول العربية.
لذلك خيار المواجهة العسكرية المباشرة مستبعد، لكن ليس ببعيد حصول اشتباكات بين مصالح واشنطن وطهران في سوريا والعراق ولبنان واليمن، حيث الأوضاع والساحات هناك مفتوحة لحروب بالوكالة بين حلفاء كلا الطرفين.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين من المعلوم انتهى بي المطاف في العاصمة اللبنانية بيروت منذ عام ١٩٧١ ( وكنت قبل ذلك زرتها ( بطرق مختلفة قانونية وغير قانو نية ) لمرات عدة في مهام تنظيمية وسياسية ) وذلك كخيار اضطراري لسببين الأول ملاحقات وقمع نظام حافظ الأسد الدكتاتوري من جهة ، وإمكانية استمرار نضالنا في بلد مجاور لبلادنا وببيئة ديموقراطية مؤاتية ، واحتضان…

كفاح محمود مع اشتداد الاستقطاب في ملفات الأمن والهوية في الشرق الأوسط، بات إقليم كوردستان العراق لاعبًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين أطراف متخاصمة تاريخيًا، وعلى رأسهم تركيا وحزب العمال الكوردستاني، وسوريا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في هذا السياق، يتصدر الزعيم مسعود بارزاني المشهد كوسيط محنّك، مستفيدًا من شرعيته التاريخية وصلاته المعقدة بجميع الأطراف. ونتذكر جميعا منذ أن فشلت…

خوشناف سليمان في قراءتي لمقال الأستاذ ميخائيل عوض الموسوم بـ ( صاروخ يمني يكشف الأوهام الأكاذيب ) لا يمكنني تجاهل النبرة التي لا تزال مشبعة بثقافة المعسكر الاشتراكي القديم و تحديدًا تلك المدرسة التي خلطت الشعارات الحماسية بإهمال الواقع الموضوعي وتحوّلات العالم البنيوية. المقال رغم ما فيه من تعبير عن الغضب النبيل يُعيد إنتاج مفردات تجاوزها الزمن بل و يستحضر…

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…