الاعتماد على الانظمة الغاصبة لكردستان هو بمثابة الانتحار السياسي.

محمود برو
ما يدفعني لكتابة هذا المقال المتواضع هو رهان البعض من ساسة الكرد الذين اصبحوا قياديين، هنا وهناك، بقدرة قادر بين ليلة وضحاها وبقفزة نوعية من القاعدة الى القمة، في غربي كردستان والذين يتأملون في قوقعتهم الجوفاء على الانظمة الغاصبة لكردستان لاسيما ذلك النظام الغاصب للجزء الاكبر من كردستان شعبا ومساحة، ويتباهون بالدور الذي يقوم به ذلك النظام 
في ملعب القوى العظمى، امثال امريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا، المتصارعة على مناطق النفوذ في الشرق الاوسط
عموما وفي منطقتنا بشكل خاص .
تارة يقولون  بان ذلك النظام جار لنا ويتغنون بعلاقة الجوار، وتارة اخرى يقولون بان هذا النظام ساند الثورة السورية ودعمها. احيانا يقولون اننا نتعامل بالسياسة وأحيانا اخرى يقولون لا يمكن اقامة المنطقة الآمنة الا بدور هام و رئيسي لذلك النظام و لا يمكن اهماله ابدا. 
و السؤال الذي يطرح نفسه هو
بالله عليكم هل الصراعات الجانبية بين صفوفكم كحركة سياسية يتم بمعزل عن شروط ورغبات ذلك النظام وفي الوقت نفسه نرى ان ذلك النظام يضرب جميع القوانين الدولية عرض الحائط ويتحدى ارادة المجتمع الدولي الساكت عن الحق و يقوم بأبشع  الجرائم ضد شعبه وكل من يعارض رايه ناهيك عن قيامه وقيام اسلافه من   الانظمة الدكتاتورية بتنفيذ ابشع المجازر 
بحق شعبنا الكردي التواق للحرية وتقرير المصير ومن بين تلك المجازر (  آله قمشي، سجن دياربكر، روبوسكي، مجزرة عائلة رمضان كابرش في جرنك، قمع جميع الحركات والثورات والانتفاضات الكردية في شمالي كردستان، حرق الالاف من القرى الكردية، التهجير القسري للملايين من 
الكرد من مناطقهم التاريخية  وآخرها قصف منطقة شرناخ ونصيبين، ناهيكم عن تصريحات ذلك النظام الآخيرة الجنونية بعدم وجود الكرد وكردستان في مملكته  ومن يدعي عكس ذلك عليه 
ان يذهب الى شمال العراق وفق قوله 
.
  هل انتم ايها الساسة في وضع من حيث الحجم العسكري والنفوذ السياسي يمكنكم من بناء علاقات متكافئة دون الرضوخ لشروط ذلك النظام ؟؟؟؟
علينا ان نتذكر اول يوم من احتلاله  مدينة جيايي كرمينج حطم تمثال كاوا الحداد رمز الحرية لدى الشعب الكردي، وحرق العلم الكردستاني وقتل ونهب ممتلكات الناس وشرد الالاف وبدأ بالتغيير الديموغرافي للمنطقة من خلال منع اللغة الكردية ونزع لافتات المحلات التجارية والمدارس ولوحات القرى  وتعليم اللغة العربية والتركية الاجبارية في المدارس .
وجلب الناس بالآلاف من ما هب ودب من التركمان والعرب واسكانهم في القرى الكردية والاخطر من كل ذلك بنائه الجدار الاسمنتي لسلخ منطقة جياي كرمينج من الجزء الكردستاني الملحق بسوريا وضمها تحت امبراطوريته الطورانية
.
يا ايها الساسة الا ترون كل ذلك، الا تسمعون، هل انتم صم بكم عمي لا تفقهون.
حرام عليكم ان تضحكوا على مصير شعبكم تحت حجج ومبررات واهية بانكم تتعاملون بالسياسة وتنسون بانكم تخلطون بين السياسة والدبلوماسية  وبين المرحلية والاستراتيجية.
ان ذلك يدل على انكم انانيين وبامتياز، و لا يهمكم سوى مصلحتكم الشخصية حيث انكم مغرورين  الى ابعد الحدود وتعتقدون ان كل الناس على خطأ وجهل سياسي وعدم دراية بالأمور. 
.
حقيقة انكم بعملكم هذا تحاولون ان 
تختبئون وراء اصبعكم و انكم لا ترون ما هو امامكم سوى انفكم.
تماما كطير النعامة عندما يضع راسه تحت الرمل معتقدا انه اختبئ بكل جسمه تحسبا لاي خطر خارج.
انني لا ادعو الى التخلي عن السياسة كما لا ادعو  ايضا الى الاستقلالية المطلقة المثالية،  لكنني ادعو الى الاعتماد الرئيسي على الشعب ثم الاستفادة من التناقضات الموجودة بين تلك الانظمة الغاصبة لكردستان دون الارتقاء في أحضانها والمشاركة في خططها والدخول في محاور ضد البعض 
.
كفاكم ايها الساسة ان تراهنوا على نظام
غاصب لكردستان، ان رهانكم هذا هو انتحار سياسي لكم وسيخلق الدمار لشعبكم ، تماما كما قال الملا مصطفى بارزاني قوله المشهور: عندما لا تستطيع قيادة كتيبة عسكرية فلا تدعي وتقول انك تستطيع قيادة لواء عسكري، ان ذلك يشبه تماما للرجل الذي يحاول ان يتسلق على راس شجرة تكاد تنكسر من العطش فيصل الى زروتها فتنكسر الشجرة تحته ويقع الرجل من اعلاه متحطما على الارض. الشجرة هي الشعب 
والرجل هو القائد الفاشل والمغرور والتاريخ لايرحم.
فريدريكستاد: ٣/٦/٢٠١٩

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين من المعلوم انتهى بي المطاف في العاصمة اللبنانية بيروت منذ عام ١٩٧١ ( وكنت قبل ذلك زرتها ( بطرق مختلفة قانونية وغير قانو نية ) لمرات عدة في مهام تنظيمية وسياسية ) وذلك كخيار اضطراري لسببين الأول ملاحقات وقمع نظام حافظ الأسد الدكتاتوري من جهة ، وإمكانية استمرار نضالنا في بلد مجاور لبلادنا وببيئة ديموقراطية مؤاتية ، واحتضان…

كفاح محمود مع اشتداد الاستقطاب في ملفات الأمن والهوية في الشرق الأوسط، بات إقليم كوردستان العراق لاعبًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين أطراف متخاصمة تاريخيًا، وعلى رأسهم تركيا وحزب العمال الكوردستاني، وسوريا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في هذا السياق، يتصدر الزعيم مسعود بارزاني المشهد كوسيط محنّك، مستفيدًا من شرعيته التاريخية وصلاته المعقدة بجميع الأطراف. ونتذكر جميعا منذ أن فشلت…

خوشناف سليمان في قراءتي لمقال الأستاذ ميخائيل عوض الموسوم بـ ( صاروخ يمني يكشف الأوهام الأكاذيب ) لا يمكنني تجاهل النبرة التي لا تزال مشبعة بثقافة المعسكر الاشتراكي القديم و تحديدًا تلك المدرسة التي خلطت الشعارات الحماسية بإهمال الواقع الموضوعي وتحوّلات العالم البنيوية. المقال رغم ما فيه من تعبير عن الغضب النبيل يُعيد إنتاج مفردات تجاوزها الزمن بل و يستحضر…

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…