التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا ..

المجتمع الدولي يسير بخطى وئيدة غير دراماتيكية نحو حلّ الأزمة السورية، فدول استانا – سوتشي لا تتفاعل مع الحدث انسجاماً مع مرجعية جنيف1 والقرارات الدولية ذات الشأن، يتجلّى ذلك في معظم لقاءاتها واجتماعاتها وخصوصاً اللقاء الأخير، ولاسيما أن بريق التفاهم بينها قد تراجع وخصوصاً بين كلٍّ من إيران وروسيا، هذه الأخيرة تزيد من وطأتها مع النظام السوري في ادلب حيث القصف المتواصل على المحافظة في سعي كما تزعم تمشيطها من القوى الإرهابية وفي المقدمة منها جبهة النصرة وغيرها، ذلك وسط صمت تركي كأنما يشير إلى تفاهم بين الجانبين في هذا الشأن، أو كأنّها عمليةُ مقايضة حيث غضّ روسيا طرفَها عن المنطقة الآمنة المزمع إقامتها بالتنسيق مع أمريكا ودول التحالف.
من جانب آخر، أمريكا ومعها المجتمع الدولي تسير نحو تشديد الخناق على إيران بفرض عقوبات اقتصادية أقوى عليها إذا ما استمرت في تدخُّلاتها الإقليمية، ويبدو أن روسيا هي الأخرى قد تبدي مرونتها في هذا الاتجاه، فضلاً عما بدا مؤخراً من تعارُض مصالحها مع إيران عبر الأزمة السورية، تجلّى ذلك في مساهمتها مع أمريكا التّصدّي للمدّ الإيراني وزحف الميليشيا التابعة لها من مناطق عراقية مع الحدود السورية في محافظة دير الزور.
في هذ السياق، يبدو أن هناك توافقاً (أمريكياً، روسياً، تركياً) بشأن قضايا أساسية أخرى في الشأن السوري منها إطلاق يد روسيا في إدلب ومنطقة ما تُسمّى سوريا المفيدة، وضمان الأمن للحدود التركية مع سوريا عبر إنشاء المنطقة الآمنة، وتوفير عوامل بناء إدارة جديدة من خلال دور التحالف الدولي بقيادة أمريكا في شرقي الفرات، هذا إلى جانب التّوافق الروسي الأمريكي الإسرائيلي للحدّ من الدور الإيراني في سوريا أو العمل معا لصرف قواتها والميليشيا التابعة لها من سوريا. 
في سياق متّصل، يسعى المبعوث الدولي (غير بدرسون) إلى الإسراع في إنجاز اللجنة الدستورية بغية المباشرة بعملها، كي لا تتعارض بنود الدستور مع الإجراءات العملية على الأرض، أو أن هناك توافقاً مسبقاً بين مختلف الجوانب، إذ لا يصح بناء إدارة جديدة لا تتوافق مع الدستور المرتقب لسوريا المستقبل، وفي واقع الأمر ينبغي أن يكون هناك تنسيق بين القضايا الأساسية المختلفة ولاسيما تنفيذ سلال ديمستورا الأربع” مكافحة الإرهاب، وضع دستور جديد لسوريا المستقبل، بناء الحكم الانتقالي، إجراء الانتخابات” بالتزامن مع العمليات الجارية على الأرض من حيث توزيع الأدوار ومناطق النفوذ للأطراف الأساسية ذات الشأن في الأزمة السورية. 
وتركيا، كما يبدو لن تتخلى عن تحالفاتها الدولية الأساسية وفي المقدمة منها تحالفها مع أمريكا ولو كلفها ذلك تنازلات مهمة، خاصة فيما يتعلق بدورها وعلاقاتها مع حلف الناتو السند القوي لها دولياً، كما ستسعى الى المزيد من التفاهم مع الدول المعنية الأخرى وخصوصا روسيا في الشأن السوري، وستواصل في تعاطيها مع الشأن الإيراني ولو في حده الأدنى سواء من خلال استانا أو بحكم علاقات الجوار أو بسبب الموقف المشترك من بعض القضايا الأخرى منها القضية الكردية في المنطقة ومع دولهما، لكن تبقى بعض القضايا الأخرى بالنسبة لتركيا في غاية الأهمية لها ما يضعها أمام مهام جديدة ومراجعة نقدية شاملة لسياستها داخليا وخارجياً. 
أما إيران، فترى نفسها أمام ظروف سياسية صعبة، سواء لتراجع وتيرة علاقاتها عبر استانا – سوتشي أو لاشتداد الضغوط الخارجية عليها خاصة من قبل أمريكا وإسرائيل، أو التزايد المضطرد للخصوم على حساب الأصدقاء، ذلك بسبب سياساتها في التدخُّل بشأن العديد من دول المنطقة، الأمر الذي يثير قلقَ المجتمع الدولي ما يدفعه للتصدّي بقوّة لهذه التحديات السافرة، ولا يدخر وسعاً في تأليب الوضع الداخلي ضد النظام بالمزيد من المظاهرات والاعتصامات العارمة المُنظّمة، وتعزيز دور المعارضة السياسية في الخارج والسعي لتهيئتها حتى عسكرياً، أضف إلى ذلك الواقع الاجتماعي الاقتصادي المتدنّي والهابط نحو الفقر المدقع وتدنّي سعر صرف الوحدة النقدية إلى الحضيض، ما يجعل الواقع الإيراني أمام صعوبات جمّة قد تكون عصية على تجاوزها، ورغم ذلك يبقى النظام مستمراً في ممارساته الرعناء تجاه الشعوب الإيرانية بمختلف انتماءاتهم القومية والمذهبية، حيث الاعدامات اليومية وخصوصاً في مناطق كوردستان، وسياساته الهوجاء حيال المجتمع الدولي، ما يعني أن إيران تسير من وضع سيّئ إلى الأسوأ سياسياً واقتصادياً واجتماعياً” ومن الجدير ذكره إدراج الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس التابع لها على قائمة المنظمات الإرهابية من قبل أمريكا”.
والعراق، لم تزل الكتل السياسية والبرلمانية في حوارات ونقاشات تصل أحياناً إلى حدِّ التَّصادُم فيما بينها، سواء لجهة السياسات المتباينة والمتبعة حيال كلٍّ من أمريكا وإيران أو لجهة اختلافها حول استكمال حكومة السيد عادل عبد المهدي، لدرجة اتهام البعض بتعطيل هذه الحكومة أو محاولة إفشال السيد عبد المهدي، بغية تجاوز ملفات الفساد المالي والإداري، وبالتالي السَّعي لخدمة الجانب الإيراني بشكل سافر ومباشر، لكن حكمة الجانب الآخر وتضامنها القوي مع حكومة عبد المهدي تَحُول دون تحقيق ذلك، وعليه تسير الأمور نحو الأفضل ولو على طريقة تصريف الأعمال بشكل مرحلي، حيث النشاطات الداخلية والخارجية تتقدم، وتتجه نحو التفاعل مع الإجراءات السياسية اللازمة.
‏أما كردستان العراق، فإن العلاقات بين أحزابها تسير بين المد والجزر، فتارة تبشر بالخير والتوافق على النقاط العالقة، وأخرى تتعثر ببعض التناقضات، ويبدو أن الاتحاد الوطني الكوردستاني يمارس الابتزاز مع الأطراف الأخرى وخصوصا مع الديمقراطي الكوردستاني الذي حاز على الغالبية من المقاعد البرلمانية بنسب متفاوتة جداً، ومن حقه كامل التصرف بالرئاسات الثلاث وتشكيل حكومة الإقليم، ومع ذلك فإنه يتصرف بكامل المسؤولية، تجنباً لأية نتائج سلبية وتطلعاً نحو إرضاء المزيد من القوى والأحزاب الكوردستانية على طريق ترتيب البيت الكردي عبر التوافق الأمثل بين أحزابه، لاسيما أن الظروف سانحة للقضية الكردية، وغدا الزعيم مسعود بارزاني يستقبل استقبال رؤساء الدول، ويحضر المحافل والمؤتمرات الدولية من المستويات الرفيعة، أي أن مستقبل كوردستان وشعبها في تقدم ينبغي أن يراعى هذا الوضع، وعلى الأحزاب الكوردستانية وخصوصا الاتحاد الوطني أن يتصرف بعقلانية ومسئولية أكبر ، وأخيراً تم الإعلان عن اتفاق على أنه نهائي بين الأحزاب الثلاثة: الديمقراطي والاتحاد الوطني والتغيير ( pdk وynk و(goran بشأن تشكيل حكومة الإقليم وعموم القضايا الكوردستانية الأخرى.
وفي كوردستان سوريا، فإن عموم شعبنا الكردي يتابع بقلق بالغ وضع مدينة عفرين والمناطق التابعة لها جرّاء الانتهاكات المستمرّة عبر الاعتداء على الأهالي وسرقة ونهب أموالهم والاستيلاء على ممتلكاتهم من قبل بعض الفصائل المسلحة الحاقدة على شعبنا الكردي هناك، وفضلاً عن تلك المعاناة يتعرّض بين الحين والآخر قيادات وكوادر المجلس الوطني وأحزابه إلى الاهانة والخطف وحتى الاحتجاز لديهم لمدد قد تطول أحياناً، وأمام هذا الوضع المأساوي ينبغي متابعة التواصل المستمر مع القوى الدولية ومنظمات المجتمع المدني ولجان حقوق الانسان بغية العمل على انهاء هذه الحالة المزرية عن كاهل شعبنا الكردي في عفرين ومناطقها.
وعن حزب الاتحاد الديمقراطي p.y.d ، تارة يزعم أنه يبحث عن حلول توافقية مع المجلس الوطني الكردي بغية ترتيب البيت الكردي استعداداً للمرحلة القادمة، ويعلن السماح بفتح مكاتب المجلس ومقرات أحزابه من قبيل تهيئة الأجواء والمناخات، لكنه سرعان “ما يقلب ظهر المجن” ويقدم على اختطاف من يشاء من كوادر المجلس ويزجّ به في المحتجزات، ما يعني أنه غير جاد في توجّهه، ولا يعبر عن مصداقية فيما يذهب إليه بل العكس إجراءات كهذه تساهم في توتير الأجواء بدل تنقيتها أو تهيئتها، مما يعني أن الجهود والمحاولات تلك إنما تذهب أدراج الرياح.
أما عن حزبنا (الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا)، فإنه يسير بخطى حثيثة في ممارسة عمله ونشاطه سواء عبر المجلس الوطني الكردي في سوريا أو بشكل مباشر، وهكذا المجلس الوطني ذاته، فهو اليوم بصدد الترتيبات اللازمة للتفاعل مع مستجدات المرحلة وتحوّلاتها، سواء من داخل المجلس حيث ترتيب مكاتبه وتفعيلها بشكل أفضل، أو من خلال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، حيث التغيير والتبديل في الهيئات والمكاتب، والتي تم إرجاؤها الى اجتماع الدورة القادمة أي عند أوائل تموز القادم، وعليه فإن المجلس سيواصل نشاطاته السياسية والدبلوماسية إلى حين أوان الظرف المناسب للترتيبات الجديدة.
المكتب السياسي 
للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا 
قامشلي 4 / 5 / 2019

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…