حاوره: عمر كوجري
قال أحمد الرمح الكاتب والباحث والمعارض السوري في حوار خاص مع صحيفة « كوردستان» إن عفرين هي المدينة المظلومة، والتي فتحت قلبها لقرابة المليون نازح من مختلف المدن والقرى السورية، عفرين عوقبت على إنسانيتها، وكان العقاب تركياً معارضاتياً عسكرياً، ظُلمت كثيرا حتى من الجانب الكردي، فلم تهنأ أيضاً حينما كانت تدار من قبل ميليشيات الاتحاد الديمقراطي.
وذكر أنه لا يمكن إصلاح هذا النظام على الإطلاق، ولا يمكن أن تكون سوريا بلداً مستقراً في ظل وجود وحكم أسرة الأسد، لكن هذا لا يعني اننا نغفل عن الدور السيئ الذي قامت به المعارضة.
وحول الدستور السوري الجديد قال الرمح أنه بحسب المعلومات التي أمتلكها في قضية كتابة الدستور، أولاً هذا الدستور سيكتبه السوريون، وليس غيرهم، ربما هناك إملاءات من الدول المؤثرة، لكن ليست المشكلة في من سيكتب، المشكلة في الطرفين المعارضة والنظام.
حول هذه الأفكار، وأفكار هامة تهم السوريين، كان هذا الحوار مع السيد الرمح.
* لنبدأ سؤالنا الأول عن محادثات أستانا التي انتهت قبل أيام في «نور سلطان» العاصمة الكازاخية، حيث يقول المراقبون أنها لم تأت بجديد لماذا لا تنجح المؤتمرات الدولية في حل المشكل السوري؟
بعد تدويل الازمة السورية، والتدويل بدأ من لحظة جنيف 1 الذي رفضه الطرفان، وكانت عملية الرفض من قبل المعارضة خطأ استراتيجياً، الآن يدفعون ثمنه بعد. تدويل الأزمة السورية الذي ساهم به الطرفان المعارضة والنظام باتت سياسة الدول الفاعلة تتمثل بإدارة الأزمة لا حلها، وكل فريق من هذه الدول الفاعلة يبحث عن نصيبه في الكعكة السورية، ولو نظرت الى كل المفاوضات ستجدها تجري بين تلك الدول الفاعلة في الملف السوري، وأما المعارضة والنظام فقد قبلوا بدور المفعول به. حتى البيانات التي هي مخرجات لتلك المفاوضات لا علاقة لا للنظام ولا للمعارضة فيها ربما يكون نسب المصالح عند الطرفين.
* طالما تعرف المعارضة أن النظام ليس جدياً في تقديم أية تنازلات من أجل وقف الحرب في سوريا، لماذا تتكلف بالحضور أصلاَ؟
هل تملك المعارضة والنظام ان تقول لا او نعم لأي جولة تفاوض؟ هل تملك المعارضة والنظام اي استقلالية في قرارهما؟ المعارضة حينما تنظر إليهم تجد اكثر من نصف من يحملون جنسيات اخرى بل بعضهم حمل هذه الجنسية بعد الثورة، والنظام سلم امره بالكامل لإيران ولروسيا، نحن امام ممثلين غير شرعيين للوطن حينما نقول ان المعارضة تعرف بأن النظام لا يقدم شيئاً، وليس مستعدا أن يتنازل فهي لا تملك من امرها ان تقول ذلك لداعمها، الأزمة هي أزمة اخلاق وطنية عند الطرفين المعارضة والنظام.
* ولكن حضرتك تساوي بين النظام والمعارضة في المشكل السوري، وأنت معارض سوري.
نعم أنا معارض للنظام حتى العظم، لا يمكن إصلاح هذا النظام على الإطلاق، ولا يمكن أن تكون سوريا بلداً مستقراً في ظل وجود وحكم أسرة الأسد، لكن هذا لا يعني اننا نغفل عن الدور السيئ الذي قامت به المعارضة، فالمعارضة الرسمية الموجودة هي معارضة مرتهنة لتركيا ودول الخليج، إذا أردنا إصلاحاً حقيقياً يجب أن نضع إصبعنا على الجرح.
* المؤتمرات الدولية تُعقد بشأن الملف السوري، والنظام السوري وحليفه الإيراني يلمّحان بشن عملية عسكرية على محافظة ادلب شمال سوريا. كيف يستوي ذلك؟
هذه طريقة جديدة في التفاوض أنا أسميها التفاوض الحربي العسكري. اليوم تتم عملية التفاوض والضغوطات والتنازلات اثناء العملية التفاوضية من خلال ارواح الابرياء المدنيين، فعمليات التلميح في اجتياح ادلب ومسألة القصف على المدنيين هي طريقة جديدة من الروس والنظام من خلالها يحاول تصدير ازماته الداخليه مع الحاضنة ومن هم موجودون تحت ظله، وتحت إدارته، ولكن تبقى هذه العمليات العسكرية لا تستدعي القلق باجتياح ادلب ما دام هي تجري من خلف خطوط خفض التصعيد. الدبابات والمدفعيات الروسية ومدفعية النظام ودبابته حتى الآن خلف خطوط التصعيد، بالتأكيد أنا برأيي أنها عملية ضغط لإحراج الاتراك من جهة ومحاولة تصدير أزمة للنظام، وأيضاً للضغط في مسألة التفاوض كما قلنا سابقاً، التفاوض يجب انا يكون من ثلاثة اطراف وهي الدول الضامنة الثلاث روسيا وإيران وتركيا.
* ملف المعتقلين ملف مرعب، للآن لم ينتظم، والنظام مسؤول عن استشهاد عشرات الالاف من هؤلاء؟ من المسؤول عن هذا التقصير؟
بالتأكيد المسؤول هو الطرفان المعارضة والنظام، النظام يريد أن يقول لكل من يعارضه ان هناك زنازين لكل من يرفع صوته في جمهورية الخوف والصمت، والمعارضة حتى هذه اللحظة لم تتعامل بجديّة في هذا الملف بل أن هذا الملف لم يأخذ حقّه. هذه قضية حقوقية لو استثمرتها المعارضة ضمن منظمات المجتمع المدني العالمي ومنظمات حقوقية لتغيّر مسار المفاوضات كثيراً، المعارضة لا تجيد التعامل في هذا الملف مثلا في احدى جولات تفاوض استانا قدموا أسماء 400 معتقل رد عليهم الجعفري بأن هؤلاء في غالبيتهم ينتمون الى جبهة النصرة، وقدم لراعي التفاوض الروسي فيديوهات لأسماء هؤلاء على انهم يقومون بقتل المدنيين وعمليات ارهابية الى آخره، هذا الملف المرعب كما ذكرت المسؤول عنه أولاً المعارضة لأننا نقول بكل صراحة: القضية السورية الثورة السورية قضية رابحة ابتليت بمحامين فاشلين.
* النظام منتش بـ “الانتصارات” التي حققها تقريباً في كل مكان، واستعاد الأرض من المعارضة المسلحة، هل تتوقع أن يوافق على مقترح واقعي؟
من الجنون أن يعتقد أي نظام في العالم أنه سجل انتصاراً على شعبه، وهذا ماقاله الروس للنظام حينما اراد بشار الأسد أن يلقي خطاب النصر في حلب بعد ان تم تسليم حلب التي لم تسقط، بل سُلّمت، الروس رفضوا ذلك، وقالوا لا يوجد قائد ينتصر على شعبه .. النظام غير مستعد حتى اللحظة للموافقة على عملية التفاوض.. حتى الآن المعارضة تتوسل النظام أن يجلس معها على طاولة التفاوض، لأنه يعتبر ان مجرد الجلوس معها على طاولة التفاوض يعني الاعتراف بها، ويعدها خائنة وطنياً، نحن ذاهبون الى تسوية سياسية، وليس إلى الحل السياسي.
* بعد الأخبار المفرحة من الجزائر والخرطوم، توقّع المراقبون باستعادة الربيع العربي لذاته رغم كل الويلات وجرائم الأنظمة العربية، وجرى الحديث عن رحيل وشيك للنظام السوري.أنت ماذا تقرأ؟
بالتأكيد فرحنا كثيراً لعملية التغيير الهادئة والسلمية التي حدثت في الجزائر والسودان، ونتمنّى ألا يتغلغل الاسلام السياسي في الحراك الجزائري والسوداني، ويبدو الآن انه بدأ يتغلغل وهذا مؤشر خطير. أما الحديث عن أن رئيس النظام انه راحل مثله مثل غيره من الطغاة فإذا اعتمدنا قانون حركة التاريخ والسنن الالهية فهو لا بد يوم من الايام راحل، ولكن أن يرحل بناء على أوهام وأمنيات ودعايات فهذا ما لا يجب أن نرضى به.
الكثير يعتقد ان هذه الازمة في المحروقات، ازمة الاشياء المعيشية التي يحتاجها المدنيون الموجودون تحت سيطرة النظام يعتقدون بأنها سبب لسقوط النظام، اعتقد ومؤشر مؤتمر استانا (نور سلطان) يقول ان المسألة قد تطول قليلاً، ولا اعتقد ان هناك حلاً قبل عام 2021 الذي من خلاله نستطيع عندما نرى اللجنة الدستورية قد ظهرت، وبدأت ممارسة أعمالها بوضع دستور جديد وتم تهيئة البيئة الانتخابية والبيئة الآمنة المحايدة بشكل صحيح وإعادة هيكلة الاجهزة الامنية.
* البعض يقرُّ أن ما حصل في سوريا من جرائم هي مسؤولية مكوّنات بعينها، هل توافق على هذا الكلام؟
أرفض هذا التحليل، أو الرأي رفضاً مطلقاً، في سوريا لا توجد طوائف ولا مكوّنات، هناك طائفتان، الطائفة الأولى تريد الاستبداد والسلطة، والطائفة الثانية هم دعاة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، في الطائفة الأولى هناك جزء كبير من ناسها مع النظام، وفي الطائفة الثانية هي للأحرار الذين يريدون أن يعيشوا بأمان وسلام.
* يختلف السوريون نظاماً ومعارضةً بشدة حول الدستور الجديد للبلاد، الدستور الذي لم يكتبه السوريون بعد، هل المشكلة تكمن في من يحضر لكتابة الدستور، ومستوى تمثيل كل جهة؟ أم ماذا؟
بحسب المعلومات التي أمتلكها في موضوع كتابة الدستور، أولاً هذا الدستور سيكتبه السوريون، وليس غيرهم، ربما هناك إملاءات من الدول المؤثرة لكن ليست المشكلة في من سيكتب، المشكلة في الطرفين المعارضة والنظام، النظام لا يريد، لأنه يريد أن تكون صلاحيات رئيس الجمهورية مطلقة، ويظل مستبداً دكتاتورياً وهو المتحكم في كل شيء، المعارضة أيضاً لها اعتراضات على دستور مدني حضاري حينما ترفض اشياء يجب ان تكون موجودة في الدستور الجديد مثل قضية ان يكون النظام فيدراليا أم رئاسياً، سأطرح معلومة ربما لا يعرفها الآخرون مثل الخلاف حول قضية الزواج المدني، الخلافات حول هذه المواد الدستورية هي الأساس، وبالتأكيد العامل الموضوعي له دور حينما تتفق الدول الفاعلة في الملف السوري، اعتقد ان الكثير من الامور سيتم تذليلها، الطرفان يتحملان الوزر، ولكن بنسب مختلفة، حتى الان لم يتفق الطرفان على ميثاق شرف وطني، وهو المقدمة للدستور، ومن خلال الفقهاء الدستوريين لإيجاد القانون الناظم لحركة الحياة في سوريا، الخلافات في اللجنة الدستورية شكلية تنظيمية، النظام وروسيا يريدون ثلث المجتمع المدني لهم، المعارضة التي تتكلم باسمها تركيا تريد ان يكون ثلث المجتمع المدني لهم، الآن توافقوا على حياديين 24 شخصا، و20 شخصاً توافق عليهم المعارضة بقي 6 يصر النظام على الموافقة عليهم، ولم توافق عليهم الأمم المتحدة.
* برأيك الدستور المزمع كتابته ألا يدعو الى إعادة إنتاج النظام من جديد بعد كل التهالك الذي أصابه، وأصاب العطب في مؤسسته العسكرية، وبعد كل الدمار الذي لحق بسوريا من درعا إلى قرية عين ديوار على آخر الحد التركي؟
الدستور الجديد من المحال أن يعيد إنتاج الدكتاتورية، أو جهة من جهات ومؤسسات النظام الحالية، لو انتبهنا للتجارب في الحروب الاهلية التي وقعت في جنوب افريقيا وفيتنام وكمبوديا” الخمير الحمر” التجارب الأممية كلها تقول حينما أشرفت لجان الأمم المتحدة على كتابة دستور جديد وعلى انتخابات سقطت الدكتاتوريات، ولا يوجد استثناء واحد في هذا السياق.
* كيف تقرأ السلم الاهلي في سوريا بعد حدوث كل هذا الدمار؟ هل سيكون بمقدر معلم من دير الزور أن يدرّس في قامشلي أو جبلة؟
السلم الاهلي ثقافة مدنية تعيشها المجتمعات المتحضرة في الدول المتقدمة، حتى الآن نسبة كبيرة من المجتمع السوري لا تتقن هذه الثقافة، هذا يعني أننا أمام مراحل زمنية ومراحل طويلة جداً بعد الانتهاء من هذه الأزمة، حتى يستطيع مواطن من الانتقال من منطقة أخرى، هذه المسألة من الأساسيات التي يجب أن تركز عليها الطبقة المثقفة والمفكرون والسياسيون لأنها هي بوابة الحل لمأساتنا وهي نوع من أنواع فهم ما نريده بالعدالة الانتقالية.
* بعد أكثر من ثماني سنوات على الثورة السورية ينجح الائتلاف السوري لقوى المعارضة في فتح مقر له في ريف حلب الشمالي، وقال رئيسه نخطو اليوم خطوة هامة على طريق نجاح الثورة، هل ستنجح الثورة من مجرد فتح مقر؟
بحسب رأيي أن هذه الخطوة التي أقدم عليها الائتلاف هي أخطر خطوة على وحدة الاراضي السورية منذ بداية الثورة عام 2011 أنا أقرؤها سلبياً، الموضوع إعلان غير مباشر عن دولة شمال سوريا، وتكون سوريا مُقسّمة الى ثلاث مناطق، روجافا الادارة الذاتية هذه الدولة غير المعلنة، ادلب وشمال سوريا دولة غير معلنة، وهناك النظام الذي لم يبق له من الوطن إلا بعض المناطق، أرى أننا أصبحنا أمام كوردستان سوريا، وإدلبستان سوريا، وأسدستان سوريا، وهذه الخطوة هي من أخطر، وأسوأ ما قامت به المعارضة.
* أين عفرين من اهتمام المعارضة السورية؟ هل يمكن القول انها أصبحت قبرصاً أخرى بعد الجدار العازل، جدار الفصل الذي يُشاد حالياً من قبل الحكومة التركية؟
عفرين هي المدينة المظلومة، والتي فتحت قلبها لقرابة المليون نازح من مختلف المدن والقرى السورية، عفرين عوقبت على إنسانيتها، وكان العقاب تركياً معارضاتياً عسكرياً، ظُلمت كثيرا حتى من الجانب الكردي، فلم تهنأ أيضاً حينما كانت تدار من قبل ميليشيات الاتحاد الديمقراطي. وكانت تمثل حياة الوسطية والوطنية الكردية، ثم كانت هذه العقوبات، وما يحدث في عفرين علينا أن نرفع صوتنا ضد هؤلاء الذين يلحقون الأذى بأهلها، ونستنكر ما يحدث فيها، أعتقد أن الشمال السوري كله أصبح قبرص أخرى.
* كيف تنظر إلى واقع الوضع القائم في المنطقة الكردية أو مثلما يسميها الاتحاد الديمقراطي” شمال شرق سوريا”؟
أنا أنظر للأمر من عدة جوانب، مثلا تم تجنيب تلك المنطقة من الدمار الذي كان من الممكن أن يقوم به النظام، ويبقى حزب الاتحاد الديمقراطي هو المستفيد الرقم واحد حتى الآن من الازمة السورية. في الجوانب السلبية، هي كثيرة منها أن التيار العسكري الموجود في قسد هو الذي يتحكم بالتيار السياسي، وهذه خطيئة وقع فيها الائتلاف الوطني المعارض، ويبدو أنهم يريدون تكرار واجترار هذه الخطيئة، من جهة أخرى أنهم بدؤوا يمارسون ثقافة البعث، فقد أصبح حزب البيدا هو القائد العام للمنطقة والمجتمع، ويفرض رؤيته وثقافته وآراءه السياسية، وأتوقع ان الولايات المتحدة ستتخلى عنهم، وحينما توضع امريكا في منعطف التفاضل بينهم وبين تركيا ستختار صديقتها التاريخية تركيا، وستترك خصومها.
* في مقال منشور لك، اعتبرت أن غلبة ظاهرة الاسلام السياسي متمثلا بتنظيم داعش من ضمن عوامل إطالة الأزمة في سوريا، هل باقي التنظيمات الاسلامية تتبع طريقا آخر، وتعطي أهمية لحقوق الإنسان، ولا تبيع الوهم”؟
كل التنظيمات الإسلاموية التي ظهرت في الثورة منذ العام 2011 حتى هذه اللحظة هي عصا في عجلات الثورة في عدم الوصول الى اهدافها المقدسة المتمثلة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، أي هدف عدا هذه الأهداف المقدسة هو هدف مدنّس، الإسلام السياسي كان له الدور الأبرز في العوامل الذاتية في تعثر وإفشال الربيع العربي، ويتحمل الإخوان والتيار السلفي الجهادي في سوريا فشل الثورة السورية، أسباب الفشل ليست خارجية بل ذاتية.
*هل تجزمُ، وتقرُّ بأن الثورة السورية قد فشلت بالفعل؟
سأكون أكثر دقّة، أنا أفضّل القول إن الثورة تعثرت، والنظام لم ينتصر، وتتذكر في خطاب رئيس النظام الأخير تراجع عن كلمة “النصر” وقال أمامنا أربع حروب، هذه حرب الكل فيها خاسر، كما تعلم في علم الاجتماع السياسي الحرب الأهلية لا يوجد فيها رابح، هل الثورة السورية انتهت، ورفعت الراية البيضاء؟ بالتأكيد لا. ولدينا شواهد في التاريخ كالثورة البلشفية، والثورة الفرنسية التي استمرت خمس وسبعين سنة حتى انتصرت، الآن لنقر بأن الامور سيئة جداً وللطرفين.
* رغم ان النظام ومنذ عقود يُخرِجُ السوريين في ازمة ليدخلهم في ازمة جديدة أشد وطأة، لكن الكثير من السوريين في ازمة البنزين الاخيرة يراهنون على سقوط النظام، هل هذا متوقع؟
هذا نوع جديد من أنواع بيع الوهم، التجارة الرابحة عند الطرفين المعارضة والنظام، النظام لم ينتصر، لا أزمة البنزين ولا أزمات أخرى ستسقط النظام، ومن خلال التجارب التاريخية القديمة والجديدة، وآخرها تجربة العراق والحصار الذي دام لأكثر من عقد، النظام بقي مستمراً، بل اكتنز ملايين الدولارات جراء الحصار الأمريكي، بينما مئات الآلاف من أطفال العراق ماتوا لرداءة الغذاء وتراجع وإهمال القطاع الصحي، وانقطاع الحليب، الحصار سيتضرر منه المواطن البسيط، وسيستفيد منه المسؤول الفاسد، وبالتالي ربما يرتبك النظام، ولكنه لن يتهاوى بفعل هذه الأزمة.
* أين عفرين من اهتمام المعارضة السورية؟ هل يمكن القول انها أصبحت قبرصاً أخرى بعد الجدار العازل، جدار الفصل الذي يُشاد حالياً من قبل الحكومة التركية؟
عفرين هي المدينة المظلومة، والتي فتحت قلبها لقرابة المليون نازح من مختلف المدن والقرى السورية، عفرين عوقبت على إنسانيتها، وكان العقاب تركياً معارضاتياً عسكرياً، ظُلمت كثيرا حتى من الجانب الكردي، فلم تهنأ أيضاً حينما كانت تدار من قبل ميليشيات الاتحاد الديمقراطي. وكانت تمثل حياة الوسطية والوطنية الكردية، ثم كانت هذه العقوبات، وما يحدث في عفرين علينا أن نرفع صوتنا ضد هؤلاء الذين يلحقون الأذى بأهلها، ونستنكر ما يحدث فيها، أعتقد أن الشمال السوري كله أصبح قبرص أخرى.
*أنت كاتب في إصلاح الفكر الديني ولديك كتب ومقالات كثيرة في هذا السياق، برأيك ما المطلوب حتى يتصلّح الفكر الديني، ولا يعاد إنتاج أفكار هدامة مدمرة كما الآن، وهل بعض الغلاة والدعاة من الدين الإسلامي وحدهم بحاجة إلى إصلاح؟
أنا كاتب في التنوير الديني، في فارق بين ثلاثة مصطلحات في التيارات التنويرية، التجديد- الاصلاح- التنوير. التجديد هو البحث في التراث عن فتاوى تناسب هذا الزمن. الاصلاح هو محاولة لتجاوز بعض هنات الفقهاء.أما التنوير فهو التعامل مع النص مباشرة، وكأنه تنزل اليوم، وهذا فرق مهم يجب أن ندركه، حتى تتم عملية التنوير الحقيقية يجب أن نتعامل مع النص القرآني مباشرة دون هذا التراكم التراثي الثقيل الذي كان حلا لمشكلات سابقة لكنها لا تناسب الواقع الحالي، ومن يبحث عن حل لمشكلاتنا المعاصرة بالاجتهادات القديمة كمن يريد معالجة الأمراض الصعبة لدى العطارين، ويستغني عن هذا التطور الهائل للطب الحديث.
دعنا من الغلاة ودعاة الفضائيات المسيسين، تعالوا نبنِ قواعد المجتمع بحيث ننتج جيلاً يؤمن بأفكار معاصرة لفهم مشكلاتهم.
أحمد الرمح- بروفايل:
– مواليد الحسكة 1962
-كاتب وباحث في الإسلام السياسي.
-له عشر كتب مطبوعة، وكتابان لم يطبعا بعد.
-ألقى عشرات المحاضرات، وكتب عشرات المقالات والأبحاث.
-يكتب في عدة مجلات وصحف ومواقع الكترونية ومراكز محكّمة.
-مسؤول قسم الدراسات في مركز مينا للبحوث والدراسات.
——–
صحيفة كوردستان