تقرير «مترجَم» عن «قرية نسائية في كردستان السورية: النسوية : إنها الخط الأمامي»

  أوري مورو 
  
  
REPORTAGE : Un village de femmes au Kurdistan syrien : leur féminisme, « c’est la ligne de front » 
  
لقد تم نشر 26000 امرأة من شمال سوريا بشكل خاص ، حيث حاربن تنظيم داعش في كوباني والرقة ودير الزور. إنما ماذا نعرف حقاً عن مشروعهن السياسي؟ هناك شذرات من الردود على  ” Jinwar موطن النساء le lieu des femmes ” وهي قرية سورية صغيرة أنشأتها مجموعة من النساء ، والتي لن تستقبل سوى من هم أصل كردي وعربي حصراً . 

 

هناك أرامل ، عازبات ، مطلقات ، مع أو بدون أطفال ، بأعمار متفاوتة ، وحيث تتمتع نساء جينوار بخلفيات وأصول متنوعة  profils et des origines diverses . 
 
تلزم ساعتان من بلدة قامشلو ، عاصمة الاتحاد الديمقراطي الشمالي لسوريا Fédération démocratique de Syrie du Nord، للوصول إلى قرية تسمى جينوار (“موطن المرأة ” باللغة الكردية). وهي معزولة Isolé  في الشمال الشرقي من البلاد ، تفتح هذه القرية النسائية بوّابتها بعد سلوك طريق ترابي طويل. هناك المسئولة رومَت Rumet ، ذات ابتسامة عريضة: “مرحباً ” خلفها ، حيث الرّكَب والمرافق في الطين genoux et coudes dans la fange ، تتواجد 21 امرأة يضعنَ ” اللّبْن briques  ” في القوالب الخشبية. تقول مريم ، وهي من سكان بلدة الطبقة العربية ، على بعد 300 كيلومتر إلى الغرب من جينوار: “بمجرد تجفيف القِطع الطينية ، يتم تكديسها لإقامة جدران ما سيصبح وطننا المستقبلي notre futur foyer “.
 
“استعادة الأمهات السالفات “ Restaurer les matriarcats  
تُعلِمنا رومَت قائلة ، إن الأرامل ، العازبات ، المطلقات ، مع أو بدون أطفال ، صغاراً وكباراً ، لهن “ملفات شخصية متنوعة profils variés “.   من أصل كردي أو عربي، كلُّهن سوريات، ويرفضن وحدة الزواج المقدس l’union sacrée du (re)mariage . وأضافت  على” أنهن هنا لنعيش معاً بأمان.
سوى أن جينوار ليست مجرد ملجأ refuge ، تتابع رومَت: يجب على النساء دعم أنفسهن من خلال بناء منازلهن بدايةً. وقد درسن التربة لاستخدام المواد المحلية وتطوير تقنيات البناء الخاصة بهن. والفكرة ليست أن تأتي وتذهب مرة أخرى.  إن Jinwar هي تعاونية commune مناهضة من أجل العدالة تم بناؤها وإدارتها ويدار ذاتياً من قبل أفرادها، هدفهن هو استعادة الأمهات matriarcats اللواتي كُن موجودات في العصر الحجري الحديث Néolithique ، هنا في بلاد ما بين النهرين.
في جينوار ، يعتبر تحرير المرأة شرطاً ضرورياً effet considérée للتحرر من الرأسمالية ، ” الدعم الرئيس للأبوية” ، تتابع رومَت. وقد تم توثيق دراسات المرأة – وهي مجال متعدد التخصصات من الدراسات المتعلقة بالموجة النسوية الثانية في السبعينيات – التي تعتمد عليها نساء جينوار – فهناك وجود الأمهات اللواتي يتركز نظامهن الاجتماعي على النساء ، اللاعنفيات ، واللاتحيز الجنسي والأجنبي في علاقات الهيمنة. وتقول رومَت: ” الاقتصاد لم يعتمد على رأس المال”. كانت داعمة وتعاونية وتمتْ إعادة توزيع البضائع وفقًاً للاحتياجات. إن هذه النظرية مثيرة للجدل controversée au sein في العالم الأكاديمي. حيث يتعرف معظم علماء الأنثروبولوجيا وعلماء الآثار وعلماء الأعراق على استثناءات تاريخيةexceptions historiques ، لكنهم يستحضرون بناءاً ” أسطورياً effet considérée “.
“يمكن تلخيص نظريتنا الخاصة بتحرير المرأة بكلمة واحدة، حيث توضّح المسئولة: : jineoloji “علم المرأة باللغة الكردية: science des femmes  ” .. وتستند هذه النظرية إلى مبدأ يسمى “نظرية قطْع العلاقة théorie de la rupture “. وتقول رومَت: ” في الأربعين سنة الماضية ، كان على نساء المحاربين الكرد تنظيم أنفسهم”. فسمح الانفصال عن الرجال لهم بالتصرف بشكل مستقل والاعتماد على قوتهم ؛ للكشف عن وعيهم الجنسي leur conscience de sexe ؛ لإنشاء منظمات خاصة بهن ، وترْك الرجال فقط  أمام خيار التحول الاجتماعي. إن نسويتهن هي الخط الأمامي . ونحن نستلهم من هذا النموذج Leur féminisme, c’est la ligne de front. Nous nous inspirons de ce modèle . ”
 
وحدات حماية المرأة Unités de protection de la femme   :
هناك مجرفة في متناول اليد ، حيث تحفر مريم الأسس الأخيرة “هنا ، تعمل المرأة. من المستحيل معرفة من أين أتت. لقد هربت من داعش للمجيء وقدِمت إلينا ومكثت هنا .أخيراً، توضيح: لأنني أرغب في تثقيف عائلتي في هذه الحالة الذهنية “. الأمثلة على النساء غير المتزوجات اللائي يعشن وحيدات في كردستان السورية ، مثل مريم ، نادرة. من المفترض أن يبقين مع العائلة القريبة أو الممتدة leur famille proche ou étendue . تقول رومت: “إن الطريقة الوحيدة لمغادرة محيط الأسرة ، دون الزواج ، هي في الانضمام إلى كتيبة من وحدات حماية المرأة”.
منظمة عسكرية كردية تتألف حصريًا من النساء (26000 ، وفقاً لوكالة رويترز) ، ولقد  تم إنشاء وحدات حماية المرأة ، ” YPJ” ، في عام 2013 من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) ، الذي يسيطر على شمال سوريا. . ويتم تصنيف YPJ ، مع حزب الاتحاد الديمقراطي ، على أنهما “إرهابيان” من قبل تركيا ، إلا أن  التحالف الدولي يدعمهما في الحرب ضد داعش.
بداية، حملت النساء السلاح ، لمحاربة داعش. وعندما خسِر داعش الأرض ، كان من الضروري تنظيم الحياة في المجتمع. الفوضى أكثر من كونها سلبية. إنها تسمح لنا بإعادة بناء الحياة الاجتماعية على صورتنا une vie sociale à notre image “، كما تقول رومَت.
 
شكوى من عنف ضد المرأة plaintes pour violences contre les femmes :
على مدى السنوات الثلاث الماضية ، وفي المقاطعات الثلاث في المنطقة ” عفرين وجزيرة وكوباني” ، تم إنشاء تعاونيات نسائية coopératives pour femmes ، كما تم إنشاء مدارس تدريب مخصصة حول جينولوجيا ” علم المرأة “. وتم اعتمادها في كل بلدية من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD). وفي قامشلو ، افتتحت كلية مخصصة لدراسات الجندر وعلم المرأة  أبوابها في أيلول 2017. وبالإضافة إلى “العقد الاجتماعي” (الدستور الذي اعتمده الاتحاد في 6 كانون الثاني 2014) ، يفرض “مرسوم المساواة décret égalité ” التكافؤ و الرئاسة المشتركة بين كل من الرجل والمرأة في جميع المؤسسات السياسية ، وتحظر تعدد الزوجات ، “جرائم الشرف  les meurtres  d’honneur ” ، وتضمن حقوق الميراث للنساء والرجال سواسية . وتقول رومَت: ” سوى أن الأمر لا يقتصر على الإرادة السياسية والقوانين التي تهم التحول الاجتماعي”. إنما لا بد أن تكون قائمة على الأرض حيث توجد عوائق freins  مثل التقاليد والهياكل المجتمعية والأسرية. ”  
وفي عام 2017 ، في جميع أنحاء الاتحاد ، تم تقديم 9000 شكوى من قبل النساء للتنديد بالعنف الذي وقعن عليها – أو النساء من حولهن – كضحايا: تعدد الزوجات ، زواج الأطفال ، القتل ” “الشرف” ، والانتحارات ، والعنف الزوجي والجنسي ، وحبس الزواج القسري mariage forcé ، وعمليات الاختطاف ضد الفدية  rançon . لكن في عفرين ، تلقت 25 امرأة فقط مهددة بالقتل المساعدة في توفير المأوى.وتوضّح رومَت: ” الوضع مقلق للغاية La situation est très préoccupante “. ومع ذلك ، ينص العقد الاجتماعي على إنشاء مجالس ومحاكم قضائية للحكم على وجه التحديد على الشكاوى المتعلقة بالعنف ضد المرأة. “سوى أنه بسبب الحرب ، تبقى هذه الحلات في وضعية انتظار ” ، وتتأسف رومَت. 
 
 
في جينوار ، من المتوقع الانتهاء من أول البيوت في الربيع. © تبعاً لأوريلي مورو
 
بين اليوتوبيا والواقعية Entre utopie et pragmatism :
في الحقول على جانبي الطريق المؤدي إلى البلدة ، تأخر نضج الباذنجان والخيار. تقول رومَت: “لدينا مشاكل في إمدادات المياه”. ثم ما زالت النساء اللائي يعشن هنا يبنين بيوتهن، وليس لديهن الوقت لرعاية الحقول. ”
ففي ظل المناخ الجاف حيث تتم تدفقات الأنهار على المستوى المحلي على الجانب التركي ، تعتبر زراعة حديقة بيئية “تحديا défi ” ، كما تعترف المسئولة. “لقد استنفدت التربة أربعين عاماً من الزراعة الأحادية  monocultures. كما تقول رومَت: ” إن استقلالية الطاقة ، والاكتفاء الذاتي من الغذاء ، والموسمية والبيولوجية بعيدة كل البعد عن أن تكون مضمونة ، لكنها ” تبقى هدفًا restent une finalité “. ” وأخيراً ، تحدثت بعض النساء عن بيع الملابس وصنع الجبن والخبز والتربية. حيث كل واحدة منهن لديها مهارات خاصة يمكنهن وضعها في خدمة المجتمع. ” 
إن كل امرأة لديها مهارات خاصة يمكنها أن تضعها في خدمة المجتمع.
الأعضاء الخمسة في اللجنة التوجيهية فقط يعشن هنا في الوقت الحالي. “تأتي الأخريات إلى العمل أثناء النهار ويعدنَ إلى المنزل ليلاً حتى يتم الانتهاء من منزلهن. ويجب الانتهاء من بناء المنازل الأولى في الربيع. وفي نهاية العمل ، الذي بدأ في نيسان 2017 والذي يستمر لمدة عامين ، “سنقوم بتشييد مدرسة ، ومركز صحي متعدد التخصصات interdisciplinaire  يدمج الطب الطبيعي ، وهو مركز متعلق بالفنون والثقافة. ”
 
 “بدء التغيير Initier un changement
على مبعدة ، رجلان يهدّمان الجدران الطينية murs d’argile  . تقول رومَت: ” ليس هدفنا رفض الرجل بل السماح للمرأة بالتحرر لفترة من الزمن”. حيث يجد الرجال صعوبة في تصور النساء اللائي يعشن فيما بينهم بدونهن. ذلك يتجاوزهم ويخيفهم … إن العديد من الرجال في القرى المحيطة كانوا يسألون أسئلة ويطلبون توضيحات. ولقد أوضحنا لهم ما نقوم به ، ولماذا لم يتمكنوا من العيش هنا مع تذكيرهم بالمكان الذي لا تحسد عليه المرأة في المجتمع. ومع مرور الوقت ، لاحظنا تغييرات في سلوكهم وفي خطابهم. وهكذا تمكنت هذه القرية من الاندماج في وسط الآخرين دون تهميشها sans être mis à l’écart . إننا نشارك الناس من حولنا ونأكل معاً ونحتفل ونناقش. يمكن للجميع المجيء إلى هنا والتبادل. إن هدفنا هو تبادل تجربتنا partager notre expérience  مع بقية المجتمع لبدء التغيير. ”
لا تعني إن استقلالية المرأة في شمال سوريا  لا تعني التخلي عن منظور دولي perspective internationaliste ، كما تقول نساء جينوار. لقد نشأت الحركة النسائية الكردية في المنفى ، وهي التي تروّج qui prône  للحركة النسائية الشاملة والمتعددة القطاعات ، وثمة مراكز تدريب في اللغة الإنجليزية في العديد من العواصم الأوروبية ، بما في ذلك بروكسل ، وكذلك في الولايات المتحدة.
ترجم التقرير عن الفرنسية: ابراهيم محمود، عن موقع
https://www.axellemag.be/femmes-kurdistan
والمنشور في أيار 2018
ويمكن مشاهدة الفيلم الوثائقي “كردستان ، حرب الفتيات Kurdistan, la guerre des filles  ” ، من تأليف ميلين سولوي لأرت ، مارس 2016 ، وهو ضمن التقرير، إلى جانب شهادات من أهل القرية بالصوت والصورة.
تبقى ملاحظة رئيسة، وهي أنني سعيت إلى نقل هذا التقرير من الفرنسية إلى العربية، لأهميته، بغضّ النظر عن مدى التوافق مع محتواه، فهو لا بد أنه أخذ مدى إعلامياً ولدى المعنيين بقضايا من هذا القبيل، وفي الوقت الذي يمكن التركيز على خاصية قرية كهذه، من نواحي شتى، مهما كانت مسوغات نشأتها، حتى لو كانت إيديولوجية تماماً !
  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…