صورة واحدة وألف ألم!

 هدى مرشدي* 
هناك صور يهز الظلم والمظلومية الموجودة فيها آلاف القلوب الإنسانية وتحرك جميع الضمائر.
وهناك مشاهد تبقى خالدة في تاريخ الأمم و ترسم نقش البطلان على تاريخ الظلم والقهر والدمار..
وهناك مشاهد تهمر الدموع السائلة على الخدود أحيانا وتطلق صيحات اللعن والعار على الظالمين.
ايران اليوم تعاني من فيضان السيول المدمرة ومشهد التبلور هو هذه الحقيقة.
قبل عدة أيام ملأت صورة لبنت بريئة وعزلاء في الفضاء الاجتماعي.
لا يوجد اسم لها…
لم نجد رسما أو عنوانا أو علامة لها..
فقد كانت تدلنا على نفسها من خلال مظلوميتها فقط…
دفنت بلباسها المهترئ والمتمزق تحت أطنان الطين والوحل والسيل والمطر.
ووجدت على يد أبناء وطنها الغيورين الذين يعتبرونها كبنت بريئة ونقية لهم وهبوا لإنقاذها.
البنت لم تكن تحرك شفاهها
فهي لم تعد قادرة على الضحك مرة أخرى أو أن تقول لنا أحلامها.
ولكنها من جانب آخر موجودة بشكل أكبر مما مضى.
موجودة لتظهر للظلام أنهم فقدوا رائحة وحس الإنسانية والبشرية.
موجودة لتظهر للشعب الإيراني بأنهم لا يملكون شيئا في هذه البلد سوى الفاقة والفقر والدمار.
وأن ثرواتهم وأملاكهم أنفقها الحكام الظالمون على رغباتهم ومناصبهم الدنيئة.
فقد أظهرت بأبسط شكل وفي نفس الوقت أكثر الصور ألما بجسدها النحيف للجميع علامة عن زهرة آمال آلاف الشبان الإيرانيين…
هؤلاء الذين يقبعون في السجون وينتظرون حبل المشنقة.
هؤلاء الذين يتم جلدهم وتعذيبهم بشكل يومي.
هؤلاء الذين ضربهم الفقر والقلة وينامون في بيوت الكرتون.
هؤلاء الذين تحولت ساعات دقائق عمرهم الثمينة كضحية لجرائم دناءات هذا النظام.
في عام ٢٠١٦ أثناء الحرب الداخلية في سورية انتشرت صورة مؤلمة أجبرت العالم كله على إبداء ردة فعل.
صورة ايلان ذو الثلاث سنوات الذي كان برفقة أخيه وأبيه وأمه من سورية المشتعلة والذي غرق في مياه جزيرة كرس في اليونان وجلبته أحضان الموج لساحل البحر.. تلك الصورة وصفتها صحيفة اللموند الفرنسية بأنها صورة صادمة أيقظت الضمائر. 
ايران اليوم أيضا تظهر بصورة صادمة وصحوة عظيمة بالنسبة لكل مراقب مستقل.
رسالتها هي الثبات والصمود الوطني الذي صمم على المقاومة وعدم الاستسلام.
رسالتها التضامن والتعاون العظيم الذي صممت فيه القلوب وسواعد النساء والرجال الإيرانيين على هدف عظيم.
الهدف العظيم هو إسقاط الدكتاتورية وإحلال الحرية.
بعد كل هذه السيول والفيضانات وبعد فقدان كل تلك الأرواح والأشخاص هذه الحقيقة هي ما تظهر المشهد الإيراني الحالي بشكل شفاف وتبرز بطلان نظام ولاية الفقيه ومشروعية الانتصار والخلاص.
والرسالة الحقيقية هي النوروز والربيع الإيراني.
* كاتبة إيرانية 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…