الكورد بين منطقة آمنة و منطقة قاتلة- ج2

زاكروس عثمان 
هنا يجب الاعتراف ببعض الحقائق القائمة على الارض ليس من باب تفضيل TEV-DEMعلى ENKS او العكس، او المقارنة بينهما، انما الاعتراف بالواقع كما هو موجود وملموس، إذ علينا الانطلاق من هذا الواقع لتحديد خياراتنا الصحيحة لمعالجة القضية الكوردية من القروح  التي اصيبت بها على يد الاحزاب.
حيث سير الاحداث في الـ 8 سنوات الماضية جعل  مصير روزئافايي كوردستان مرتبطا بالـ PYD بغض النظر عن مواقفنا الشخصية فيما اذا كانت سياساته ومواقفه تعجبنا ام لا، وهذا لا يعني تبرير سياساته الخاطئة في جوانب كثيرة. 
ولكن هل ننكر بان الـ PYD  استطاع ان يجعل نفسه لاعبا محوريا على الصعيد العسكري والسياسي، بين قوى الصراع السوري، ما جعل مختلف الاطراف السورية، والاقليمية والدولية المعنية بالأزمة السورية تنظر اليه على انه الحزب الكوردي الوحيد  الذي يمسك بقضية روزئافايي كوردستان، اما رصيد التنظيمات الكوردية الاخرى على الصعيد العسكري فهو ما دون الصفر، وعلى الصعيد السياسي يكاد لا يكون لها وزن او قيمة او احترام، فيما اكتسب الـ PYD دعم وثقة واحترام الدول الكبرى، ليس لجهده العسكري الفاعل فحسب بل كذلك لانه ايضا تجنب التحالف مع المعارضات السورية التي تلاحقها شبهة الارهاب، بعكس  ENKS الذي فَقَدَ مصداقيته لدى الاطراف الدولية كذلك لدى الوسط الكوردي، بإعلانه التبعية لتركيا الداعم الاول للارهاب وتحالفه مع الائتلاف السوري الذي يمثل الواجهة السياسية للتنظيمات الارهابية في سوريا كالـ (الفصائل المحتلة لعفرين، الاخوان المسلمين، جبهة النصرة، وتنظيم داعش)، من جانب اخر علاقة ENKS بالائتلاف ليست علاقة ندية بل هي تبعية مخجلة، وكلما يمضي الزمن يزداد ENKS انبطاحا امام الائتلاف، حيث اختفت مؤخرا من تصريحات مسؤوليه وادبيات احزابه المطلب الاساسي الذي كان يطالب به هو (الفيدرالية)، وانقلب هذا المطلب من هدف وبرنامج الى شعار باهت يردده بخوف وحذر مسؤولي ENKS في الغرف المغلقة حتى لا يسمعهم الاتراك والائتلافيون، كذلك الامر بالنسبة لمصطلح كوردستان سوريا اخذ يختفي من خطاب ENKS، اما بالنسبة لمشروعه حول حل القضية الكوردية، فقد تهرب من المسألة بترحيل الملف الى ما بعد التسوية السورية، والادهى من ذلك انه بعد الحل السوري، ترك الملف الكوردي لمشيئة الشعب السوري، ما معناه ان عرب سوريا هم الذين سوف يقررون مصير الكورد، وهذه سابقة لا مثيل لها في التاريخ، ولكنها قبل ذلك خدعة كبيرة، فهل نتوقع ان عرب سوريا؟ سوف يعطفون على الكورد بمطلب الفيدرالية او حكم ذاتي او حتى بحق الوجود، ونحن نجد الاغلبية المطلقة في المعارضات، اضافة الى الاغلبية الشعبية، يعتبرون الكورد غرباء قدموا من منغوليا.
 اريد ان اسأل مسؤولي ENKS هل تتوقعون الفيدرالية من هيثم المالح مثلا، بناء عليه هؤلاء غير مؤهلين لمسك ملف روزئافايي كوردستان كونهم باتوا اسرى التزامات سرية تجاه التركي والائتلافي، ولن يكون بمقدورهم التخلص منها خشية اقدام انقرة على فضحهم بها، ولا ادل على ذلك امتناعهم عن توصيف الوجود العسكري التركي في عفرين بالاحتلال، وهذا ابسط مثال، ومن يخاف من تسمية الاشياء بأسمائها الحقيقية لا يستحق ان يحمل مسؤولية مصير شعب، انطلاقا من هذه الوقائع يمتلك الـ PYD اوراق قوية وفاعلة تؤهله ان يكون طرفا كورديا يقف موقف الند من النظام السوري وكذلك من المعارضات السورية، فيما لو تمت حوارات لتسوية الازمة السورية وبالتالي ايجاد حل للملف الكوردي، مقابل ذلك ماذا يملك ENKS  من اوراق سوى كيان سياسي يعاني موت سريري، ولولا انه يعيش في غرفة الانعاش التركية، مع مسكنات يتلقاها من اطراف كوردستانية لانتهى منذ مدة طويلة، فهل يستطيع المشلول خوض منازلة سياسية او معركة قتالية، ضد خصم متخم بمزيج من سموم عنصرية- سلفية، على اية ارواق سوف يساوم ENKS  خصوم الكورد، هل على ثاني قوة عسكرية في سوريا يمتلكها، ام على 30% من مساحة سوريا تحت سيطرته، ام على علاقاته الاستراتيجية مع واشنطن.  
يتبع

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…