ألسنة نيران الحرب وسقوط  الوجوه المستعارة..!

إبراهيم اليوسف
 
إن تحول الثورة في وجه الاستبداد، إلى حرب، بل حرب مفتوحة، ليدل على أن المستبد لايرى في المهمة التي أسندت إليه، إلا ميراثاً لايمكن له أن يتصور ذاته، وقد تخلى عنه، مهما ترتب على ذلك من أكلاف، سواء من قبل من تطوعوا للدفاع عنه، أوعن مصالحهم المتصورة، أو الواقعية، أو هؤلاء الذين زُجّ بهم لأداء هذه المهمة، بالرغم عن إرادتهم، لأسباب خارج أيديهم، أوحتى هؤلاء الذين لم يتمكنوا من التحررمن الثقافة التضليلية التي صنعت كائناً يظن أن لا وطن دون رأس النظام، أو رمزه الأول، وهي ثقافة اشترك في صناعتها، وتكريسها، حتى بعض من انقلبوا على ذواتهم، وشرور صنائعهم، وباتوا في المركبة الأخرى المناهضة للمركبة التي ساهموا في صناعتها، طوعاً، أو كراهية، وهو مايحتاج إلى استقراء الظاهرة، لاسيما لدى هؤلاء الذين أعلنوا خروجهم عن عصا طاعة السلطة، إذ من بينهم من كان في انتظار هذه الفرصة، ومنهم من راح يتصرف مدفوعاً ببوصلة منفعته، وتكسبه التي بينت له أن خياره السابق قد استنفد، وماعليه إلا اتباع ذبذباتها المستجدة، من أجل ديمومة تكسبه، وتمايزه؟!
وإذا كان تاريخ المكان السوري، يشيرإلى أنه لم تتم فيه أية مواجهات دامية، منذ تشكيل خريطته الجديدة، وفق تفاهمات، أو خطط ومصالح دولية، بين السلطة الحاكمة، أو النظام، لأن كلا المصطلحين قد تطابقا في زمن قبضة الحديد والنار، في الدولة الأمنية، الدكتاتورية، فإن سنوات الثورة/ الحرب قد قدمت كائن المكان، على نحو مختلف، سواء أكان مواطناً بسيطاً مهمشاً، أو فاعلاً ذا حضور، أو كان من عداد الأنتلجسنسيا، إذ صرنا أمام شخصيات مركبة، لأعداد جد كبيرة من بيننا، حتى من العوام، وهوما تبين بعد أن تحوَّل ذلك الفرد البسيط الوديع الذي لايفكرإلا بقوت ودواء ومسكن وملبس أسرته، يستحصل ثمنه بصعوبة بالغة، وهويكاد لايفكرحتى بإيذاء نملة، كما يقول المثل الشعبي، إلى بلطجي، سارق، قاتل، متنكر لما يربطه بأقرب من هم في محيطه، ولنكون أمام تصنيفات جديدة للناس، ليس على صعيد انهيار الطبقات، وتداخلاتها، وتبدلاتها، فحسب، وإنما على الصعيد الأخلاقي، الرؤيوي.
صحيح، أن هناك من أعلن منذ بداية الثورة أنه ضد أسلمتها، وتسليحها، إلا أن ذلك كله لم يكن في بدايات الثورة، وكان مجرد تهمة استباقية، وما كان ليتم لو أن رأس السلطة- وهو رأس النظام السياسي- قبل بالانتقال السياسي، على نحو سلس إلى أيد” آمنة”، وتحت رعايته، بالرغم من أن مطالب مشعلي شرارة الثورة في المكان، ماكانت لتتعدى بعض الإصلاحات السياسية، ومن ثم الإصلاحات الشاملة، بعد استشراس النظام، وتماديه في لعبة الدم، قبل أن يتم التركيز على شعارإسقاطه، وهوشعارفرضه النظام ذاته حين واجه سلمية الثورة بالعنف، والورد بالقذيفة، حالماً أن يكبح جماحها، منطلقاً من صدمته بكائن المكان الذي كانت تقدم له صورته، في وسائل الإعلام، بأنه يرى فيه أنموذج الإله الصغير، في أقل تقدير، وهي صورته هو التي ساهم في صناعتها جميعهم: المواطن المصفق، والمعلم الببغاوي، والموظف الممالق، والمثقف المراوغ،  والمقاتل المأجور، والناسوتي المذعن في مركزه الديني، أية كان قبلته ووجهته من دون أن يظل أحد خارج هذه المعادلة، إلى الدرجة التي تم إبداع عبارة: المعارضة الوطنية، مقابل المعارضة اللاوطنية!!،  لتكون هناك، وفق هذا التصنيف، معارضتان، إحداهما مغلوبة على أمرها، منخعة، مطالبة بإصلاحات لن تتم، وهي محاربة من قبل النظام، ومخونة، ومضطهدة، والأخرى لاوطنية لأنها في الخارج، أو لها علاقات مع الخارج، وهي مطلوبة الرأس، ليست إلا دمى تتحرك وفق إملاءات، وإيماءات، وإشارات: الإمبريالية والصهيونية العالمية، وغيرذلك من أكاذيب دحضتها سنوات الثورة والحرب، لتؤكد أن لا احد ربيب هذا البعبع، المهول، المخوف منه، والمخون لكل من تواطأ معه- وكل هذا  من سيل اتهامات افتراضية، تمت صناعتها، من قبل دوائر متربصة، كانت مسلطة على رقاب الناس، وأدت إلى تشويه أفكارهم، وسلوكياتهم..!
ولئلا نصادر رؤى من  لم يتخذوا موقفاً إيجابياً من الثورة، فإنه يمكن تقبل ما نظَّروا له، إذا كان ذلك نتيجة رؤية شاملة لمشهد مجريات مكانهم، وأن يكونوا قد قوموا آلة الاستبداد، وطالبوا بتغييرها، أياً كان شكل هذا التغيير، في الوقت نفسه الذي نقدوا فيه خطاب الثورة، بل وقاموا بتعريته، وفضحه، لا أن يصرفوا نقدهم العميق عمن هم في سدة السلطة،  ليركزوا خلاله عمن هم ضحايا- على الأخطاء التي وقعوا فيها بالرغم عنهم- لأننا نكون، هنا، إذاً أمام تواطؤ بين، مع رأس النظام، حتى وإن كان صاحب هذا الموقف ممن نقدوه قبل ذلك، وعانوا من سجونه، وضحوا في سبيل رؤاهم، إذ لايستقيم فهم حالة  من كان من ضحايا النظام، على امتداد عقود، إلا أنه قد تحول عل حين غرة، إلى واعظ له، بلغة مختلفة عن لغته السابقة، بعد أن تمادى أكثرفي غيِّه، ودمويته، واستبداده، أما أن يخاطب طرف الثورة بلغة بالغة النقد، وحتى التخوين، مقابل تراجعه عن مواجهة مستبده باللغة المطلوبة، فإن في ذلك مايدعو إلى طرح الأسئلة، والتشكيك بصوابية موقفه، أو مصداقيته الشخصية، وهو مايسجل عليه، إن كان صوتاً يمتلك مقومات تأثيره، وإرثه المعرفي، أو حتى النضالي!
ومادام كل مراهن على الثورة السورية، قد رأى في المثقف الذي أعلن انحيازه إليها من عداد طليعتها، إلا أنه ظل مصادر القرار، ماخلا ذلك الذي قبل بتبعية من لم يكن ليصلح في الحياة العادية حتى لفهم  وتمثل مجرد مقولة من طروحاته النظرية، بل ولم يكن ليعرف عنه سوى اسمه المكرَّس- وهكذا هو واقع من تحكموا في قيادة دفة واجهات الثورة- ماخلا حالات قليلة، تم تقديمها إما بروتوكولياً، أو كحالة جسرية، لامتجسرة، أو لإذعانهم أمام بريق المال السياسي، شأن ذلك الذي كان يناشد، وهو في إحدى العواصم العربية: ليس في جيبي ما يكفي لسداد وجبة طعام، أو ركوب سيارة أجرة، إلا أنه استطاع بعد تحوله لمبوق لأحد الأميين، مدعياً أن له تأريخاً نضالياً، ليتراجع عن شهادته فيما بعد، وليكف بعدئذ عن مثل هذه الشكاوى، وهو واحد من كثر. ولو أجرينا، الآن، استبياناً، عن أعداد المثقفين الحقيقيين في مثل هذه الواجهات لرأينا أنهم لايتجاوزون أصابع اليد، من جملة ألوف المنتفعين من الثورة، ومن بينهم من وضع حداً للمهزلة التي وجد نفسه فيها، ومنهم من أقصي، أواتخذ موقفه كردة فعل على تهميشه!
وإذا طرحنا سؤالاً جوهرياً، ألا وهو: ترى، كم هم هؤلاء المثقفون الذين ظهروا، أو أظهروا خلال الثورة، وحافظوا على نقاء أصواتهم الذي عرفوا به، طوال سير حيواتهم السابقة على الثورة؟. إن الجواب هنا، ليغدو جد محيِّر، لأن كثيرين ممن صمدوا في مواجهة النظام، لم يصمدوا أمام إغراءات الجهات الممولة لهم، إذ غدا اللاجىء إلى هذا البلد الإقليمي يردد ببغاوياً ما يفرض عليه من قبل الجهة المضيفة، أو الممولة- وهي من أوائل البلدان التي أجهضت الثورة وقادتها  اعتماداً على مرتزقة: حملة بندقية أو قلم أو أختام- بعد أن قاوم أجهزة أمن بلده، فغدا فريسة أجهزة أمن أخرى، وهوما ينطبق على حال اللاجئين إلى أكثرمن بلد خليجي، أو عربي، وما موقف بعضهم من شركاء المكان: الكرد، إلا صورة طبق الأصل عما طلب منهم في دوائر تركيا، على سبيل المثال، إذ يستثني من أخطوطة قناعاته أحد الذين ضحوا إلى جانبه، واقفاً إلى جانب من علق رؤوس نخبة أجداده على أعواد المشانق، على حساب من ساهم معه في تكريس حضوره التاريخي، في وجه سياسات المحو.
إذ يعود مثل هذا المثقف: قوموياً كان، أو إسلاموياً، أوليبرالياً، أويسارياً صرفاً، لافرق- وأنا أتحدث هنا عن النماذج السلبية فحسب لأنه ما أكثرالنماذج الإيجابية في كل شريحة- إلى حظيرة ثقافة النظام التي حاول الافتراق عنها، وليبزَّه في بعض الأحيان مثقف النظام السوري نفسه، في موقفه من شريك المكان، مع وجود فارق وحيد وهوأن مثقف النظام ينطلق من رؤى ذات غطاء وطني مزعوم ومزور، بينما هو ينطلق من رؤى من يحتل أرض بلده، أو يمول قاتل ذويه، بل ومن دون أن يكترث بمن وقف إلى جانبه في سنوات الثورة، بل من سبقه إليها في ذلك..!
وليت الأمر قد توقف عند هذا الحد، في تبعية مثقف الثورة لسياسيها، المموَّل، المموِّل، إذ إنه لم ينظرإليه على أنه شريكه في صناعة القرار، لأن لاقرار لهذا الأخيرذاته، إذ إننا لم نر طوال فترة الثورة استعانة السياسي بالثقافي، كند، بل كصانع للرؤى، الاستراتيجية، كما هومطلوب منه، باعتبار أن دوره لايتجاوز حدود التكتيكات، والمماحكات، بل إن لا قرار كاملاً لأي صانع قرار ما لم يستمع إلى شرائح المعنيين، وطبقاتهم، بمؤازرة المفكر، أو الباحث، والخبير في هذا الشأن أو ذاك، من المثقفين، حتى ولوكان هذا السياسي مرتدياً بذلة مفكر، مدموغة بعلامة أوربية أو محلية، أو حتى ممن يرتدي بذلة مستعملة من قبله، أو من قبل سواه، شأن سياسي/ مثقف، منقطع عن الحقل الثقافي، لسبب يتعلق بطبيعة موهبته، أو منابعها، أو إمكاناته، أو حتى ظروفه، لافرق!.
لم يكن  المثقف، في يوم ما، موئل الثقة بذاته، كما أنه لم يكن موئل ثقة أولي الأمربه، سواء أكان عضواً في حزب سياسي معارض، أو كان سلطوياً، ناهيك عمن هومستبعد، في الأصل، مهمش، بسبب استقلاليته، إذ إنه تعددت أسباب الإقصاء، والنتيجة واحدة، ما أدى إلى اعتباره معطوباً، لاسيما  بعد شيوع اكتراء أوساط واسعة من المثقفين أصواتهم، وذممهم لأصحاب القرار، وإلا فإن السجن هومصير من يواجه النظام، أو سيكون مآله التخوين إذا كان منخرطاً في حزب معارض، أو نصف معارض، ومن دون أن ينجو المستقل من فخاخ سلطتي الطرفين: السجن، و التخوين، وإن كان مثقف السلطة و مثقف الحزب المعارض  أو المثقف المستقل، ليسوا في منجى من العقابين، في آن واحد، أنى تجاوزوا الخطوط الحمراء المرسومة في وجه أي من ذوي البصيرة والبصر!
ثمة انزياحات كبرى طرأت على خريطة الطريق الثقافي، الذي لطالما تم تناسيه، في غمرة البحث عن خرائط طريق عسكرية، سياسية، إذ بات الإسلامي يؤم العلماني، والملحد، ومن هو غيرمنتم إلى دينه، ولم يعد هناك أي حرج لدى ذلك البهلوان اللاعب على الحبال عندما يواجهه أحدهم بحقيقته، ولو عبر وسائل الإعلام، والتواصل الجماهيري المباشر، لطالما هوقادرعلى فلسفة سقوطه وضدها، للنوسان بينهما، وخارجهما، وفي هذا مايدعو للإعلان أننا أمام حالة حضيضية، مستنقعية، لابد من فضحها!
ولابد، أمام كل هذا أن نعلم من أن جبهة مثقفي السلطة، منظري القتل، على تعدد تلويناتهم، وفلسفاتهم، بدت متماسكة أكثر، وهم داخل البلاد، نتيجة الخوف من سيف المسلط على رؤوسهم، كما أنهم بدوا كذلك، وهم خارج البلاد، بينما تفككت جبهة مثقفي المعارضة، وبات سقوط بعضهم يكاد يضعه في جبهة السلطة ذاتها، وفي هذا كله ما يقودنا إلى التأكيد بأن واجهات المعارضة، الفاسدة، أو المفسدة، لابد من تغييرها، وتقديم أصحاب الأيدي النظيفة بدلاً عنهم، بعيداً عن سطوة أي طرف ممول، لقاء فرض الأجندات، وضروة الاعتماد على من تبقي من المثقفين أصحاب الأصوات النظيفة الذين لم تتلوث أياديهم بالمال، ولم يفقدوا يوصلاتهم، وبقيوا أوفياء لنداء الثورة السلمية التي نادت بإسقاط النظام، بعيداً عن خدمة كل الأجندات المتضادة!
هناك الآلاف من المقنعين، من المثقفين، قد سقطوا في معمعة هذه الحرب، بعد أن حدث لهم ماحدث لمؤجرالبندقية الذي تم تمويله إلى حين، وهويؤدي بعض المهمات الموكلة إليه، ليتم قطع مصدر رزقه، وتشتيته، وهرولته من مول إلى ممول، لافرق حتى إن كانت محطته الأخيرة”تنظيم داعش” الإرهابي، وهوماتم مع أعداد من المثقفين الذين أذعنوا ومرروا ما أملي عليهم إلى حين، كي يهددوا بقطع سبل التمويل عنهم، ليقبلوا بالمزيد من السقوط والإذعان، ولينشروا مثل هذه الإملاءات التي يتلقفها بعض المقتدين بهم، حتى وهم في الحضن الأوربي، تحت شعارات براقة، أو تحذيرات مخاطر مزعومة، بعيد إشعال نوستالجيا غيبوية،  أوعرقية، أو المزج بينهما، ما يعزز تفكيك جبهة المعارضة، وتقوية جبهة الموالاة التي أدت إلى طمأنة النظام، وتقديم نفسه كمنتصر، يضع شروط مفاوضاته وهو الذي سقط، في الأصل، مع أول نداءات ثورة الحرية في البلاد..!
أجل، لافرق بين تقويم  مصيري وواقعي مؤجربندقية أو قلم أو خاتم وهمي إلى أية جهة راديكالية، أو سواها، ولعله من المفارقة الساذجة، بل الغبية أن السياسي أو الثقافي اللذين ناصرا- جبهة النصرة- أو شبيهاتها، وأخواتها، يقدمان كعفيفين، طاهرين، معتبرين، في نظر الأغيار، وفق المعاييرالمتحكمة، بيد أن من تم دفعه من قبلهما إلى أحضان هذه الجهة  أوتلك من شبيهاتها وأخواتها، يتفق على أنه محض قاتل، فحسب؟!
بل وماذا عن ذلك المتشفي بمايقوم به داعش، أو الداعم له- ضمناً وخطاباً- مثقفياً أو سياسياً؟. لافرق، في تقويم الثلاثة من خلال وجهة نظرنا، إذ كلهم متساوون: السياسي، والمثقف، والقاتل، ولا شفاعة لأحد، ولا مطهر لأحد من نجاسة سلوكه، من خلال نضالات ماضيه، أو تبجحات حاضره الاستعراضية، ولو كانت عبر إدعاء مناوأة طاغية، ونظام مجرم..!؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…