إبراهيم اليوسف
هكذا، صُنع إعلام المقاومة الكردي
نعيش، في هذه الأيام، الذكرى العاشرة، لانتفاضة الثاني عشرمن آذار2004*، التي تناولناها، في العشرات من المقالات، وربما آلاف الأخبار، حول تفاصيل يومياتها، في مسارحها المتعددة، في سوريا، مدنياً، وعسكرياً، حيث ثمة تفاصيل في كلتا الحالتين، عن تلك الأيام الرهيبة، وماتلتها، من أيام مشابهة، تصاعد خلالها الخط البياني، لمأساة أبناء شعبنا، كي ترتفع بذلك، مآسي السوريين، برمتهم، لاسيما بعيد انطلاقة الثورة السورية التي تدخل- في هذه الأيام- هي الأخرى، في عامها الرابع. وثمة الكثيرمن التفاصيل من يوميات هذه الانتفاضة، لماتدون بعد، لأننا-كمدونين لها- وجدنا في رصد الجرائم المفتوحة، على شعبنا، ماهو أهم منها، وإن كانت تتعلق بأدواركثيرين، أدوا بطولات خارقة، منهم من هو لايزال مجهولاً- لاعتبارات يعرفها كلنا- ومنهم من بات معروفاً ماقام به، وإن ضمن دائرة لاتليق بمستوى ماقام به.
قبل كل شيء، أؤكد، أن كل كردي، في الفضاء الآذاري، كان غيرراض عمايقوم به النظام السوري- وهنا أتحدث عن شعب مملين- إلا من هومباع، وفق عقد علني، أوسري، وكنا نجد بعض هاتيك النماذج التي كانت تنشر- بيننا- أقوال النظام، وينطلق من نهايات الانتفاضة، ومن غضبة شبابنا، عبرعملية”جلد الذات”، رغم انسلاخ مثل هذه الذوات عن محيطها، وقدصادفت-شخصياً- أكثرمن أنموذج مشابه، لكنه، كان من الندرة، بأنه لن يشكل إلا العشرات-ربما- في أبعد تقدير، من الملايين الساخطة، على ماتم، وهورقم ضئيل، في معيارالصفرالمليمتري، ماكنت لأذكره، لولا أني عارف، أن هناك من ضمن، مثل هذا الرقم، من كانوا قد آذوا سواهم، في أمثلة معروفة، ربما تحدثنا عنها، بعد سقوط البعد الزمني، عبرالتقادم، لاسيما أن هناك المجال، أمام مثل هذا الصنف، لإصلاح ذاته، وإن كان بعضه، قد تهتك- أكثر- في حرم السنوات العشر، وكان تهتكها، أشدَّ، على امتداد زمن الثورة السورية، وعلى نحوأعم.
الجوانب المضيئة، من بطولات شبابنا، لاسيما تلك التي تمت- ميدانياً- دونها كثيرون، بيد أن هناك آلاف المواقف العظيمة، غيرالمدونة، سواء تلك التي كانت في فترات الاعتقال- وقد تناولنا شذرات عابرة من بعضها- في ضوء المعلن، بيدأنها، كمن يقوم باقتناص موجة، في بحر، أوقطرفي هطل، أونهرأونبع. ولعل ما أستطيع التوقف عنده-هنا- هوالعمل التوثيقي الذي تم على امتدادسنوات، حيث أعرف أكثرها، ومن بينها بعض المحطات التالية، لمجريات “ملعب قامشلو”، كاستشهاد الشيخ معشوق، وحدث يوم2-11-2007، و20 آذار2008، أنني لم أعلن عنها، على امتداد عشرة أعوام، بل بقيت أسماء أبطالها، طي الكتمان، وسأحاول التركيزعليها.
ثمة مجموعة من شبابنا، و كانت مؤلفة من” منذرأوسكان- سعود محمد- مسعودبريك- فائق يوسف”…،أوصلت إلى بيتنا، شريط “فيديومصور” تضمن اعتداء بعض جمهور فريق الفتوة على جمهورنادي الجهاد،و لقطة إطلاق النارضمن الملعب، ورفع صورة” صدام حسين”..وغيرها، من اللقطات التي كانت أكبررد، على أبواق النظام الذين راحوا يتحدثون عن مخطط كردي إسرائيلي، وعلم أمريكي رفعه الكرد، وغيرذلك من التخرصات القذرة، وكان أمامنا تحد كبير، لأننا استطعنا تعيميم بعض الصورعلى المواقع الكردية التي” كانت موجودة آنذاك وأتحدت منذ الليلة الأولى وكان يعمل فيها كل قادوشيرين وفرهاد أحمي وسيروان حج بركو”،وربما آخرون، لاأتذكر، الآن، فعذراً منهم، وسأثبت أسماءهم، إذا عرفتها، فيما بعد.
منذالساعات الأولى، كان تواصل فضائية”روج” معنا، من خلال كل من الأخوة:نواف خليل، وأجدرشيخو، وبنيادجزيري، بشكل خاص، وأتذكرأنه بعد تغطية”صوت أمريكا” عن طريق الصديق دخيل شمو، الذي اتصل، ولاتزال وقائع الملعب جارية، وبعد ربع ساعة-ربما- من اشتعالها، ليكون الاتصال الثاني من القسم الكردي، حيث كان الأخ أجدر مذيع البرنامج، فأعطيته، مالدي من أخبار، أولى، وأظل على تواصل معه، وحددلي موعد النشرة العربية، التي اشترك بها الأخ مسعود عكو-بسبب عدم وجود تغطية للخط التركي الذي كان معي وأناقرب الملعب- وقد حصلت روج على رقم هاتفه عن طريق الأخ فرهاد أحمي. أتذكر، أنني كنت في سيارة ابن عم لي، وللمصادفة كانت نمرتها” ديرالزور”، ولولا وجودي داخلها،لتأذت وسائقها، في غمرة الغضب الذي تم، وليتحدث في الليلة نفسها الأستاذ فؤادعليكو، وأظل على تواصل مع هذه الفضائية، التي كانت الوحيدة التي تابعت يوميات الانتفاضة.
المشكلة التي برزت-فجأة- هي حاجة الأخبارالتي نقلناها، إلى الصورالتوثيقية-والتصويركان موجوداً- رغم أنه لم تكن لدينا حتى تلك اللحظة”كاميرا” إلى أن أن حاولت فضائية روج التي استقبلتني ومشعل –بحفاوة- بعد أن أتينا إلى باريس بعيد الانتفاضة، تقديم مبلغ من النقود، وكان مئة دولار، رفضته، بيد أن الأخ نواف خليل سلمه للشاعرمروان علي، الذي اشترى بها كاميرا”دي جيتال” لاتزال عندنا، وقال: إنها هدية لفائق، وموقع” كسكسور” الإخباري، وكان مروان قد سدد جزءاً من ثمنها من جيبه، كما توقعت.
وقد وصلتنا الصور، في الساعات الأولى من اليوم الأول، الذي تحول البيت- بشكل طبيعي- إلى غرفة عمليات، كما سمي من قبل” مجموع الأحزاب الكردية الذين شكرونا، بعد “حلحلة” الأمور، وإطلاق المعتقلين، بعد حوالي سنة، من اعتقالهم- وهي عشية اختطاف، ومن ثم اغتيال الشيخ معشوق، بعدأن بدأ منذ أشهر، وهويعمل بوتيرة عالية. المشكلة، كانت في الإنترنت. أسرة فضائية روج، وسيروان، كل من جهة، كانوا يريدون مقاطع الفيديو، ولم نكن نستطيع إرسال المقاطع، بسبب بطء الإنترنت .
بعد مجريات الملعب، مباشرة، أرسل فائق اللقطات الأولى إلى الجهتين: روج، وسيروان، ولكن، إلحاح شباب الخارج، كان،على الشكل التالي: نريد الوثائق، نريد الصور، نريد مقاطع الفيديو، أتذكر، كانت كلمة مرورموقع”عامودا نت” عند فائق، كما أنه كان لروج موقع إلكتروني، وقدأعطت أسرته كلمة مروره لفائق، نشر خلالها بعض الصور، وكان التحميل جد بطيء.الحاجة باتت كبيرة، كلهم يطلب الصور، وكانت مشكلة الإنترنت موجودة، وماقمنا به، هوأن أحد الشباب الذين كانوا يترددون على بيتنا، اسمه”دلكش”-وهومقيم في ألمانيا الآن- طرح فكرة أن يذهب هووأولادي، إلى بوابة الحدود السورية-التركية، وأن يعطوا ال”سي دي” لأحد العابرين، وكان عارفاً بعوالم الحدود. وافقت على الفكرة، وخططت لهؤلاء الشباب، وكانوا ثلاثة، ولداي: كرم وفائق، وصديق الأسرة، صاحب الفكرة، أعطيتهما خطاً هاتفياً تركياً، وكانت الخطوط التركية، قدغدت ممنوعة، فجأة، وتم اعتقال بعض من ضبطت معهم. ذهبت وقتها إلى بيت الكاتب محمد سيدحسين، وكان هناك كل من إبراهيم محمود، وحواس محمود، وتم الحوار، حول التغطية الإعلامية التلفزيونية للانتفاضة، وغيرذلك، كنت وكأني على نار، أهتف للشباب، غيرأن الخط الهاتفي انقطع، جاء سيامند ميرزو، ليأخذني من هناك إلى بيته، حيث كان والده قد جاء من عامودا، وكنت مدعواً للغداء في بيتهم، أحاول الاتصال، والهاتف لايرد، أتصل بالبيت، ببيت الشاب، لأعلم أنهم لم يعودوا، كنت خجلاً جداً، ليس بسبب أولادي، بل بسبب الشباب، أخشى عليه، من الاعتقال، بعد قليل، رن هاتف بيت سيامند، كي أعلم، أنهم نجحوا في مهمتهم، ليرووا لي التفاصيل المذهلة.
كيفية نجاحهم في المهمة، أنه في اليوم-الثالث أو الرابع- من الانتفاضة، قامت السلطات بفتح بوابة الحدود، التي أغلقتها، وكان هناك المئات من الناس، على طرفي الحدود، فقد استطاع الشباب من الوصول إلى المدخل الحدودي الرسمي الذي لم يكن يبتعد عن بيتنا غيرمئات الأمتار، وكأنهم-سيودعون أقرباء لهم- ووجدوا هناك امرأة عجوزاً، قالوا لها: إليك شريط بافي طيار، سيستلمه منك- في الطرف الآخر أحدهم باسم فلان وكانت تعرف ولديَّ- وفعلاً، فإن هذه العجوز، حملت ذلك ال سي دي المغلف، بيدها، وعليه من طرفيه” صوربافي طيار” الذي كان قداشتهرفي تلك، الأيام، بشكل لافت، ولايزال، وتكللت تلك المغامرة بالنجاح.
.
أجل، في الطرف الآخر، من الحدود، كان د. محمد محمود-وهومن كان يكتب باسم بافي رامان، وهوفي انتظارال”سي دي” على أحر من جمر، وقد رد علي، هاتفياً، مؤكداً استلامه نسختين من قرص السي دي”، ألححت عليه، أن يرسل نسخة من الفيديوالمصور، إلى”روج” والآخر” إلى ك. ت . ف”، وأن يستنسخ لسيروان نسخة خاصة، لأنه هوالآخركان يتابعنا بإلحاح، ومن عداد أسرة المواقع الكردية المؤتلفة، أوالمتحدة، وكانت “ك. ت. ف” قدأجرت أول اتصال هاتفي معي، في الليلة التي سبقتها، عن طريق مذيعها هفال الذي كاتبته، قائلاً: أنتم، نقلتم الخبرعن وكالة الأنباء الفرنسية التي اتصلت بي، عن طريق فتاة كلفها الفنان بشارالعيسى، وبثثتم الخبرأن صحفياً من قامشلي حدثها ببعض التفاصيل،وقلت: ذلك الصحفي، هوأنا، فاتصلت بي مرات عدة، ومن بينها مرتين، في إحداهما، قال لي المذيع: أنتم أحرقتم مؤسسات الدولة، فقلت كلمتي وهي التي رددت كثيراً: لقد تأكد في تربسبي، أن هناك من غيرالكرد، أحرقوا المؤسسات، وهكذا في الأعلاف، للتأليب على الكرد، ومع هذا، فإن كل مؤسسات العالم، لاتعادل قطرة دم من شاب كردي.
في الليلة، ذاتها، تم بثُّ المقاطع الملتقطة، وأعتقدأنه كان قد تم جمعها، من أكثرمن مصدر، بعد أن جاءنا نصرالدين أحمي وحسن خانيسوري- و كان نصر ينسق مع كل من سعود ومسعود ومنذر وفائق، كما أكد لي، قبل أيام، وأتذكرأنه نقل ذلك الجزء من الشريط-ربما أتى به من بيت منذر أوسكان أوغيره- وكان الطريق بين الحي الغربي، وقدوربك، يعني: الموت، أو الاعتقال، لذلك فقد كان كل منهما يسيرعلى أحد طرفي الشارع، ومعه نسخة من الشريط، تحسباً، لأي اعتقال، كي تصل نسخة التصويرإلينا.
الكاميراالتي التقطت تلك الصور، كانت ل”سعود” كما أكدلي ذلك، قبل أشهر، حين التقيته في هولير، حيث يعيش هناك، ولم يعرف أحد- حتى الآن- بكل ذلك، وإن كان هناك من يعرف أن الصوروالفيديوهات سربت عن طريق بيتنا. وأكد سعودأنه لايزال يحتفظ في هولير، بتلك”الكاميرالتي التقط بها الصور،دون أن يزيلها، وكان بباله أن تقدم ذات يوم إلى المحكمة الدولية، كوثيقة عن انتهاكات النظام السوري لحقوق الإنسان، بل ضلوعه في الجريمة المنظمة.
بعد مرورأيام عديدة، من بثّ شريط الفيديو، جاءنا وفد من إعلاميي ب. ي. د الذي كان قد تشكل قبل عام، وطلبوا الاستعانة ب”فائق”، من أجل قضايا إلكترونية، وطلبوا نسخة من شريط الفيديو، أمناه لهم، وكانت وجهتهم إلى إقليم كردستان، كما أن عارف زيرفان، وصل إلى قامشلو، في تلك الأيام، ونزل في بيت حميه الذي بدا مرتعباً، وطلب منا نسخة من الشريط فأعطيناه إياها، وكان خلال هذه الفترة، بعض إعلامييي ب ي د-القادمين من لبنان- ينزلون في بيتنا، عن طريق بعض من رفاقهم الذين أعرفهم”ك- و- ع”، واستمروا هكذا لمدة طويلة، وأتذكرأن الأخ نواف خليل كتب عن دورأسرتنا في تلك الفترة، على بروفايله الشخصي.
فضائية”روج” دأبت على الاتصال بي، طوال فترة الحدث، بل ولمدة سنوات، لاسيما أثناء اختطاف الشيخ الشهيد معشوق، وأتذكر أني أمنت أكثرمن لقاء تلفزيوني-وإن بعد أيام لكل من الصديقين الشهيد مشعل وإبراهيم محمود، بعد مرورأيام على الحدث، وكان الشهيدمشعل الذي اتصلت به فضائية العربية، في يوم تشييع شهداء الثاني عشرمن آذار، واستشهاد عدد آخرمن شبابنا، قد ذكرعبارة” المجرم سليم كبول” أي محافظ الحسكة الذي أمربإطلاق النارعلى الشباب الكرد، كما أكد أكثر من شخص من حوله ومنهم الكاتب الآثوري سليمان يوسف.
ثمة أنباء، كانت تتوارد، أن هناك صورة ملتقطة ل”سليم كبول” وهويطلق النار، وحدث أنه، عندما كنا نعد الأخبار، في الليلة الأولى، ثمة من جاء أنه رأى بعينيه، ذلك، وأن الصورة عند صديق له، كنت أحاول الكتابة بمهنية، فأنا أعرف أن كبول قدأمر بإطلاق النار، وهولايفعل ذلك إلابقرارمن الداخلية، والداخلية لن تقوم بإعطاء هذا القرارإلا من بشارالأسد، وهوماكنت أشيرإليه بالقول: أدين،”كبول وأمره وآمر آمره بإطلاق النار”، وذلك في سياق الإدانة. وعندما طلبت من ذلك الشاب، أن يجلب لنا اللقطات المصورة، تملص، ربمالأن من صورها، لم يعطه إياها، ولكن، هذا الشاب الذي كان أكثر-حماساً- طلبت منه، ذات مرة، أن أستخدم هاتفه، للرد على اتصال هاتفي، من إحدى الفضائيات، بعد انقطاع خطنا الهاتفي، ورحنا إلى بيته، ولكنه، قبل موعد الاتصال بدقائق، اعتذر، فاضطررنا للرد، عبرالهاتف الخليوي، رغم أن الفضائية كانت قد طلبت رقم هاتف ثابت….!
مشعل التمو:
في تلك الأيام، الأكثرخطورة، كنا- بحاجة- إلى تسجيل نسخ سي دي عن الشريط الأصل**، وحدث أن الشهيد مشعل قدأتانا، ومعه زوجته، إلى جانبه، كي يبين لمن يعترض طريقه، أنه في زيارة عائلية، بعد أن اتصلت به، قائلاً: لا أحد يستنسخ لنا مقاطع الفيديو، فجاء، ومضى، ليعود إلي بعد ساعات، وعلمت في مابعدأنه استنسخها، في” استيريو” عائد لرجل أعمال كردي”……….” قام بمهمة أخرى، لصالح أسرتنا، عندما اعتقل ابني آراس، وصديقه”بارو من سنجق عامودا “، من قبل الشرطة العسكرية، فقد قام بإطلاق سراحهم. أعطاني عدداً لابأس به من النسخ، كي نوزعها على بعض وجوه المعارضة، ربما في اليوم التالي، عندما جاء وفد من لجان حقوق الإنسان والمجتمع المدني-عن طريقه وبدعم مالي من الراحل إسماعيل عمر-فأقاموا ندوة جماهيرية في باحة بيتي، بعضهم قاطعها، ودخل غرفة بيتنا، تحسباً للمساءلة ، وكان من بين الوفد: ياسين الحاج صالح، وأتصورأن هيثم المالح لم يكن موجوداً لذهابه إلى الحسكة…..!.
غرفة عمليات:
مكتبتي، وكانت عبارة عن غرفة مقتطعه من أصل غرفتين، فيها آلاف الكتب ، ويتردد عليها أصدقائي، منذ ساعات الصباح إلى وقت متأخرمن الليل، وكان أفراد أسرتي، كلهم، يسكنون غرفة واحدة، وأبنائي ممن كانوا طلاب شهادة، في الإعدادية، أوالثانوية، أو المعاهدأوالجامعة، يتابعون دراستهم في غرفة واحدة، مع أمهم، وبقية الصغار،حيث كان فائق طالب شهادة”ثانوية” :ثالث ثانوي، وإن كانوا- لاسيما كرم وفائق- سيضطرون إلى إدارة مابين أيديهم من مواقع إلكترونية، ومن بينها مواقع” فكّ الحجب” التي ما إن كانت تحجب، حتى يقوم فائق بإيجاد موقع آخر، يحضرني-الآن- اسما اثنين منها، وهما خاجيروك-قرطمين…..إلخ.
أتذكر، كان- فائق- يقوم بتنضيد الأخبار، وإعدادها فنياً، وإرسالها للنشر، وكتابه الدراسي على الطاولة، يرميه، بنظرة، بين لحظة وأخرى،، على امتداد ساعات طويلة، إلى أن يهده النوم، كي يستلم الكمبيوتر-الوحيد- كرم، يكتب مايصل من أخبار، يأتي بها المتواصلون معنا، شخصياً، أوعبرالهاتف، أو يكتب بعض المقالات باسماء مستعارة، منها: ريكارقرطميني-رشويوسف- ويران علي، بينما كان فائق يكتب باسم” شيار شيخ سعيد”، وكان عدد من الأصدقاء يساعدوننا في تنضيد ما أكتبه، وكان بيت الصديق سيامند ميرزو-بشكل استنثنائي- مفتوحاً لنا، حيث تنضد زوجته، مايفيض من مواد في بيتنا، بل كان هناك بعض المترددين، يومياً، يقوم بمثل هذا التنضيد” لم أذكرأسماء هؤلاء لئلا يساء الفهم، رغم أن من قام بالعمل هنا فقد كان يقوم بما هومشرف”..
في هذه الفترة، كنت أنشر بعض المقالات، بأسماء أخرى، بالإضافة إلى ماكنت أكتبه باسمي، وقد دخل على الخط الصديق الفنان التشكيلي خليل مصطفى الذي كان قد كتب بأسماء، عدة****، ومنها اسم: كوني سبي، الذي كتب به عن الانتفاضة، ولم يكن في بيته لاكمبيوترولا إنترنت، لذلك، فإن مقالاته في تلك المرحلة، كانت تنضد-في الغالب-في منزلنا، وأتذكر، أنه صار ينضد مقالاته بيده على كمبيوتربيتنا، بعد أن يخلى البيت من الزوار، وإن كان بعض من ترددعلى بيتنا، وسواهم، وضمن دائرة ضيقة قدعرفوا أنه كوني سبي.
كنت أضطر، بين فترة وأخرى، أن أنقل –غرفة عملياتنا- إلى بيت أمي، لاسيما عندما وجدنا بعض المراقبة، بأساليب- متعددة- وأتذكر، ذات مرة، عندما شممنا رائحة- كبسة- على البيت، نقلنا الكمبيوترإلى غرفة والدتي، التي كانت تحرسني، ليس طوال فترة عملي على الكمبيوتر، بل حتى بعدما أنام. كانت لاتفتأ تردد لي بعض القصص التي فيها موقف بطولية لبعض الأجداد، وهي تتباهى باعتباري امتداداً لهم، وكان الكمبيوتر- من النوع الثابت- نفك قطعه، وننقله معنا، حيث لم يكن عندنا أي كمبيوتر محمول. كان هناك ثمة حذركبير، أثناء إرسال الأخبار، حيث يتم اعتماد تغيير” الآي بي”، ليكون الإرسال، وكأنه من بلد آخر، بل كان يتم حذف أثر زيارة الموقع الكردي، أوالمعارض، بل ويتم الحذرالتام- وبشكل خاص-مع روابط نشرالمواد.
يتبع……………….
*المقال كتب قبل خمس سنوات، وفي الذكرى العاشرة للانتفاضة، وكنت أكتب عشية كل ذكرى مقالاً، أو سلسلة مقالات استذكارية، بهذه المناسبة. إذ كنت أكتب في السنوات الأولى مقالات عدة، إلا أنني بعد سفري اضطررت لأكتب مقالاً أو أو أكثربقليل، بخصوص المناسبة..
**كان الشاب دلبرين، وهومن طلابي، وصديق ولدي أيهم، قد اعتمدت عليه، في قضايا نسخ السيديات، وغيرها من القضايا التكنيكية. محله كان مغلقاً في الأيام الأولى من الانتفاضة، ككل محال الكرد، لذلك فقد كنا بحاجة إلى من يستنسخ لنا الفيديوهات التي جمعها دلبرين تالياً، بدوره، كما جمع الشهيد مشعل أجزاء منها في” قرص” مدمج، خاص، قبل ذلك. أرشيفنا ذاك لدى دلبرين نسخة كاملة منه..!
بعد سنتين، من تأسيس كسكايي، وبعد مرحلة ضم الراحل سيامند إبراهيم إليها، أسندتُ إلى دلبرين مهمة أمانة سر المنظمة، وتكلف المحامي جميل إبراهيم برئاستها وعضوية آخرين: د. خالد حسان- أيهم إبراهيم
*** للأسف، لم أعثربعد على الحلقة الثانية من المقال
****في الأيام الأولى للانتفاضة، كانت الأسماء التي كتبت في هذا المجال قليلة، منها:إبراهيم محمود- مشعل التمو- وآخرون.
كان التحرك جد صعب، ومحفوفاً بالمخاطر، وكانت المدينة تعيش حالة- منع تجول- ودفع أكثرمن شخص حياته، في هذه الفترة…
بعد فك الحصار-التدريجي- عن قامشلي، باتت بعض الأقلام تكتب ومنها: سيامند إبراهيم رحمه الله، وكتب الصديق خليل مصطفى قبله، أمد الله بعمره..!
-هنا- أعتذر، عن عدم تذكري للتواريخ، بدقة، ولكن يمكن تثبيتها عبر ماتبقي من روابط نشرهاتيك المقالات…