السادة الكرام في وزارة الخارجية لروسيا الإتحادية
تحية طيبة ونشكركم على هذه الدعوة الكريمة والحيوية لشعبينا وبلدينا!
تعلمون أن الكورد كأحد أقدم شعوب الشرق الأوسط، احتضنوا أقوام كثيرة في بلادهم ويتميزون بالاعتدال والتعايش السلمي، حرموا من حق تقرير مصيرهم حتى الآن وقسمت بلادهم بين أربع دول ويتعرضون للاضطهاد والإبادة باستمرار كضحايا النظام الدولي السائد. بحكم جغرافيتها الشاسعة وتاريخها الطويل تتميز روسيا الاتحادية بامتلاكها ميراث غني من الخبرة التاريخية والثقافية والإدارية الطويلة منذ العهد القيصري والسوفييتي والحالي في التعامل مع القضايا القومية للشعوب المختلفة داخليا وخارجيا وتعلم أيضا أن الكورد كانوا الوحيدون حلفاء للاتحاد السوفييتي في الشرق الأوسط حتى ستينات القرن الماضي وحصلوا على دعم كبير ـ سياسي وعسكري حتى أواسط السبعينيات.
انطلاقا من هذه الحقيقة وبحكم الجوار الجيوسياسي والعلاقات التاريخية المتشعبة لمئات السنين بين روسيا وكوردستان بالإضافة إلى الدور الريادي لروسيا في سوريا حاليا، فإن الشعب الكوردي في سوريا يعول على روسيا الاتحادية في صياغة دستور عصري لسوريا يحترم التعددية والحقوق الفردية والجمعية ويضمن حلا ناجعا لقضيته القومية التي تعتبر شرطا أساسيا لإخراج سوريا من مأزقها الحالي ومن حروب أهلية محتملة بعناوين الإنكار القومي والتهميش ولأجل بناء نظام ديمقراطي مستدام.
الواضح أن القضية الكوردية هي الغائب الحاضر في مختلف توازنات أطراف الأزمة السورية منذ بدايتها وأن الحرب الأهلية خلقت شروخا كبيرة بين مختلف المكونات السورية. كما أن إعلان الرئيس ترامب انسحاب قواته من سوريا أحدث خلطا كبيرا لأوراق الأزمة السورية واعتبرته تركيا فرصة للانقضاض على الشعب الكوردي شرق الفرات مع مرتزقتها الإرهابيين وتكرار ما قامت بها من جرائم حرب في عفرين من قتل ودمار وتغيير ديمغرافي، ما من شأنه إعادة الأزمة السورية إلى المربع الأول وتقوية الإرهاب وتعريض الشعب الكوردي من جديد لكارثة إنسانية كبيرة. ولذلك يرفض الشارع الكوردي والعربي والسرياني أي تدخل تركي بالمطلق ويرى أن بإمكان روسيا منع تركيا من الهجوم على شرق الفرات والمساهمة في بناء منطقة أمنة هناك، وبإمكانها أيضا طردها مع مرتزقتها من عفرين وتوحيد الصف الكوردي في سوريا وضمان الحقوق القومية للشعب الكوردي الذي يشكل القومية الثانية في سوريا في إطار دستوري دائم ببنود فوق دستورية كحل لقضيته باعتبارها ضمانة لحقوقه ومفتاحا للاستقرار والتنمية المستدامة والديمقراطية في سوريا موحدة، ويؤمن حياة كريمة وتعايش سلمي لمختلف مكونات المنطقة ومشاركتها في السلطات التشريعية والتنفيذية المحلية منها والمركزية، خاصة وقد سبق أن طرحت روسيا مقترحات بهذا الخصوص. كما يتفق الجميع على أن الكورد هم من هزموا الإرهاب الداعشي وحافظوا على الأمن في المنطقة طوال الأزمة السورية، وأن لابد من تحرير عفرين من الاحتلال التركي بأسرع وقت. كما يرفض الكورد جميعهم الصراع الداخلي أو أية معارك جانبية، وتؤلمهم التصريحات الأخيرة المحرضة ضد قضيته التي تتعرض لإرهاب ممنهج من قبل الدول المقتسمة لبلاده، أو أن تتنافس الدول العظمى على إرضاء تركيا على حساب الكورد أو أن تهدد بعضها البعض بالورقة الكوردية دون أن تقدم مشروعا منصفا لإحقاق حقوق الشعب الكوردي.
ونحن كمستقلين ذوي العلاقة مع مختلف أطراف الحركة الكوردية من أحزاب سياسية ولجان المجتمع المدني ومثقفين، وكخريجي المعاهد السوفييتية، نتطلع إلى الأخذ بمقترحاتنا وملاحظاتنا والمساهمة الروسية في ترتيب البيت الكوردي ومعالجة قضية الشعب الكوردي في سوريا بدءا من النقاط التالية:
1ـ الإقرار بوجود الشعب الكوردي وحقوقه في المبادئ الدستورية العليا بحيث لا يمكن لأغلبية عرقية العودة إلى سياسات الإنكار أو تعديلات إقصائية للدستور، وتعريف سوريا على أنها وطن تشاركي لجميع الجماعات الأهلية.
2ـ مراعاة مشاركة كوردية عادلة في لجنة مناقشة الدستور وفق عدد السكان وإقرار حكم ذاتي
للمنطقة الكوردية كما اقترحتها روسيا لجلسة جنيف، وذلك بضمانات دولية بالإضافة إلى تأسيس محكمة دستورية.
3ـ أن تتوسط روسيا بين الكورد والحكومة السورية وأن تضمن تنفيذ الاتفاقيات لان الاستقرار والديمقراطية يضمنان المصالح الروسية والكوردية والسورية عامة، ويقطعان الطريق على تهديدات تركيا التي باتت عاجزة عن إخفاء علاقاتها مع النصرة وداعش.
4ـ من الأهمية بمكان أن تستخدم روسيا ثقلها في التأثير على مختلف أطراف الحركة الكوردية في سوريا (حركة المجتمع الديمقراطي وحزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكوردي والأحزاب الأخرى) لتوحيد تمثيلها وتطوير برنامجها وسياساتها في مطالب مشتركة في مفاوضاتهم مع النظام وفي المحافل الدولية ومع الأطراف الأخرى المعنية (روسيا، الولايات المتحدة الأمريكية، تركيا وإيران).
5ـ أن تساهم روسيا مع القوى الدولية الأخرى في مراقبة المنطقة الآمنة المزمع بناءها في شرق الفرات.
6 ـ ضمان التوزيع العادل للميزانية السورية من خلال الدستور في شكل لامركزي، إذ تشكل مداخيل المنطقة الكوردية (النفط والغاز والمياه والمنتوجات الزراعية) 80% من ميزانية سوريا وهي مهمة جدا لعملية إعادة الإعمار في سوريا، بينما تبقى المنطقة الكوردية هي الأولى في التخلف والفقر والأمراض.
7ـ العمل على تطوير العلاقات التاريخية الجيدة بين الشعبين الروسي والكردي بما يخدم الطرفين.
مع تمنياتنا الصادقة لكم بالتوفيق
الوفد الكوردي المستقل
موسكو 2019ـ02ـ26