المنطقة الآمنة … وجهة نظر

قاسم إدير 
تركيا ليست فاعلا حقيقيا في منطقة الشرق الأوسط إلا من حيث كونها أداة الكبار لخلط الأوراق في المنطقة .. لا شيء غير ذلك .. أردوغان الغير المتزن سياسيا يشبه إلى حد كبير زعماء الاسلام السياسي الذين ساعدتهم تموجات مخاض الشرق الاوسط الجديد في ركوب المستحيل … الشرق الأوسط الجديد الذي رسمت خريطته قبل عقود مضت .. كان على أمريكا أن تتبع تطوره منذ ولادته بعد حرب الخليج الاولى .. ونموه الذي سيستمر لعقود أخرى … أمريكا وحلفائها الأروبيين  تمكنوا من تحديد الجهاز الجديرة بالوكالة عنها لتنفيذ خريطة المنطقة الأكثر أهمية في التاريخ البشري منذ الأزل الديني الميتافيزيقي إلى عصر النفط والبيتروإرهاب …
بدأت اللعبة وانتهت باختيار أربع قوميات أصيلة في المنطقة بتاريخ سياسي وثقافي عريق وغارق في التاريخ إسرائيل ( اليهود) و الذين عادوا بعد قرون الى أرضهم التاريخية .. ايران بنفوذها الرمزي الديني في المنطقة ..تركيا العثمانية التي لا يمكن ان تستبعد من اي معادلة تتعلق بخريطة الشرق الاوسط الجديد .. الرابع الشعب الكردي الذي رغم أنه لا يملك ثقلا سياديا على ارض جغرافية ما محددة .. الا أن اختياره لم يكن من باب الصدفة بل لأنه الشعب الوحيد الذي بإمكانه تحمل المشروع دون نوايا توسعية … هو أصلا في نقطة الصفر .. ويهدف فقط الا جمع شتاته لشعب لم ينصفه التاريخ .. امريكا والحلفاء الاروبيين قلموا أظافر الدولة العثمانية ..ونتفوا ريشها . وتقزيمها في حدود ضيقة بعد أن كانت امبراطورية عظمى .. بعكس ايران التي استطاعت في زمن قياسي لا يتجاوز ال 40 سنة توسعها الرمزي على حساب كل دول الشرق الأوسط ..من اليمن ولبنان و كل دول الخليج ..والعراق وسوريا .. اسرائيل كمروض للأفاعي .. التي تعيش على ايقاع تهديد بالرمي في البحر منذ نشوئها الى الان .. لم تغير حدودها الى الآن وهي تستطيع  لأن مهمتها كشرطة ومراقب وسفارة معتمدة … ايران دعمت سقوط صدام حسين الذي كان خطأه القاتل ليس احتلال الكويت ولكن .. ثرثرته وغباؤه الشديد حين فهم معادلة النفط وتجرأ على الدخول الى المناطق المحرمة من لدن الغرب وأمريكا .. وهو النفط .. والسيطرة على تدفقه او تدبيره بحيث يمنع الكبار من استمرار التصرف فيه بحرية من حيث الكم والمقابل .. اسرائيل التي دمرت المفاعل النووي العراقي والذي ليس مفاعلا حقيقيا وانما في طور التشكل .. كانت قد جربت جس نبض العراق حتى وهو مازال صديقا لامريكا … امريكا كافأت ايران في العراق بالوجود السياسي والطائفي الواضح الآن … اما تركيا التي منحت مطاراتها للتحالف فإن مكافأتها لم تتضح بعد ومعقدة وابعادها السياسية كثيرة .. وتتضح في الواجهة الابعاد الاقتصادية ..التي طالما يتغنى بها حزب العدالة والتنمية أنه بفضله تقدمت تركيا اقتصاديا …
يبقى الكرد الشعب الوحيد الذي لم يتلقى مكافأته كاملة ..لكنها في الطريق … فقد كانت مصالح الكرد وامريكا في التخلص من نظام البعث موازية .. وبالتالي لا يمكن نعت الكرد وجيشه البشمرگة بالالة او بالمرتزق حين كانت كردستان في شخص البيشمركة  المنفذ الاخير للانقضاض على صدام حسين … كان بامكان الكرد حين سقط صدام ان يتوسعوا على حساب الاراضي العراقية الى حدود بغداد .. لكن الكورد بزعامة مسعود البارزاني لم يكن سقف مطالبهم غير المطالب المشروعة في استقلالهم وتقرير مصيرهم .. فكان لهم الاعتراف اولا ثم تشكيل حكومتهم في الجزء الجنوبي لدولة كردستان التاريخية .. وقد تكون كردستان روجاڤا المقابل الثاني للمكافأة في ظل عزم امريكا انشاء منطقة آمنة شرق الفرات و اعطاء ضمانات بعدم ادارتها من طرف تركيا لوحدها .. وما اخبار من انتشار مرتقب لبيشمرگة روجافا على طول الحدود السورية من شرق الفرات الى البحر المتوسط على عرض 32 كيلو مترا الا دليل على ان الكرد مازالوا لم يأخذوا مقابل عملهم في القضاء على داعش الذي ادعت امريكا انه سبب وجودها في سوريا …
لهذا نفهم جيدا .. كيف تعقدت مشكلة سوريا .. امريكا هناك للقضاء على داعش .. الكرد يقاتلون داعش لحماية شعبهم في روجاڤا .. ايران ومليشيات الاسد لحماية كرسي الرئاسة .. اسرائيل لحماية حدودها من ايران والاسد.   اخيرا تركيا التي تخاف من تعاظم الكرد في شخص عدوها اللذود حزب العمال الكردستاني .. وخدامه بالوكالة pyd ..pyk وغيرها …

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود شهدت منطقة الشرق الأوسط تحولات سياسية كبرى خلال العقود الأخيرة، وكان من أبرزها انهيار حزب البعث في كل من العراق وسوريا، وهو الحزب الذي حكم البلدين لعقود طويلة بقبضة حديدية وحروب كارثية اكتوت بها شعوب البلدين وشعوب المنطقة وخاصة كل من لبنان وإيران والكويت، ناهيك عن الضحايا الذين فاقت اعدادهم الملايين بين قتيل وجريح ومعتقل ومهجر، أدت تلك…

بوتان زيباري في عالمٍ يموج بين أمواج الآمال والظلمات، يقف العرب السُنة اليوم على مفترق طرق تاريخيّ يحمل في طياته مفهومات المسؤولية وجوهر الهوية. إذ تتساءل النفوس: هل ستكون سوريا جنة المواطنة المتساوية أم ميداناً لحروب أهلية لا تنتهي؟ ففي قلب هذا التساؤل تنبعث أنوار براغماتية تعلن رفض الوهم الخادع لإقامة دولة إسلامية، وفي آنٍ واحد تفتح باب السلام…

فرحان كلش بلاد مضطربة، الكراهية تعم جهاتها الأربع، وخلل في المركز وعلاقته بالأطراف، فمن سينقذ الرئيس من السلطة الفخ؟ أحمد الشرع يسير على حقل ألغام، كل لغم شكل وتفجيره بيد جهة مختلفة. في الإنتماء الآيديولوجي قريب من الأتراك، في منحى القدرة على دفع الأموال والبدء بمشروع بناء سورية في جيوب السعوديين، التمهيد العسكري لنجاح وثبته على السلطة في دمشق اسرائيلي…

أزاد فتحي خليل* منذ بداية الأزمة السورية في عام 2011، شهد المجتمع الكوردي تحديات كبيرة واختبارات دائمة في ظل تلك الظروف المضطربة. لم يكن الصراع بعيدًا عن الكورد، بل كان لهم نصيب كبير من التداعيات الناتجة عن النزاع الذي استمر لعقد من الزمن. إلا أنه، في خضم هذه التحديات، برزت أيضًا بعض الفرص التي قد تعزز من مستقبلهم.