المحامي عبد المجيد محمد*
خميني يوم ١ فبراير ١٩٧٩ قدم بطائرة خاصة نوع ايرفرانس من باريس إلى طهران. والصحفي الذي كان برفقة خميني في الطائرة قام بسؤاله: “الآن وأنت تقترب من الوصول لإيران بماذا تشعر؟”. خميني قال باختصار تام “لاشيئ”!
على الرغم من أن هذا الجواب مختصر ومثير للتعجب أيضا ولكن الآن بعد ٤٠ عامًا على تأسيس نظام جمهورية خميني لم تصبح كلمة “لاشيئ” بالنسبة للإيرانيين والعالم أجمع موضوع تعجب وابهام. لأن كلمة “لاشيئ” تحولت لثقافة عامة ووطنية في إيران. وبالمعنى الحقيقي للكلمة بعد مضي ٤٠ عامًا على حكم الفاشية الدينية تحت عنوان “السلطة المطلقة للفقيه” الشعب فعلا لايملك “شيئا” وكل ما يملكونه وكل ثرواتهم وآمالهم ذهبت أدراج الرياح.
خلال ال ١١ عاما التي كان فيها خميني على قيد الحياة تم فرض خسائر والتخلف بشكل كبير على الشعب الإيراني. والحريات تم قمعها. والاقلام الحرة تم كسرها وأغلقت جميع الأفواه وانتشرت السجون في جميع أنحاء إيران وازدادت الإعدامات بشكل وحشي. والأجهزة القمعية انتشرت مثل الفطر السام في كل مكان وانتشرت في جميع الشوارع والمدن.
القبور انتشرت في جميع أنحاء إيران. وهذا هو نتاج حكومة الجمهورية الإسلامية التي تأسست على يد خميني الذي لم يشعر بشبئ أثناء دخوله إلى إيران.
خميني فاقد الشعور هذا فرض حربا امتدت ل ٨ سنوات على الشعب الإيراني والعراقي تحت مسمى “الدفاع المقدس” وزج بجميع المراهقين والشبان من المدارس والجامعات ومراكز العمل والصناعة على جبهات الحرب. وبحقد عجيب قال بأنه سيستمر في هذه الحرب حتى آخر بيت مصنوع من الطوب في طهران وبكل غضب رفض مفاوضات السلام حتى استسلم لإيقاف إطلاق النار على أثر حركة السلام في المقاومة الإيرانية.
وعلى اثر هذه الحرب فرض خميني أكثر من مليوني قتيل وجريح ومعاق على العوائل الإيرانية. و ٤٠ ألف من القوات الإيرانية تم أسرهم. وتم فقدان أكثر من ٧ آلاف شخص من القوات الإيرانية. ٥٠ مدينة و٣ آلاف قرية إيرانية دمروا بالكامل. وتم تشريد ٤ ملايين شخص من الشعب الإيراني وأصبحوا بلا مأوى. وخسرت إيران أكثر من ألف مليار دولار وتوقفت جميع المراكز الصناعية في المناطق الغربية وفي خوزستان.
خميني تحت عنوان “السلطة المطلقة للفقيه” أدار ظهره لجميع الوعود التي أطلقها في فرنسا للإيرانيين. ومن بينها نوع الحكومة التي قام بتعيينها بنفسه وفي استفتاء حكومة الشعب الإيراني لم يكن هناك أي خيارات للانتخاب وكان الشعب مجبر على خيار واحد وهو أن يقول نعم أو لا للجمهورية الإسلامية.
وأدار خميني ظهره لتشكيل المجلس التأسيسي وبدلا عنه أسس مجلسا من الملالي مرتبط به سماه مجلس الخبراء.
خميني في الأول من فبراير ١٩٧٩ يوم قدم من مطار مهر آباد في طهران ذهب نحو مقبرة زهراء في جنوب طهران وألقى بعض الكلمات التي لم يبقى وفيا لأي منها وخامنئي كولي فقيه من بعد خميني تابع نفس مسيرة الكذب والخداع.
خميني قال مخاطبا الشعب: ماذا تريد الأمة الإيرانية، أن يستمر كل القتل والقمع والنهب؟
وقال في نفس الخطاب: افترضوا أن أمة قدمت في الماضي صوتا لشخص ليصبح رئيسا، صوتهم كان فقط لمصيرهم، ألم يستطع هؤلاء الناخبين تحديد مصير الأمة بعد خمسين سنة؟
وفي قسم اخر من حديثه قال: البرلمان الذي يكون بدون رضا الشعب غير قانوني.
واستنتج بأنه عندما تصبح وتنادي الأمة بأن هذه الحكومة وهذا الحاكم وهذا البرلمان مخالف للقوانين فهو من حق الشعب أن يقرروا مصيرهم بأيديهم.
الآن خميني ليس موجودا ليجيب على أحاديثه التي تشدق بها قبل ٤٠ عامًا وليس موجودا ليتحمل مسؤولية كل هذا الدمار الذي فرضه على الشعب الإيراني والمنطقة ولكن خليفته أي علي خامنئي بصفته الولي الفقيه وأول مسؤول في البلاد مازال على قيد الحياة ويجب محاسبته على كل هذا الدمار الفوضى والقتل التدمير الذي ألحقه بالبلاد.
السؤال الأساسي والمحوري هو أنه ماذا يريد الشعب الإيراني بعد ٤٠ عامًا من حكم الفاشية الدينية؟
وهذا هو نفسه السؤال الذي طرحه خميني منذ بداية قدومه لإيران مع الناس المتجمعين في مقبرة «بهشت زهراء».
الجواب هو أن الشعب الإيراني في صفوف متحدة وبصوت واحد يطالبون بإسقاط نظام ولاية الفقيه منذ ديسمبر ٢٠١٧ وحتى الآن بلا توقف في جميع المدن الإيرانية وفي جميع المظاهرات والاحتجاجات. وجميع شرائح الشعب الإيراني ينادي بالموت للدكتاتور المتمثل بالصنم خامنئي.
وبنظرة عامة على الأخبار والتقارير المنتشرة عن الوضع الحالي للشعب المضطهد في إيران نرى لماذا لم يشعر خميني بشيئ أثناء دخوله إلى إيران.
● قيمة السلع الأساسية للشعب ازدادت بنسبة ٣٠٠ حتى ٤٠٠ %
● خلال السنوات الخمس الماضية عملية إدمان النساء انتهت بالنوم في بيوت الكرتون والصفيح.
● عمر النساء المقيمات في بيوت الكرتون في طهران وصل ل ١٥ عاما.
● الادمان انتشر في جميع العوائل الإيرانية وفي هذا الصدد قال رئيس شرطة طهران: تم الكشف عن أكثر ٢١ طن من المخدرات في عام ٢٠١٧.
● من شدة الفقر ارتفع معدل بيع الكلى بشكل غير مسبوق.
● البطالة ظاهرة مشؤومة تشتمل على قرابة ٢٠ مليون شخص من الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين ١٠ و ٢٩ عاما.
● الظاهرة الصادمة المعروفة باسم بيع الأطفال انتشرت في العديد من المدن الإيرانية ونقرأ في وسائل الإعلام الحكومية:
لقد انتشر بيع الأطفال في المجتمع وهم يبيعون الطفل بمبلغ ٥٠ ألف تومان ما يعادل ٤ دولار . واغلب الأطفال الذين يتم بيعهم هم لنساء مدمنات يعلقن لافتات على جدران المدن لبيع أطفالهن من أجل شراء المواد المخدرة.
وكتبت وكالة أنباء ايلنا بتاريخ ١٤ يوليو ٢٠١٨: سنويا يقدم أكثر من ٥ آلاف شخص على الانتحار.
شهاب نادري عضو اللجنة الاقتصادية لبرلمان النظام قال في تاريخ ١٣ مارس ٢٠١٨: ٨٠% من المجتمع الإيراني يعيشون تحت خط الفقر.
برويز فتاحي رئيس اللجنة المعروفة في لجنة إغاثة خميني قال: ما يقرب من ١٠ حتى ٢٠ مليون من الشعب الإيراني يعيشون تحت خط الفقر المطلق. وفي الجلسة العلنية للبرلمان المؤرخة في ٢٩ يوليو ٢٠١٨ قال أحد البرلمانيين ويدعى هدايت الله خادمي:
منذ ٤٠ عام وهناك ٢٠٠ عائلة تتحكم بمصير كل البلاد وهم يتنقلون من وزارة لأخرى.
خميني في بدايات تسلمه للسلطة قال للملالي الحكوميين في قم: “عليكم الخوف من اليوم الذي يدرك فيه الناس باطنكم ويحصل الانفجار.
في ذلك اليوم، لن نعود إلى 22 بهمن (11 فبراير 1979، ذكرى سقوط الشاه وقدوم خميني إلى السلطة). في هذه الحالة سيقرأون الفاتحة علينا كلنا” ( صحيفة خميني – المجلد ١٤ الصفحة ٣٨٠)
كما أن السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية قالت مرات عدة بأنه لايوجد سبيل لإنهاء كل هذه الآلام والمصائب والمعاناة والدمار والتشرد الناجم من حكم الفاشية الدينية المشؤوم إلا بالإسقاط التام والكامل لهذا النظام على يد الشعب والمقاومة الإيرانية والاعتراف رسميا بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
* كاتب حقوقي وخبير في الشؤون الإيرانية