بقلم عبدالرحمن مهابادي*
بنظرة على العقود الأربعة الماضية من الحكم غير المشروع للملالي على إيران نشهد بداية نهاية النظام الدكتاتوري الديني الحاكم في إيران. أول نظرة للماضي:
إن فترة العامين ونص العام بعد سقوط الدكتاتور الشاه، كانت دورة امتحان واختبار خطير بالنسبة للقوات الديمقراطية والتحررية الإيرانية. كان من الطبيعي أن العديد، قد نما مثل الأعشاب الربيعية، ولكن لأنهم لم يكونوا أهلا لها ، فقد اختفوا من المشهد. أما البعض الآخر فقد تشبث بذقون الملالي ولم يبق منهم سوى اسمهم.
وعلى الرغم من أنه خلال عصر دكتاتورية الشاه، من جانب السافاك التابع للشاه، ذهب العديد من الملالي وأنصارهم اليساريين على الظاهر لحد الانهيار، ولكن بفضل وجود أحد الناجين من اللجنة المركزية أي السيد مسعود رجوي وتضامن وتعاون عدد آخر من كوادرها داخل السجون، تحول مجاهدو خلق خلال فترة العامين ونص تلك إلى قوة أساسية ومحورية فيها لمواجهة الأصولية الإسلامية للملالي وبفضل معرفتهم الصحيحة للتيارات الرجعية التي كانت تمثل من قبل خميني وأيضا بفضل بقائهم في خط النضال من أجل الحرية فقد تم تخليد اسمهم في التاريخ وتحولوا لخصم عنيد وشرس لنظام الملالي.
خميني الذي رأى وجوده مهددا بالخطر أمام مجاهدي خلق عزم على إبادة هذه القوة المحورية. فأصدر فتاوى ضدهم واعتبرهم “منافقين” و بأنهم “أسوأ من الكفار” واعتبر أن إراقة دمائهم بأي طريق ممكن حلال وجائز. وهذا القتل يستمر حتى يومنا هذا.
ولكن هذه القوة المناضلة وبسبب الوضع المجتمعي في ذاك الوقت لم تقرر الوقوف وجها لوجه مع خميني ولإظهار الحجة والدليل التاريخي على خميني نهضوا من خلال تشكيل مظاهرة نصف مليونية في طهران بتاريخ ٢٠ يونيو ١٩٨١.خميني كان خائفا من سحق نظامه من قبل هذا السيل العارم من القاعدة الجماهيرية الكبيرة لمجاهدي خلق ووضع خميني نهاية لهذه المواجهة من خلال استصداره قرارا بإطلاق النار المباشر على المتظاهرين السلميين. وبذلك فرض حربا غير مرغوب فيها على المجتمع الإيراني.
وفي أعقاب هذه الواقعة التاريخية، تغير المشهد في إيران كليا وبعد عدة أيام تم الإعلان عن تأسيس المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي شكلت منظمة مجاهدي خلق محوره الأساسي بعضوية عدد كبير من القوات التحررية والتيارات والشخصيات الإيرانية الشهيرة من قبل السيد مسعود رجوي.
وفيما بعد ذهب السيد مسعود رجوي في رحلة تاريخية وخطيرة جدا إلى فرنسا من أجل الإعلان عن البديل الديمقراطي. وقد انضم هناك عدد آخر من القوات والشخصيات السياسية المعارضة للملالي للمجلس ويتمتع المجلس بأسس قوية. ومنذ ذاك الوقت كان البديل الديمقراطي متاحا وقد تم الإعلان في عمليته المتكاملة عن الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة السيدة مريم رجوي في عام ١٩٩٣.
الآن مضى ٣٧ عام على تأسيس هذا المجلس الذي يعتبر الآن اقدم ائتلاف سياسي في تاريخ إيران. وليس خافيا على أحد بأن القوة المحورية لهذا المجلس هم مجاهدو خلق الأمر الذي يعتبر ضمانا كبيرا لمستقبل هذا المجلس ورؤية قريبة جدا لإيران الحرة غدا.
ولو نظرنا بمقدار منصف ومنطقي للقضية الإيرانية في العقود الأربعة الماضية سنجد بوضوح بأن هذه الحرب غير المتكافئة خلال أربعة عقود ماضية كانت بين جهتين متخاصمتين في جميع المجالات والمناطق. الحكومة الدينية لولاية الفقيه من جهة والقوة المطيحة للملالي التي رفعت شعار إسقاط الحكومة الدينية للملالي منذ ٣٧ عاما ماضية وقدمت في سبيل ذاك تكاليف باهظة. وهذه القوة نفسها هي من كانت معرضة للسجن والتعذيب والشهادة في نضالها ضد النظام البهلوي الدكتاتوري وكان أول ثمار هذا النضال هو سقوط نظلم محمد رضا شاه بهلوي في تاريخ ١١ فبراير ١٩٧٩.
الآن بعد بدء الانتفاضة الوطنية العارمة للشعب الإيراني تغيرت الظروف كليا حيث أجبر المجتمع الدولي لأول مرة على الاعتراف بمطالب الشعب الإيراني واستراتيجية المقاومة طويلة الأمد أي إسقاط نظام الملالي وأجبر على الوقوف لجانب الشعب الإيراني. من الطبيعي جدا بأن يتقاسم من تبقى من نظام الشاه ونظام الملالي عداء هذا البديل الديمقراطي بشكل هستيري. لأن بقايا نظام الشاه يرون أنفسهم كرتا محروقا لا أكثر وعملاء نظام الملالي يرون بأم أعينهم سقوطهم العاجل والقريب على يد الشعب والمقاومة الإيرانية.
الحقيقة هي أن مشروعية أربعة عقود من النضال المستمر للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لم تترك أي مجال لنجاح المؤامرات الرجعية والاستعمارية الرامية لصنع بديل مصطنع ووهمي. لأن البديل الحقيقي لديه قوانين وأسس قوية تتجلى فقط في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. ومن بين هذه الميزات، التمتع بوجود قوة مخلصة ومضحية ومقاتلة وذات تجربة كبيرة ومنتخبة من الشعب ومن أجل الشعب، ومستقلة وخاصة من الجانب المالي ومعتمدة على شعبها ومتشكلة مع بنية ديمقراطية وتتمتع بقيادة وانسجام وشهرة في داخل إيران وخارجها وتمتلك نظاما إداريا قام بالتعريف للمرحلة الأولى مابعد سقوط نظام الملالي وأيضا لديه منصة معلنة من أجل إيران الحرة غدا تم خلالها عرض حل ديمقراطي متقدم لأهم مشاكل المجتمع.
الآن وعشية مرور أربعين عام على سقوط نظام الشاه على يد انتفاضة الشعب الإيراني ودخول انتفاض الشعب الإيراني الحالية ضد نظام الملالي عامها الثاني، هب المجتمع الدولي لدعم هذه الانتفاضة وقام بإعمال عقوبات مميتة ضد النظام. وبالتوازي مع هذا يشهد العالم صعود البديل الديمقراطي أي المجلس الوطني للمقاومة الإيراني كبديل ومنافس وحيد وحقيقي لنظام الملالي. فعلي خامنئي وبقية مسؤولي النظام الكبار والصغار اعلنوا عن خوفهم وذعرهم مرات عديدة من مثل هذا البديل. فهم يعلمون جيدا بأن المحرك الاساسي لانتفاضة الشعب الإيراني هي المقاومة الإيرانية التي تشكل مطلب اسقاط نظام الملالي وخلق الحكومة الشعبية والوطنية والديمقراطية والتعددية والتي تفضل الدين عن الحكومة أقل مطالبها. نعم ثوابت ومبادئ الانتفاضة المناهضة للحكم الملكي لم تمت ولم تذر كالرماد، فالمقاومة الإيرانية مؤمنة ايمانا كاملا بانتصارها.
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.