عام الخير والبركة يبدو واضحا من ربيعه!

بقلم عبدالرحمن مهابادي*
في الآونة الأخيرة شهدنا بدء موجة جديدة من التطورات الدولية التي تتعلق بقضية إيران وأهمها كان مؤتمر وارسو. وبعد أمريكا بدأت أوروبا أيضا موجة من العقوبات ضد النظام الأمر الذي لم يتوقعه هذا النظام قط. فخلال الأعوام الماضية كان يسعى الملالي اللعب على الاختلافات الأمريكية الأوروبية بشأن الاتفاق النووي ليستثمروها لمصلحتهم الخاصة ولكن الآن يبدو أن هذه المساعي من كلا الاتجاهين أي النظام الإيراني والأوربيين قد فشلت وواجهت عوائق لا يمكن إزاحتها بهذه السهولة.
الأوروبيون خلال العام الماضي كانوا يواجهون موجة جديدة من إرهاب النظام الإيراني لم يستطيعوا عدم التركيز عليها. لأن انتفاضة الشعب الإيراني غيرت وضع وحالة هذا البلد والظروف الدولية المحيطة أيضا. وإذا قمنا بإلقاء نظرة على برنامج ال ١٢ مادة لوزير الخارجية الأمريكي السيد بومبيو في العام الماضي نرى أن التطورات الدولية أخذت تتشكل منذ ذاك اليوم بشكل جدي أكبر وهذا الأمر أجبر الدول الأوروبية على التماشي مع هذا البرنامج. ولكن في البداية أبدت الدول الأوروبية معارضتها لهذه الاسترتيجية ولكن مجرى الأحداث جعل أوروبا مجبورة على الابتعاد عن النظام.
السبب الرئيسي والمتجذر في هذا المجال هو انتفاضة الشعب الإيراني في الداخل التي مازالت مستمرة ولم يستطع النظام إطفائها. فرسالة الاحتجاجات في داخل إيران واضحة وهي “يجب تغيير النظام” والموضوع ليس موضوع خلاف أو صراع بين صاحب عمامة بيضاء او سوداء. الموضوع الأساسي يدور حول الديمقراطية والحرية. والعالم اليوم أجاب بالإيجاب لصوت الشعب الإيراني من أجل حكومة الحرية والحكومة الديمقراطية. وأول تلك الأجوبة هو تكثيف العقوبات المميتة ضد حكام طهران. وعلى الرغم من الوضع المعيشي المزري للشعب الإيراني إلا أنهم مسرورون من معاقبة الملالي ويتمنون بأنهم يتخلصوا من هذا النظام الخبيث والشرير في أسرع وقت ممكن.
والإيرانييون المقيمون في خارج إيران الذين يشكلون بأغلبيتهم مناصري المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية والسيدة مريم رجوي قاموا بزيادة وتكثيف فعالياتهم في دعم انتفاضة شعبهم. ومن المقرر في ٨ فبراير القادم أن يعقدوا مظاهرات كبيرة في باريس للتضامن مع انتفاضة شعبهم. 
عشية مرور ٤٠ عاما على الثورة التي أطاحت بالنظام الملكي سيقوم الإيرانييون المتظاهرون في ٨ فبراير بإيصال مطالب الشعب الإيراني لمسامع العالم وليعلنوا بأن ثوابت ومبادئ الثورة السابقة مازالت قائمة وبأنهم لن يقعدوا حتى تحقيقها.
سينادون بصوت واحد مع الشعب الإيراني بسقوط النظام الدكتاتوري الديني الحاكم في إيران. وهذا إجراء ضروري ومهم في نفس الوقت لأنه بعد عدة بعدها سنشهد أيضا عقد مؤتمر وارسو الذي ستشارك فيه عشرات الدول بقيادة الولايات المتحتدة لتركيز نشاطاتهم على تغيير النظام في إيران وهذا الأمر بالطبع يعتبر خطوة نوعية في طريق دعم انتفاضة الشعب الإيراني وسيقصر من العمر المتبقي لهذا النظام.
ودعونا لاننسى بأن الملالي ولوبيات نظامهم في الغرب لن يظلوا متفرجين، ففي العام الماضي شهدنا أيضا سعيهم لإطفاء انتفاضة الشعب الإيراني من خلال تقديمهم لبديل مصطنع من جهة، ومن جهة أخرى حاولوا جر البديل الديمقراطي الحقيقي والوحيد أي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية جانبا ولكن هذه السناريوهات فشلت بفضل ثبات وتجذر هذا المجلس وبفضل الخصائص المميزة الأخرى التي يتمتع بها وبهذا الشكل تحول المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بقيادة السيدة مريم رجوي بصفته البديل الديمقراطي الوحيد لنظام الملالي الحاكم في إيران إلى حقيقة لايمكن إنكارها على أرض الواقع.
الآن تمر إيران بمرحلة جديدة بعد مرور عام كامل على انتفاضة الشعب الإيراني الرامية لتغيير نظام الملالي ومسؤولي هذا النظام لم يستطيعوا إخفاء ذعرهم وخوفهم مما من الممكن أن يحدث في العام الجديد، فهم ولوبياتهم الغربيون في نفس الوقت يسعون لنشر هذه الفرضية الكاذبة بأن حربا ستندلع في المنطقة وذلك من أجل منع الشعب الإيراني عن الاستمرار بانتفاضتهم. ويأتي هذا في حين لا يرحب أي طرف في المعادلات المتعلقة بإيران أو المنطقة بإشعال حروب جديدة. والآن وصل المجتمع الدولي لهذه القناعة بأن تغيير النظام في إيران ممكن فقط وفقط على يد الشعب والمقاومة الإيرانية.
ونحن شهدنا خلال العام الماضي بأن ارتباط وتعاضد انتفاضة الشعب مع المقاومة الإيرانية جعل الرعب يدب بشكل عجيب في قلب نظام الملالي.
وما هو مطروح الآن على الساحة هو تأثير ارتباط هذين الأمرين على التطورات الدولية في المستقبل وعلى عمل وفعالية هذا النظام المتهالك.
لدى المجتمع الدولي حل واحد فقط لحل المعادلة الإيرانية. وهذا الحل هو الاعتراف رسميا بحق ومشروعية مقاومة الشعب الإيراني من أجل إسقاط الفاشية الدينية وحقهم في الحصول على الحرية التي كانت منذ البداية من المطالب المشروعة الأخرى للشعب والمقاومة الإيرانية.
abdorrahman.m@gmail.com
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…