في أسباب عجز أحزابنا الكردية!!

أكرم حسين
 
تذهب بعض الإجابات لدى قطاعات واسعة من أبناء الشعب الكردي في سوريا عن السؤال الذي يتعلّق بالأسباب التي أدت الى سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي على المنطقة الكردية وشمال سوريا الى نوع من السطحية والرغبوية، وبالأخص لدى انصار المجلس الوطني الكردي وقياداته، في القول بانها تكمن في الدعم المالي والعسكري الذي قدّمه النظامان السوري والايراني لهذا الحزب عبر تفعيل العلاقة التي كانت تربطه مع حزب العمال الكردستاني، وهذا القول باعتقادي لا يكشف كل الحقيقة، وفيه شيء من التهرب وتبرير الإخفاق، 
وتعليق اسباب هزيمة احزاب عمرها النضالي والسياسي تجاوز اكثر من ستين عاما على مشجب الخارج، دون البحث عن الاسباب الداخلية والعميقة للهزيمة التي تكمن في البنى السياسية والتنظيمية والثقافية والاخلاقية لهذه الاحزاب التي باتت تعيش في عصر هو غير عصرها، وتمارس خطابا سياسيا لا يتناسب مع ما استجد في زمن تغيرت فيه الاولويات، وباتت تتطلب وسائل واساليب نضالية جديدة لا علاقة لها بالزمن الفائت.
رغم ان هذه الاحزاب تحظى بدعم ومساندة من الرئيس مسعود بارزاني الذي فتح لهم الحدود، ووفر لهم كل اساليب التقدم والنجاح وعلى  كافة الاصعدة المادية والسياسية والاعلامية، الا انها لم تستطع ان تكون القوة التي يرتبط بها كرد سوريا مع العلم ان كرد سوريا يرتبطون تاريخيا بالبارزاني الخالد، ويرون فيه قائدا قوميا وتاريخيا لا ينافس، الا ان الصورة اليوم ليست كما كانت عليه، بسبب الواقع الذي فرضه حزب الاتحاد الديمقراطي ..!
ان هزيمة هذه الاحزاب التي تمتلك تاريخا وارثا نضاليا واخلاقيا امام حزب الاتحاد الديمقراطي الحديث العهد نسبيا، تكمن في الانفجار التاريخي الذي حصل مع ثورات الربيع التي اجتاحت المنطقة –سوريا- واجتاحت معها هذه الاحزاب وقياداتها التي بقيت مذهولة ومندهشة جراء الانفجار السوري، ولم تحسن التصرف في التعامل مع مجرياتها، ولم تستطع ان تتكيف مع استحقاقاتها النضالية التي اول ما تطلبته قيادة جديدة تقطع مع وسائل النضال السابقة، وتدخل الى معترك السياسة من بوابة ما استجد، حيث استقدمت الانقسامات في المجتمع السوري جميع انواع التدخلات الاقليمية والدولية التي فاقمت واقعة التشظي الكردي، وكرّست الهويات الفرعية في مواجهة الهوية الوطنية الجامعة، والنزوع الكلي الى الحرية، واغتصاب المجال العام من قبل المجموعات المسلحة، وبروز عداء سافر للهوية الكردية نتيجة الواقع العياني الذي خلقه حزب الاتحاد الديمقراطي عبر اعلان الادارة الذاتية، وانشاء قوات الحماية الذاتية التي بسطت سيطرتها على مساحة كبيرة تجاوزت المنطقة الكردية حتى اصبحت تشمل  بحدود 30% من الارض السورية بما فيها الرقة ودير الزور، واتهام الكرد بالانفصال من جميع الاطراف بما فيهم الدولة السورية،  بعيدا عن التمرد التاريخي الذي استجلب ما حدث استنادا الى مظلومية كردية انتجها الاستبداد السلطوي ونفي لوجودهم، وعدم  معالجة اوضاعهم كجزء من الشعب السوري على اساس المواطنة المتساوية والحقوق القومية.
ان ما جاء اعلاه يعتبر نقدا ذاتيا لممارسات احزاب وقوى كردية اعتبر نفسي جزءا منها استنادا الى المهمة التاريخية الملقاة على عاتقها، والتي لم تستطع ان تقوم بها، والذي تجلى في بداية الحراك الشبابي الكردي في الثورة السورية، وفي افقها قبل ان يقطع حزب الاتحاد الديمقراطي الطريق في وجهه، ويضع حداً له في اطار المشروع الذي اسس له لاحقا، وما زال في اطاره- مشروع الامة الديمقراطية – والذي لم يرَ رغم ذلك القبول من جميع المكونات حتى الآن …!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…