بيشمركة روج.. عنوان مستقبل كوردستان سوريا

  عزالدين ملا
منطقة الشرق الأوسط كانت وما زالت مسرحا للصراعات بين الدول الكبرى والاقليمية، فكانت أرض كوردستان من أكثر الأراضي تعرضاً لتلك الصراعات، ويرجع ذلك الى موقع كوردستان الأكثر استراتيجيةً وغنىً في العالم، بالإضافة الى اتفاقية سايكس بيكو التي كانت  السبب الأسوأ في زيادة تعرضها لتلك الصراعات. ومنذ تقسيم كوردستان إلى أربعة أقسام أصبحت تتبع أربع دول والتي تعتبر حكوماتها من أكثر حكومات العالم استبداداً وشوفينية. ومنذ ذلك الحين وإلى الآن يتعرض الشعب الكوردي إلى أبشع أنواع الاضطهاد والتمييز العنصري. شعبٌ تواقٌ إلى الحرية، ناضل خلالها وقدم الكثير من الشهداء،
 وكانت ثورة البارزانيين في مقدمة تلك الثورات، الذين حملوا على عاتقهم المشروع القومي الكوردي، وتفانوا في الإخلاص وثابروا عليها، ولم يتنازلوا عن مبدأهم الوحيد ألا وهي قضية شعب ووطن، إلى ان حققوا الانجاز التاريخي بإجراء الاستفتاء عام 2017، رغم تعرضهم لمعارضات اقليمية ودولية، وتعرضوا لهجوم شرس من قبل ميلشيات الحشد الشعبي الايراني. ولكن رغم ذلك لم يتزحزحوا عن هدفهم المنشود، الذي جعل من جميع الدول احترامهم، وأصبح نتائج الاستفتاء وثيقة مهمة للمستقبل.
وبعد مرور أكثر من عام، ونتيجة مواقف الحزب الديمقراطي الكوردستاني والرئيس مسعود البارزاني، وتمسكهم بالثوابت القومية والوطنية، عاد البارزانيين إلى الواجهة من جديد، وهذه المرة أكثر بريقاً وقوةً وصلابةً، وما كانت زيارة بومبيو لإقليم كوردستان التي استغرقت فترة بقائه في اربيل اطول مما قضاها في بغداد وبقية الدول التي كانت ضمن جولته، واجتماعه مع الرئيس مسعود البارزاني ونيجيرفان البارزاني ومسرور البارزاني،  ويدل ذلك على ان أمريكا تنظر إلى الرئيس مسعود البارزاني بالحليف القوي والموثوق به لمواجهة كافة الأخطار التي تهدد أمن المنطقة، وخاصة بعد الدور الذي لعبتها قوات البيشمركة في محاربة تنظيم داعش الارهابي، فرأت أمريكا ان مصلحتها تتلاقى مع مصلحة اقليم كوردستان والرئيس مسعود البارزاني، وبذلك اصبح الرئيس البارزاني الحليف الاستراتيجي لأمريكا، ومن اللاعبين البارزين والاساسيين في خلط الأوراق في منطقة الشرق الأوسط. ومن الشخصيات المهمة في الحلقة الضيقة الذين يرسمون سياسات المنطقة.
فيتوجب على الحركة الكوردية في سوريا ان تعي ذلك، وان يكونوا على قدر المسؤولية في حمل راية المشروع القومي الكوردي، فالمرحلة القادمة سيكون لمصلحة الكورد في سوريا، وسيكون لـ قوات بيشمركة روج الدور المهم في المناطق الكوردية ضمن أراضي السورية،  حيث ترى أمريكا فيهم القوة الرديفة والحليفة في المرحلة القادمة، فمصلحة أمريكا تتلاقى مع مصلحة نهج البارزاني في تلك المناطق،  وترى أيضاً في قوات بيشمركة روج الأساس في إدارة المناطق الكوردية في سوريا. وهنا يقع على عاتق الحركة الكوردية في سوريا الاحساس بالقضية، وتوحيد الصف والرؤية الكوردية بما يتطلب مصلحة الأمة الكوردية العليا.   

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…