الأمازيغي: يوسف بويحيى
عندما سلمت “كركوك” بفعل الخيانة هلل البعض عاليا بإنتهاء حلم الكورد في تأسيس الدولة، والبعض رقص فرحا بفشل الإستفتاء، والبعض شمت حالما بنهاية مسيرة البارزاني النضالية.
لم يستطع أي حزب من الأحزاب التي تدعي تحرير كوردستان الكبرى و الرمادية منها أن تدين أحداث “كركوك” في بيان ولو بسيط، بل إنهالوا بإلقاء التهم و اللوم و الشتم على الزعيم “مسعود البارزاني” بكل وقاحة، وكأن البارزاني من سلم كركوك و كوباني و شنكال للأعداء و داعش؟!.
بعد يومين من سقوط “كركوك” قلت بكل ثقة لا تتسرعوا أيها الكورد فإن الزعيم “مسعود بارزاني” سيعود أقوى بكثير مما كان عليه، وتعمدت ذكر إسم “مسعود بارزاني” لأنه الوحيد الذي تتجسد فيه إرادة الشعب الكوردي، فكلما كان “البارزاني” قويا كانت كوردستان أقوى و إرادة الشعب مسموعة.
كانت الإنتخابات الإتحادية العراقية بداية لسطوع نجم إرادة الشعب الكوردي في سماء الرأي الدولي بعد أن إكتسحها الديموقراطي الكوردستاني كأول حزب في العراق ككل، أنذاك كتبت مقالا بعنوان “فاز الهاجس العظيم”، ثم تلتها الإنتخابات الكوردستانية التي زلزل فيها “البارتي” بدعم الشعب الكوردي كل الأطراف الإقليمية و الدولية، أنذاك كتبت مقالات بخصوص ذلك أهمها بعنوان “إنتخابات أم إستفتاء ٱخر”، إلا أن القلة من كانت تفهم ما بين سطوري المتواضعة بينما كان يراها الأغلبية نفخا، وها قد وصل ذلك اليوم فأبصروا فبصركم اليوم حديد.
كنت أعلم أن الحصار الإقتصادي الذي نهجته الحكومة العراقية على الشعب الكوردي لن يجدي نفعا أبدا، كما كنت متأكدا أن الصدام العسكري البري لن يحرك ساكنا في جبهات البيشمركة، فلولا خيانة زمرة 16 أكتوبر لما تقدمت مليشيات الحشد الشعبي مترا واحدا صوب “كركوك”، ومهما كانت قوة القوات العراقية فلن تكون أقوى من تنظيم “داعش” المجهزة بأطور الأسلحة الخفيفة و الثقيلة التي كسرتها قوات البيشمركة بأسلحة بسيطة جدا، وكل العالم رأى كيف نزل الزعيم “مسعود بارزاني” بعمر السبعين سنة إلى جبهات القتال في “شنگال” و وتطويق “الموصل” مشرفا على تحريرهما بشكل شخصي، وإصراره الكبير للضغط على أمريكا و التحالف الدولي لفتح الأراضي التركية لمرور قوات البيشمركة إلى منطقة “كوباني” التي حررها من تنظيم “داعش” الإرهابي، بينما لا أحد تساءل لماذا لم يتم فتح معبر “سيمالكا” للبيشمركة؟! ولماذا تركيا رفضت فتح معبرها إلا بعد أن تلقت الأوامر من طرف التحالف الدولي بجهود جبارة من طرف الزعيم “مسعود بارزاني”؟!، والجواب واضح جدا.
تأسس تنظيم “داعش” في أقبية الدول الإقليمية بمباركة دولية بشكل واضح و فاضح، إذ كان يسعى هذا التنظيم لتمزيق شعوب المنطقة و تشتيت إرادتهم و قواتهم بالدرجة الأولى، فكان المكون العربي السني و الشعب الكوردي أكبر المستهدفين من هذا التنظيم الإرهابي، ويبقى الفرق يكمن في أن الكورد حاربوا و قاتلوا بكل بسالة و شجاعة بينما العرب السنة خسروا كل شيء بسبب جبنهم و أخطائهم السياسية القاتلة.
إستطاع الزعيم “مسعود بارزاني” مع قوات البيشمركة أن يقاتل تنظيم “داعش” من أجل تأمين الوجود الكوردي، كما لعب دورا كبيرا في تدويل القضية الكوردية دوليا بشكل ذكي من الناحية السياسية و الديبلوماسية و العسكرية، إنتهى ذلك بإجراء إستفتاء تاريخي في كل المناطق الكوردستانية التي تحررت بدماء أبناء الشعب الكوردي، ومازالت القافلة تسير على نفس النهج صوب الإستقلال و تأسيس الدولة الكوردية.
تساءلت كثيرا فيما يخص مواقف الأحزاب الكوردية الرديفة من الإستفتاء التاريخي المشروع الذي إعتبروه خطأ، قائلا في نفسي مثلا ماذا لو لم يتم إجراء الإستفتاء؟!، سؤال له جواب واحد هو أن نفس الأحزاب المعادية لإرادة الشعب الكوردي ستخرج لتقول “لم يستغل البارزاني الفرصة للإستفتاء و إعلان الإستقلال”، في كلتا الحالتين سيبقى اللوم و السب و الشتم نفسه على إسم “البارزاني” من طرف الزمرة بكل وقاحة.
لما إنتهت مدة رئاسة الزعيم “مسعود بارزاني” لكوردستان حينها قالت الزمرة الكوردية كما قال قادة العراق “أخيرا سنحاور شخصا غير البارزاني على كوردستان”، لا أعلم إن كان هذا القول جهلا منهم أو شماتة أو تباهيا لوفائهم لإيران و تركيا…، حيث لم تدم فرحتهم المسمومة إلا قليلا حينها ركضت كل الوفود الدولية و الإقليمية إلى “هولير”، والمضحك أن بعضهم ذهب سرا دون أن يظهر على الإعلام لأسباب نفسية، ومن خلال هذا الزلزال السياسي بقيادة “مسعود البارزاني” تيقن العالم أجمع من المكان الحقيقي لقرار الحركة الكوردية التي تلوح بأفق مشرق و زاهر بالمستقبل القريب.
إن المناطق الكوردية المحتلة من طرف الحشد الشعبي ما يصطلح عليها بالمناطق المتنازع عنها ستعود إلى حضن كوردستان في المستقبل بدون نقطة دم تتيجة السياسة الهادئة و الحكيمة لزعيم الأمة الكوردية “مسعود بارزاني”، والحقيقة أن “كركوك” لم تسقط بل “كركوك” أسقطت كل الساقطين و أظهرت حقيقة الجميع للشعب الكوردي و للعالم أجمع، فشكرا لك يا “كركوك”.